تبدو تقارير صحفية إيطالية عن تواطؤ مسؤول حكومي (مالطي) في عملية تهريب الوقود من ليبيا بقيادة لاعب كرة القدم المالطي السابق دارين ديبونو، متناقضة مع ملف المحققين حول عملية النفط القذر.

وزارة الخارجية (المالطية) أطلقت تحقيقا برئاسة ثلاثة من الأمناء الدائمين حول ادعاءات صادرة عن صحيفة "إيل سول 24 اوري"، بشأن قيام موظف حكومي بمساعدة شبكة ديبونو لتهريب الوقود. ولكن ملف "النفط القذر" الذي يضم 284 صفحة يرسم صورة مختلفة، حيث تبين أن ديبونو كان يستخدم شهادات تزور مصدر النفط الليبي المهرب للحصول على شهادة وزارة الخارجية - وهي شهادة مصادقة - تُمكِّن السفن من تفريغ وقودها في الموانئ الإيطالية. وقد تعرضت حلقة تهريب الوقود التابعة لشركة ديبونو لضربة قوية في عام 2016 عندما كشفت الأمم المتحدة عن تهريب الوقود خارج ليبيا عن طريق فهمي بن خليفة - الشريك التجاري لديبونو.

واشتملت العملية مواطنا مالطيا آخر هو غوردون ديبونو الذي استخدم شركته المالطية "بتروبلوس" لإصدار شهادات منشأ كاذبة لإخفاء المصدر الأصلي للوقود الليبي وإظهاره على أنه قادم من المملكة العربية السعودية.

ويوجد كل من دارين وغوردون ديبونو رهن الاعتقال في صقلية منذ شن حملة بعد عملية تهريب قدرها 30 مليون يورو. لكن دارين ديبونو طلب أيضا شهادة من غرفة التجارة المالطية لمصادقة هذه الوثائق، كشرط لتفريغ النفط داخل ميناء إيطالي.

فقبل سنتين من صدور تقرير الأمم المتحدة، كانت عمليات إعادة الشحن "السعودية" معتمدة من قبل دوائر الغرفة دون علم. وعندما دق جرس الإنذار في الغرفة التجارية، حاول ديبونو الحصول على مصادقة وزارة الخارجية.

ديبونو يصطدم بجدار 

في مايو 2016، بدأ ديبونو يواجه صعوبات في الحصول على المصادقة اللازمة من غرفة التجارة، ظاهريا للاشتباه في أن شهادات "بيتروبلوس" "السعودية" كانت كاذبة.

وفي اتصال هاتفي أجراه ديبونو مع تاجر النفط الإيطالي ماركو بورتا واعترضه جهاز المخابرات الإيطالي والمالطي، قال المحققون إن "هناك قلقا واضحا بشأن تفريغ النفط الليبي ... في أقرب وقت ممكن في ميناء أوغستا (صقلية) ، وعلى مدى شهر مايو ، كانت هناك العديد من المكالمات الهاتفية التي تدل على صعوبة الحصول على شهادات المنشأ للوقود". في 3 يونيو 2016، أبلغ ديبونو بورتا عن "رفض لا لبس فيه" من قبل غرفة التجارة للتصديق على الوثائق الصادرة عن "أوسيانو بلو للتجارة"، وهي شركة يديرها غوردون ديبونو وتستخدم كوسيلة مالية لتحصيل الأرباح في الخارج.

عند هذه النقطة، يسلط اعتراض اتصال هاتفي الضوء على مشاكل ديبونو في موافاة بورتا بوثائق المصادقة اللازمة لتفريغ شحنات النفط في الميناء.

ديبونو: "دكتور بورتا، مساء الخير ... ما زلت عالقا هنا."

بورتا : لماذا ؟؟

ديبونو : "لا، لا شيء، لا شيء خاص، .. لأنك تعرف كل شيء أرسلته لك، لقد تحدثت إلى الجميع هنا في مالطا ... وهذه السيدة تنتظر بعض الرسائل الإلكترونية لاتخاذ قرار ونحن تعبنا من عذر... ابن العاهرة ... لأن الوزير... لأنها كانت توقع كل شيء لمدة 30 عاما، وأنها تريد أن تتأكد مئة في المئة، وهنا أنا في وزارة الخارجية، فقط تخيل، لإرسال هذا البريد الإلكتروني لها ".

