إتسعت دائرة الجدل في بلدان المغرب حول تمويل دولة قطر للأحزاب الإخوانية التي تمثل أذرعة الدوحة السياسية والإعلامية في المنطقة ، ويرى مراقبون أن قطر عملت منذ أعوام على دعم قوى الإسلام السياسي بمختلف توجهاتها ، غير أنها وضعت لذلك شرطا أساسيا وهو تحالف تلك القوى المباشر مع الإخوان المسلمين الذي ترى فيهم الطرف المؤهل أكثر من غيره  لإستلام الحكم في تلك البلدان. 

وكانت تقارير إعلامية جزائرية كشفت منذ العام 2013 عن وجود  مخطط لتنظيم الإخوان العالمي لتدمير منطقة المغرب العربي، وقالت صحيفة « الفجر » اليومية إن أتباع التنظيم بقطر رصدوا لهذه الخطة ملياري دولار، حيث تتضمن الخطة شقا إعلاميا يتمثل في تكثيف إنشاء  المواقع والشبكات الالكترونية والقنوات التلفزيونية المحسوبة على هذا التيار بالمنطقة المغاربية، وأضافت أن التنظيم العالمي لجماعة الإخوان خصص ملياري دولار لدعم منظومة الإخوان بالمنطقة المغاربية التي تمثل على وجه الخصوص، بلدان الجزائر، تونس والمغرب، للعمل على هز استقرار المنطقة،  

وعن مصادر هذه الأموال قالت نفس المصادر، أن الجزء الأكبر منها قطرية والأخرى لرجال إعمال ينتمون لجماعة الإخوان ، وأن  هذه الأموال توجد في حسابات  ببنوك تركية لتيسير تنقلها  إلى حسابات الأحزاب والحركات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان العالمي 

موريتانيا 

وفي هذا السياق ، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني إسلك ولد أحمد إزيد بيه إن دولة قطر "اعتادت على تمويل حركات تهدد أمننا" إلا أنه رفض تحديد هذه الحركات التي قال إنها معروفة في موريتانيا "وبعضها تم حظره".

كما  اتهم محمد إسحاق الكنتي، الأمين العام المساعد للحكومة الموريتانية، إمارة قطر بدفع أموال للإخوان في موريتانيا لزعزعة استقرار البلاد، والقيام بثورة على غرار ما جرى في تونس ومصر وليبيا في العام 2011

واتهم الكنتي حزب تواصل الإخواني الموريتاني بالعمل ضد مصالح الدولة العليا، مستشهدا بحديث لرئيس الحزب جميل منصور، قال فيه إن الموريتانيين في ليبيا يقاتلون إلى جانب القذافي، مشددا على أن في ذلك تحريضًا عليهم، مع أن أيا منهم لم يحمل السلاح مع القذافي أو ضده.

كما اتهم الكنتي الزعيم الروحي للإخوان محمد الحسن ولد الددو، بتكفير الناس وتحريض الشباب على القتال في سوريا وليبيا واليمن ومصر، وعن دعم الدوحة لحركة حماس، قال المسؤول الموريتاني إن قطر تسعى لتعميق الخلاف بين حماس والسلطة الفلسطينية، حتى يخلو الجو لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها، مستعرضًا أرقامًا عن الدعم العربي للشعب الفلسطيني في غزة ورام الله، قائلا إن قطر تكتفي بالوعود فقط بينما قدمت السعودية والإمارات مئات الملايين من الدولارات.

ونقلت صحيفة « آفاق » الموريتانية عن مصادر ديبلوماسية أن قطر تتحرك في دول  الأطراف وخصوصا دول المغرب العربي، من أجل كسب أصوات  في إدارتها للأزمة، التي تمر بها ، وهي "تستفيد من تواجد جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا كقوة سياسية مهمة تسيطر على زعامة المعارضة ، وتريد ان لا يكون ذلك على حساب علاقاتها مع النظام الموريتاني" الذي كان قد أعلن قطع علاقاته الديبلوماسية مع الدوحة أوائل يونيو الماضي 

ويشير مراقبون ، الى أن السلطات الموريتانية تمتلك معطيات موثقة عن تمويل لأحزاب وجمعيات من قبل قطر الساعية للتغلغل في دول المغرب العربي ومنظومة الساحل والصحراء ، وفي نارس 2014 حضرت وزارة الداخلية الموريتانية  إحدى أكبر الجمعيات الدينية في موريتانيا، وهي جمعية "المستقبل للدعوة والتربية والثقافة"،القريبة من قطر والتي يرأسها محمد الحسن ولد الددو الزعيم الروحي لإخوان موريتانيا وكما  أغلقت الشرطة الموريتانية الجمعة مركز النور الصحي ومركز تعليم البنات الخاص في نواكشوط، وهما مؤسستان تابعتان لإسلاميين موريتانيين.

المغرب

وفي المغرب ، أثيرت في مايو الماضي قضية دعم قطر للتيارات الاسلامية ، حيث كشفت مصادر صحفية، عن استفادة منابر اعلامية مغربية، مقربة من حزب العدالة والتنمية، من تمويل أجنبي قطري ضخم، متنكر تحت غطاء شراكات إعلامية، من أجل خدمة أجندة سياسية واضحة، تروم أساسا تلميع صورة  الحزب  والدفاع عن قيادييه وأعضائه وتوجهاتهم، ومواجهة خصومهم.

وبحسب  يومية “الأخبار”، فإن أحد هؤلاء هو محمد لغروس، مدير الصحيفة الالكترونية “العمق المغربي”، الذي تبين، من خلال المعلومات ذاتها، أنه استفاد من منح قطرية يقف وراءها عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية، الذي يوجد مقره بالدوحة، وصاحب الموقع اللندني “عربي 21” وذلك عقب ما سمي “الربيع العربي”، الذي حمل حزب العدالة والتنمية إلى قيادة الحكومة.

وأكد نفس المصدر، أن محمد لغروس استفاد من منحة قيمتها 100 ألف دولار أمريكي سنويا، لتمويل الموقع الالكتروني الذي يشرف عليه، لكن تحت غطاء اتفاقية شراكة جرى توقيعها في 01 مايو 2015، وتمتد لأربع سنوات، بين مدير شركة “عربي 21” وشركة جسور للانتاج والخدمات الاعلامية التي يوجد مقرها بالرباط، بشرط التزام لغروس بإدارة النشر في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والترويج للمواقع التابعة لـ”عربي 21″، بالاضافة الى خدمات تقنية وفنية، وتمثيله لدى المؤسسات والمسؤولين المغاربة.

تونس 

وفي تونس أعلن الحزب الدستوري الحر التونسي أنه وضع على مكتب رئيس الحكومة يوسف الشاهد ملفا يتضمن تقارير تفيد بحصول حزب حركة النهضة الاخواني على تمويلات من دولة قطر ،وقال  في بيان ، تلقت « البيان » نسخة منه ،  ''أنّه تقدّم  بمكتوب إلى رئيس الحكومة لفتح تحقيق جدي حول تمويلات أجنبية تتلقاها أحزاب سياسية والتحري في كل التصريحات والشبهات التي تحوم حول الثراء الفاحش والإمكانات الخارقة للعادة لأحزاب تونسية على راسها حركة النهضة''.

كما طالب الحزب ''بالتثبّت من مدى توجيه تمويلات لشبكات تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وتتبع المتورطين فيها أحزابا كانوا أو أشخاصا'' ، مشيرا  إلى أنّه ''أرفق المكتوب الموجّه إلى رئيس الحكومة بمحضر معاينة وقرص مضغوط تضمّن جملة من التصريحات الإعلامية والتقارير التي تفيد بتمويل دولة قطر لحركة النهضة''.

وقالت زعيمة الحزب عبير موسي « لقد قمنا بما املاه علينا ضميرنا تجاه هذا الشعب الذي اعتبرته منظومة مابعد 14 يناير 2011 بضاعة تباع وتشترى ، حيث لم  تحترمه الطبقة السياسية المهندسة لكا سمي بالربيع العربي وتفانت في جلب عشرات وربما مئات الملايين من الدولارات  لشراء اصواته وبلوغ السلطة بفضل تمويلات مشبوهة من خارج البلاد تم ضخها لتنفيذ الاجندا المرسومة مسبقا » وأضافت  أن هناك «تصريحات  وتقارير موثقة تثبت تمويل قطر لحزب النهضة والجميع يعلم ويصمت خوفا وتفاديا للمشاكل و التهديدات الا أننا عاهدنا انفسنا على ان لانخاف ولانرهب وسنواصل قول كلمة الحق والسعي لانارة الراي العام » 

يذكر أن حزب حركة النهضة ، الذي يمثل الجناح التونسي من جماعة الإخوان المسلمين ، يرتبط بعلاقات وطيدة مع دولة  قطر ، ويعتبر حليفها الأبرز في تونس الى جانب حزب حراك تونس الإرادة الذي يتزعمه الرئيس السابق منصف المرزوقي 

