تواجه عمليات تأمين حدود أوروبا تراجعا محتملا فيما يتعلق بتمديد تمويل دوريات البحر المتوسط ​​على إثر الوفيات المتتالية التي سجلت في صفوف المهاجرين، بما في ذلك قتل حوالي 500 شخص من طرف المهربين. وذلك حسب تقرير لوكالة فرونتيكس التابعة للاتحاد الأوروبي.

تقول الوكالة إنها تواجه نقصا في التمويل يبلغ 2.3 مليون أورو (1.8 جنيه استرليني) جراء توسيع عملياتها خارج إيطاليا، علما أنه مبلغ كبير يتناسب والعمليات الواسعة التي تقوم بها الوكالة والتي لا تتجاوز ميزانيتها السنوية 42 مليون أورو.

وتغطي هذه العملية المياه الممتدة إلى جنوب صقلية ، ومن ضمنها لامبيدوسا، التي تعتبر نقطة وصول مشتركة لقوارب المهاجرين القادمين من إفريقيا. وتُستخدم فيها طائرات وطواقم من هولندا واسبانيا بتمويل من فرونتكس، وهي العملية التي كلفت لوحدها هذه السنة ما يناهز 13 مليون أورو. عند انتهاء المهمة التي اضطلعت بها هولندا واسبانيا مع نهاية شهر سبتمبر، سيتم استبدال الطائرات من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي، تقول الوكالة، سيؤثر على عملياتها.

"بسبب الوضع وسط منطقة البحر الأبيض المتوسط​​، فقد قررنا تمديد العملية حتى نهاية شهر نوفمبر تشرين الثاني"، تقول إيزابيلا كوبر المتحدثة باسم فرونتكس. "هذا يعني أننا بحاجة إلى تمويل إضافي، علما أننا على مشارف نهاية السنة، علما أن جميع العمليات يتم التخطيط لها مسبقا. إننا نبحث إمكانية استخدام أموال ميزانية عمليات أخرى جارية".

تقوم فرونتكس، التي تنسق أمن الحدود بين دول الاتحاد الاوروبي، بمجموعة من العمليات المماثلة تتمثل في رصد ومراقبة وصول المهاجرين، من ضمنها ثلاث عمليات في اسبانيا، اثنتان في اليونان وواحدة في بلغاريا. وتضيف كوبر: "علينا الحفاظ على استمرار هذه العمليات في أماكن أخرى، لكننا نحول الموارد المالية إلى وسط البحر المتوسط حتى نتمكن من توسيع نطاق العمليات".

هناك مجال ضيق لتوفير المال، تقول كوبر:  "هناك اسبانيا، حيث ضغط الهجرة في ارتفاع كبير، هناك اليونان وهناك أيضا إيطاليا".

إن قرار فرونتكس ليس له أية علاقة بالأخبار التي وردت الاثنين وتفيد أن من المحتمل أن ما يقارب 500 شخص، من بينهم ما بين 50 و100 طفل، قد غرقوا بعدما صدم المهربون قاربهم أثناء رحلة بين مصر ومالطا. يأتي هذا وسط تفاقم أعداد المبحرين نحو أوروبا هذه السنة، وأغلبهم على متن قوارب على طول سواحل ليبيا التي تعاني من غياب الأمن.

وقد وصل هذه السنة (2014) ما يناهز 120،000 مهاجرا إلى إيطاليا عن طريق البحر حتى الآن، مروا في الغالب عن طريق عمليات انقاذ. وفضلا عما تبذله فرونتكس من جهود ، فقد قامت البحرية الإيطالية بعمليات أكبر بكثير السنة الماضية أطلق عليها اسم 'بحرنا'، وجاءت عقب وفاة مئات المهاجرين في أكتوبر من العام الماضي عندما انقلب قارب واشتعلت فيه النيران قبالة لامبيدوزا. وقد كلفت هذه العملية حوالي 9 ملايين أورو في الشهر، عبئا من المعقول أن لا تتحمله إيطاليا وحدها لأنه يهم كل دول الاتحاد الأوروبي.

تجري فرونتكس حاليا محادثات مع إيطاليا حول تنظيم عملية جديدة تحت مسمى 'تريتون' بهدف المساعدة على امتصاص ضغط الهجرة، لكن ذلك يتطلب ميزانية إضافية من قبل المفوضية الأوروبية.

"من المؤكد أننا لن تستطيع استبدال عملية 'بحرنا' على هذا النحو"، تقول كوبر. "إننا نتداول مع السلطات الإيطالية كيفية تقديم المزيد من الدعم لهم في حدود مهامنا وإمكانياتنا – فنحن لا نتوفر على الموارد بنفس المستوى الذي تتمتع به البحرية الإيطالية".

بينما تنحصر مهمة فرونتكس في مراقبة الحدود بدل عمليات البحث والإنقاذ، تضيف كوبر، فإن كلتا المهمتين تستوجب الأخرى: "ففي كل المهمات البحرية لديك واجب إنقاذ الأرواح. ومعظم هذه القوارب في وضعية مزرية. يضع المهربون الناس على متن قوارب صيد صدئة غير صالحة للإبحار مطلقا، علما أنها تُقل 650 راكبا على متنها".

من جانبها، تدعو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الدول الأوروبية الأخرى لمساعدة إيطاليا، وبدرجة أقل اليونان، على معالجة تدفق المهاجرين. "إن جهود الإنقاذ في عرض البحر مسؤولية لا يجب أن تنحصر فقط بين هذين البلدين. لقد دافعنا وشجعنا لبذل المزيد من الجهود الأوروبية للمساعدة في هذه القضية"، يقول أندريدج ماهيسيتش، وهو متحدث باسم المفوضية.

وقالت المفوضية إن الهجرة تبلغ ذروتها في الصيف، "موسم الإبحار"، ومن المتوقع أن تستمر حتى أكتوبر من هذا العام. إنه اليأس الذي يدفع بهؤلاء المهاجرين، فضلا عن الفرص التي يستفيدون منها جراء الفوضى في ليبيا. وصرح ماهيسيتش: "في ظل الأوضاع الليبية، يبدو أن السيطرة على الحدود ضعيفة ، وهناك كثير من الناس يخشون البقاء لفترة أطول، لذا يختارون ركوب القوارب لمغادرة شواطئ ليبيا".