بورتا: "إيه. حسنا إن الأمر مُلح، و ... "

ديبونو: " أعرف، إنه ملح جدا، ويمكنني أن أتخيل الضغط على تيوبودا (سفينة بضائع)، والطاقم، وعليك، وعلي ..."

بورتا: "حسنا ..."

ديبونو: "ليس لدي بديل ... يحصل أن هذه المرأة البالغة من 55 عاما والتي تعمل هنا منذ 30 عاما تقول:" أنا الآمرة هنا، وأنا أفعل ذلك لأنني أنا فقط من يمكنه التوقيع "... وأنه "حتى لا وزير يقول لي ما يجب توقيعه "

ثم في مكالمة هاتفية أخرى، وعلى الرغم من أن المحادثة التي تم اعتراضها لم تنشر، يقول المحققون إن ديبونو "بدا متفائلا من قرار في الخطاب مع المكتب المالطي، وذلك بفضل تواطؤ محتمل مع أشخاص مقربين من وزارة الاقتصاد".

وفي غضون ذلك، اقترح الشريك الإيطالي في حلقة التهريب – شريك المافيا نيكولا أورازيو روميو - الحصول على شهادة من غرفة التجارة في كاتانيسي الإيطالية لتجاوز العراقيل في مالطا.

وفي 9 يونيو، كشفت اعتراضات جديدة أن شحنة جديدة تقدر بـ 50 ألف طن من النفط الليبي يجري نقلها نحو ميناءي أوغستا وسيفيتافيتشيا.

في هذه المرة، أظهر ديبونو توقيع كاتب العدل المالطي أنطون بورغ ل شهادات منشأ الوقود، لإظهار أنها قادمة من شركة الزاوية لتكرير النفط، وهي شركة تابعة لشركة النفط الوطنية الليبية. وفي الواقع، كان يجري نقل النفط المهرب من سفينة إلى أخرى في أعالي البحار.

وحملت الشهادة رمز شركة الزاوية ورمز المؤسسة الوطنية للنفط، وادعت زورا أنه تم بيع الوقود لشركة بن خليفة "تيوبودا لخدمات النفط والغاز ذ.م.م".

وقد تم بالفعل شراء الشهادة من قبل رجل يدعى "فيتوري"، يعتقد أنه مسؤول في شركة النفط الوطنية، مقابل رشوة قدرها 120 ألف دينار ليبي (مايعادل 74 ألف يورو) تم دفعها في حساب مصرفي في دبي.

بعد حصوله على هذه الشهادات التي تحمل الآن توقيع كاتب عدل مالطي، فمن الواضح أن ديبونو نجح في الحصول على مصادقتين من من كاتبة الضبط  في وزارة الشؤون القانونية ، كارين مونتيبيلو.

في هذه المرحلة، كتب المحققون الإيطاليون في ملفهم: "إن مثل هذه الحالة المعقدة هي دليل على القدرة البارزة لجماعة إجرامية على إنتاج وثائق من وقت لآخر من خلال استغلال الشبكة المتواطئة التي كانت تابعة لديبونو في مالطا.

السلوك الإجرامي تعزز بسبب "تعاون الموظف المالطي الذي قام بتصديق الوثائق رسميا". وليس من الواضح ما إذا كان المحققون الإيطاليون مقتنعون بالتواطؤ الفعلي لمسؤول الوزارة، لأنه لم ترد أي إشارة أخرى في استنتاجات الملف .

واعتراض اتصال هاتفي في 10 يونيو، يشير إلى أن توقيع كاتب العدل على الوثائق المزورة هو ما مكن من إصدار المصدقات:

محادثة بين المتعاونين أنطونيو بافو وبيبينو غريرا في صقلية:

غيريرا: "إذن حصلوا على شهادة "أصلية" ، ثم حصلوا على توقيع هذه الوثائق من قبل ... أحدهم من وزارة الشؤون الخارجية في فاليتا"

بافو: "بالضبط ..."

غيريرا: "قد يكون أنطون بورغ (كاتب العدل المالطي)".

في الواقع، ثبت أن الشهادة عديمة الفائدة منذ أن طلب مكتب الجمارك في ميناء أوغستا أن تكون أي شهادة صادرة من غرفة التجارة.

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة