تسعى الحكومة الموريتانية إلى تحديث "المحاظر" الدينية القديمة، وهي المدارس العتيقة التي تميز النظام التعليمي الموريتاني، وتقدم دروسا شاملة في مختلف فروع العلم.

وحسب العربية نت، تطمح الحكومة إلى تطوير هذا النظام التعليمي الذي يقبل عليه الموريتانيون بكثرة ولايزال ينافس المدارس الحديثة، وتمكينه من أدوار تعليمية جديدة داخل المنظومة التربوية، ومد جسور التفاعل المؤسسي والشراكة التربوية بينها مع التعليم النظامي، ودعم القائمين عليها بأساليب التقويم والتسيير وتطوير الخدمات التربوية الذاتية.

وقامت وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي بالتعاون مع البنك الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة في موريتانيا، بتنظيم ورشة عمل حول المصادقة على نتائج دراسة مشروع التكامل بين المحاظر والمدارس العصرية.

ويتابع المشاركون في هذه الورشة على مدى يومين تقديم عروض، والقيام بنقاشات وعرض تقارير الورشات المتعلقة بمشروع التكامل بين المحظرة والمدرسة العصرية التي أعدها مجموعة من الخبراء المنتدبين من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

وقال وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، أحمد ولد أهل داود، إن هذه المقاربة تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لقطاع الشؤون الإسلامية، سبيلا إلى دعم ودفع دوره البارز في إنجاح سنة التعليم 2015، من خلال عطاء المحاظر والمعاهد والزوايا وفصول محو الأمية التي تبنتها الوزارة مؤخرا والخاصة بتعليم أبناء المناطق الأقل حظا في التعليم.

وأعدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية دراسة استراتيجية في إطار المشروع النموذجي للتكامل بين المحاظر والمدارس العصرية في موريتانيا لتحديث المدرسة العتيقة المعروفة محليا باسم "المحظرة"، ودعت إلى الحفاظ على منظومة التربية والتعليم الأصيل في العالم الإسلامي، خاصة "المحاظر" التي شكلت عبر العصور حاضنة للهوية الإسلامية وللخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للأمة.

وتم اختيار ثلاث محاظر رديفة نموذجية لتكون عينة للدراسة والمتابعة والتعميم في المستقبل وحسب مواصفات محدودة تتماشى مع أهداف المشروع بالاتفاق بين الإيسيسكو والوزارة وتمكينها من القيام بأدوار تعليمية جديدة داخل المنظومة التربوية.

وتنتشر المحاظر الموريتانية التي ميزت نظام التعليم بالبلاد على مدى قرون وخرجت علماء كبارا جابوا الدنيا بعلومهم، وعملوا على نشر الإسلام وتعاليمه، على طول البلاد، ويبلغ عددها حسب أرقام رسمية 7 آلاف محظرة تضم أكثر من 160 ألف طالب.

ويطلق الموريتانيون على المدرسة التقليدية الدينية "المحظرة"، وهي شكل من أشكال التدريس لا يوجد إلا بموريتانيا، فرضته حياة الحل والترحال حيث كانت هذه الجامعات البدوية تنتقل بطلابها على ظهور الإبل من منطقة لأخرى، محافظة على طابعها ونظامها التقليدي.

وتضم مختلف المراحل الدراسية من الابتدائي وحتى العالي، وتنقسم إلى محاظر كبيرة ومشهورة تدرس القرآن الكريم وعلوم الفقه وأصوله وعلوم الحديث والبلاغة والفلسفة والتاريخ والحساب والطب، وأخرى صغيرة تختص بتدريس القرآن الكريم فقط.

وأولت الحكومة الموريتانية مؤخرا اهتماما كبيرا بالمحاظر الدينية من خلال إنشاء قاعدة البيانات المتعلقة بها لضبطها ودعمها وحتى تتمكن من التعرف على شيوخ المحاظر ومعرفة مخزونهم العلمي ومستوى أدائهم والطلاب ومراحلهم الدراسية وعدد الأجانب منهم، خاصة بعد الشكوك التي أثيرت حول مصادر تمويل هذه المدارس واستقطابها لطلاب شكلوا فيما بعد نواة للتنظيمات المتطرفة.