أثارت فضيحة الفساد التي تكشفت تفاصيلها في شركات مملوكة للدولة في جنوب أفريقيا جملة من ردود الأفعال التي دفعت واحدة من كبريات الشركات العالمية في مجال البرمجيات إلى حظر سداد عمولات على العقود المبرمة مع الهيئات والمؤسسات الحكومية في أرجاء القارة الأفريقية باستثناء خمس دول.

ويأتي هذا الإعلان الذي أصدرته شركة SAP، المتعددة الجنسيات التي تتخذ من برلين مقرًا لها، وفي إطار تبنيها سياسة لتطهير أعمالها وأنشطتها من ممارسات مشبوهة أثيرت بشأن مدفوعات قيمتها 7ر7 مليون دولار لشركة ذات صلات بأصدقاء رئيس دولة جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، من عائلة "جوبتا" المعروفة في جوهانسبرج.

وقالت الشركة، في بيان أصدرته مؤخرًا، إن مجلس إدارتها "ألغى عمولات المبيعات على كل الصفقات المبرمة مع القطاع العام في الدول التي يسجل فيها مؤشر مدركات الفساد (الذي تعده منظمة الشفافية الدولية) أقل من 50 نقطة."

وبموجب قرار مجلس إدارة الشركة، فإنه سيتم حظر العمولات على الصفقات المبرمة مع الدول الأفريقية كل باستثناء بوتسوانا وكيب فيردي وموريشيوس ورواندا وناميبيا. كما يشمل القرار حظر سداد العمولات على صفقات مع الهند والصين.

كانت شركة SAP قد أعلنت في وقت سابق أن لديها مكاتب في مصر وكينيا والمغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا، بخلاف أعمالها في موريشيوس وناميبيا.

وفي العام الماضي تعرضت شركة "ساب" لغرامات 9ر3 مليون دولار فرضها مجلس أسواق المال والبورصة في الولايات المتحدة بسبب أنشطتها وممارساتها في بنما.

وفي يوليو الماضي، تكشفت تفاصيل فضيحة "جوبتاجيت" في جنوب أفريقيا، إثر قيام مجموعة من المحررين الصحفيين في وحدة رائدة للتحقيقات الصحفية يطلق عليها "أمابهونجاني" بإماطة اللثام عن اتفاق عمولات على المبيعات وقع في عام 2015 بين شركة SAP العالمية ودارCAD  في جنوب أفريقيا، إحدى الشركات الصغيرة التابعة لعائلة جوبتا المتخصصة في بيع طابعات البعد الثلاثي 3D Printer، وبموجب الاتفاق تقوم الشركة العالمية "ساب" بدفع نسبة 10 في المائة كعمولة لدار "كاد" على الصفقات التي تؤمنها لمصلحة لشركة عملاقة مملوكة للدولة تتولى إدارة السكك الحديدية والموانئ وخطوط أنابيب النفط في جنوب أفريقيا.

وقالت وحدة التحقيقات الصحفية "أمابهونجاني" في تقريرها الكاشف لفضيحة الفساد، إن "ساب" زعمت أن دار "كاد" لديها مهارات ملحوظة تساعد على ترويج أنشطتها، غير أن المحررين المعدين للتقرير لم يعثروا على أي دلائل تثبت أن شركة "جوبتا" لديها أي خبرات سابقة في مجالات التسويق والبيع لمنتجات وبرمجيات شركة "ساب" العالمية.

وتكشفت الأمور، في أعقاب الإعلان الذي أصدرته شركة "ساب" بعد يومين من تقرير وحدة التحقيقات الصحفية المحلية الجنوب أفريقية، وقالت في بيانها إنها "تكشف طواعية عن الوضع بالنسبة لأنشطتها في جنوب أفريقيا"، وجاء الكشف لمصلحة مجلس الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل الأمريكيين تطبيقًا لقانون ممارسات الفساد الخارجية.

وقالت "ساب" إن الوكالات الأمريكية واصلت تحقيقاتها بشأن الأمر لذا فإنها "تعهدت بالتعاون بشكل كامل" مع التحقيقات.

وفي يوليو الماضي أيضًا، صدر في واشنطن بيان ذي صلة بالأمر، ولكنه كان يتعلق بتحقيقات تجرى بشأن ادعاءات رشاوي تلقاها وزير الموارد البترولية النيجيري السابق، ديزاني أليسون ماديوكي، وقالت عنه وزارة العدل الأميركية في التحقيقات: "على المسؤولين الأجانب الفاسدين والمديرين التنفيذيين ألا يرتكبون أخطاء: إذا كانت هناك أموال غير مشروعة يمكن الوصول إليها داخل الولايات المتحدة، فإننا سنبحث عنها، ونصادرها، وسنعيدها إلى الضحايا الذين سلبت منهم".

وقالت شركة ساب في بيانها إن مجلس إدارتها ينفذ "مراقبات إضافية مكثفة وتمحيص وفحص دقيق للعلاقات المرتبطة بوكالات المبيعات وأطراف إعادة البيع لمنتجات القيمة المضافة".

وفي أفريقيا، أعلنت أنها سوف تخصص "كوادر قانونية إضافية" لفروع أعمالها لتقوية "الالتزام الصارم.. من خلال الإدارة المحلية والانصياع والمهام المؤسسية، لضمان طهارة الصفقات الفردية ونزاهتها وتشجيع مبادئ الانصياع والالتزام للقوانين بوجه عام".

وفي جنوب أفريقيا، أعلنت الشركة العالمية أنها شرعت في اتخاذ إجراءات تأديبية رسمية ضد ثلاثة من موظفيها المطرودين من الخدمة.

وبينت أن هناك شركة قانونية تجري تحقيقاتها وتحرياتها لأنشطتها المرتبطة بالقطاع العام في جنوب أفريقيا منذ انطلاقها في عام 2010، وقد توصلت الشركة إلى أن هناك أربعة عقود تم إبرامها "بمساعدة كيان أصبح معروفا لدينا الآن أن له صلة بجوبتا"- من بينهما عقدان مع شركة النقل المملوكة للدولة "ترانسينت"، وعقدان آخران مع مرفق الكهرباء "إسكوم"- وهي عقود غارقة في مزاعم كبيرة بالفساد.

العقود الأربعة حققت إيرادات قدرها 48 مليون دولار بعمولات بلغت 7ر7 مليون دولار، متضمنة ضرائب القيمة المضافة، ذهبت "لمصلحة كيانات وأفراد بات معروفًا الآن أن لها صلة بجوبتا"، حسبما ورد في بيان "ساب".