وأشارت تقارير إعلامية الى أن الحزبين يحظيان بدعم سياسي واعلامي من حكام الدوحة ، فيما نفى القيادي الإخواني راشد الغنوشي ما راج عن حصول حركته على 150 مليون دولار من قطر لتمويل برنامجه في 2011 

وتحدث مراقبون عن دعم مالي سخي قدمته قطر لحركة النهضة خلال السنوات الماضية لتنفيذ برامجها الحزبية والتصدي للشارع التونسي الذي عبر في مناسبات عدة عن رفضه لحكم الاسلاميين ومحاولاتهم التمكن من مفاصل الدولة ،ولتمويل مئات الجمعيات الناشطة في المجالات الخيرية والانسانية والدعوية ،وأعلن  سابقا عن تبرع الحكومة القطرية ب30 مليون دولار لدفع تعويضات لعناصر  حركة النهضة على ما يسمونها إنتهاكات في حقهم جدت أثناء حكم الرئيس الأسبق زين العابدين علي 

ليبيا 

الى ذلك ، قال  المسؤولون القطريون أنهم دفعوا ثلاث مليارات دولار لتمويل حرب الإطاحة بنظام العقيد الراحل  معمر القذافي ، ويرى  مراقبون  أن النسبة الأكبر من هذا المبلغ ذهبت لدعم التيارات الإسلاموية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة ، فيما أشار  رئيس المجلس الأنتقالي السابق مصطفى عبد الجليل أن قطر كانت تدس المال في جيوب الجميع ، فيما تؤكد مصادر إعلامية أن الإرهابي علي الصلابي هو الذي كان ينقل المال من الدوحة الى حلفائها في ليبيا ، وأنه كان يبلغ جزءا منه لأصحابه ويخفي الجزء الآخر ، ما أثار حفيظة بعض القيادات الإخوانية

وقد إتهم المبعوث السابق إلى الشرق الأوسط السفير الأمريكي دينيس روس دولة قطر بأنها على الرغم من وجود قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها إلا أنها تمول جماعة “الإخوان”.

وكشف قائلا “عندما كنت عضواً بإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2011 وسعينا للحصول على معلومات من القطريين للتنسيق معنا ولكي نكون شفافين حول مكان وأولئك الذين يرسلون إليهم الأسلحة في ليبيا نادراً ما حصلنا على إجابات مباشرة ووجدنا القطريين يرسلون أسلحة إلى الإسلاميين والميليشيات نفسها التي كنا نعارض حصولهم على الأسلحة”.

وفي العام 2012 ، دفعت قطر مبالغ  تقدر بمليون دولار لكل نائب مستقل في المؤتمر الوطني العام يوافق على الإنضمام الى كتلة الإخوان بما يساعدها على تحقيق الأغلبية لتمرير القرارات المصيرية وفق أجندات الدوحة 

كما قامت قطر بتمويل قنوات تليفزيونية إخوانية من بينها « النبأ» للإرهابي عبد الحكيم بالحاج ، و« التناصح » للإرهابي سهيل الصادق الغرياني ، ورصدت تمويلات للميلشيات الإرهابية ضمن منظومة فجر ليبيا وصلت الى 200 مليون دولار خلال العام 2014 لينتج عن ذلك بث الفوضى في العاصمة طرابلس والسيطرة على موسسات الدولة ، وطرد الحكومة الشرعية ، ومنع البرلمان المنتخب من عقد إجتماعاته في طرابلس ، ما دفع به الى نقل اجتماعاته الى مدينة طبرق ( شرق )

وبحسب الناطق باسم الجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري فإن قطر دعمت جماعة الإخوان في ليبيا، وقامت بتهريب الأسلحة إلى التنظيمات المتطرفة بعدد من المناطق، وقال  أن قطر دعمت تنظيم الإخوان في ليبيا سياسيا واقتصادياً ومالياً وإعلامياً، وضخت مليارات الدولارات على التنظيم، والذي بدأ بتشكيل قوة الدروع الإخوانية وهي قوة مسلحة يتم دعمها عن طريق قطر، مبينا أن الجيش الليبي خاض معركة الكرامة مع 4 تنظيمات إرهاببة هي :تنظيم القاعدة ظهر في 2011 بأجنحته المختلفة، منها أنصار الشريعة، وجيش الإسلام، وغيرها من المسميات، وقوة الدروع الإخوانية التابع للإخوان المسلمين، وقوة تنظيم داعش في بنغازي وظهر نهاية 2013، وتنظيم العصابات الإجرامية، وهم مجموعات من السجناء والمطلوبين أمنياً، قاموا بتشكيل مبليشيات تم توظيفها من المجموعات السابقة.