بعد الكشف عن السفينة التركية، التي كانت تحمل متفجرات وفي طريقها إلى ميناء مصراته، ظهرت العديد من البيانات عن جهات رسمية في مصراته وفي تركيا تكذب المعلومات التي كشفتها السلطات اليونانية. لكن هذه الحادثة ليست الأولى خلال السنوات الماضية في عمليات تبادل السلاح وتجارته بين تركيا والمنطقة التي يسيطر عليها الميليشيات المتطرفة في ليبيا. وفقاً للتقارير التي تنشرها الأمم المتحدة سنوياً.

في شهر أغسطس/ أب 2017 نشرت بوابة إفريقيا الإخبارية تحقيقاً تحت عنوان «أموال الشعب لتسليح الإرهاب»: دور الجماعة المقاتلة في تسليح «جماعات سورية»، كشف جانباً من هذه العمليات. كما يكشف تقرير فريق خبراء منظمة الأمم المتحدة بشأن ليبيا لسنة 2015 أنه ومنذ العام 2012، أفاد الفريق بوقوع العديد من عمليات نقل الأسلحة من ليبيا إلى الجمهورية العربية السورية أو بضبط أسلحة وهي في طريقها إلى سوريا. وجمع الفريق، خلال ولايته الحالية، أدلة إضافية تؤكد عمليات النقل.

وأكد الفريق وجود شبكة في ليبيا تقدم الدعم اللوجستي، بما في ذلك كميات كبيرة من الأسلحة، إلى المتمردين السوريين في أعقاب الثورة الليبية. وتضم هذه الشبكة ليبيين يشغلون مناصب رسمية في وزارة الداخلية ووزارة الدفاع. وفي البداية، كانت الشبكة تعتمد على الأسلحة المجمعة من داخل ليبيا، ولكنها سرعان ما بدأت تحصل على الأسلحة من مصادر في الخارج، بحيث لا يمر بعض الشحنات عبر ليبيا على الإطلاق. ولحد الآن، تبين ضلوع الشبكة في ثلاث عمليات نقل على الأقل إلى سوريا، ويجري التحقيق في عمليات أخرى.

بدأت القصة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 عندما أعلن خفر السواحل اليونانيون عن ضبط سفينة شحن تحمل على متنها شحنة كبيرة من الأسلحة والذخيرة قرب جزيرة سيمي في بحر ايجة كانت مبحرة، حسب بعض المعلومات الى تركيا، فيما قالت اخرى ان وجهتها سورية او لبنان. وكشفت وسائل الاعلام المحلية عن الحديث يدور عن سفينة "Nour M" التي كانت تبحر تحت علم سيراليون من أحد موانئ اوكرانيا الى ميناء الإسكندريون التركي محملة بالسلاح.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، قام فريق خبراء الأمم المتحدة بتفتيش حمولة السفينة Nour M، التي ضُبطت في اليونان في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، والتي كانت تشمل 55 حاوية وما يزيد عن 32 مليون طلقة ذخيرة (103 1 أطنان) للبنادق الهجومية والرشاشات، وهي في طريقها إلى طرابلس. وزودت السلطات اليونانية اللجنة والفريق بمعلومات ووثائق كاملة. وتشير هذه الوثائق إلى أن الشركة الشاحنة هي UKRINMASH، وهي شركة حكومية أوكرانية، وأن المرسل إليه هو وزارة الدفاع الليبية وأن شركةTSS SILAH VE SAVUNMA TICARET LIMITED SIRKETT SANAYI، وهي شركة تركية، قد توسطت في الصفقة. وترجع ملكية السفينة إلى شركة TSS GROUP TUTUN SIGARA SANAYI VE، وهي شركة تركية أخرى. ولم تبدأ اليونان حتى الآن أي ملاحقات قضائية بشأن حالة الانتهاك هذه.  وكانت المذكرة التي تؤكد فيها السلطات الليبية للسلطات الأوكرانية أنها مستعدة لقبول الحمولة بتوقيع خالد الشريف، وكيل وزارة الدفاع الليبية بعد سقوط القذافي، وهو نفسه المسؤول الأمني في الجماعة الليبية المقاتلة وكنيته "أبو حازم".

ويقول تقرير خبراء الأمم المتحدة: وقد اتصلنا بأوكرانيا للحصول على معلومات عن دور شركة UKRINMASH، وتفاصيل الدفع، ولتحديد ما إذا تم التوصل إلى تسوية نهائية. وردت أوكرانيا بأن الشحنة التي نقلت على متن السفينة Nour M هي الجزء الأول من البضائع المقرر نقلها إلى ليبيا بموجب العقد الموقع بين شركتي UKRINMASH وTSS  SILAH VE SAVUNMA SANAYI DIS TICARET LIMITED SIRKET في عام 2013، الذي تمت تسويته تماما. وفي آب/أغسطس 2014، قام ممثلو الشركة التركية ووزارة الدفاع الليبية بزيارة إلى أوكرانيا ومرافق التخزين التي يُحتفظ فيها بالأعتدة المتبقية، وهي بنادق هجومية وذخيرة للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة. ولم يُطلب من اللجنة حتى الآن أي استثناء بشأن هذه الأعتدة، وسيتصل الفريق بأوكرانيا مرة أخرى ليطلب توضيح ذلك.

ووردت إلى الفريق مزاعم بأن خالد الشريف وشعبان هدية (أمير تنظيم متطرف) سافرا إلى أوكرانيا في آب/أغسطس 2014، للتفاوض على صفقات الأسلحة. وأكدت أوكرانيا هذه الزيارات، مضيفة أنهما” في الوقت نفسه لم يقوما بزيارة لأي جهة تصدير خاصة لإجراء مفاوضات بشأن عمليات نقل الأسلحة“. واتصل الفريق بتركيا أيضا للحصول على مزيد من المعلومات عن الشركة السمسار والشركة التي تعود إليها ملكية السفن، وإثبات ما إذا كانت الشركة السمسار قد طلبت رخصة تصدير من السلطات التركية لعملية النقل هذه النقل. وطلب الفريق أيضا جميع المعلومات والوثائق المتصلة بالمدفوعات. وردت تركيا بأن أنشطة السمسرة لم تكن قد نظمت بعد وأن الشركات الوسيطة لا تحتاج إلى طلب إذن إذا كانت البضائع لم تمس الأراضي التركية. وتعمل تركيا حاليا على مواءمة تشريعاتها مع الأحكام ذات الصلة المتعلقة بتجارة الأسلحة.

وأخيرا، أوضحت السلطات اليونانية أيضا أن هذه المصادرة تشكل عبئاً لوجستا وماليا كبيرا، مما يثير مسألة إدارة عمليات المصادرة التي تتم وفقا لتدابير الحظر التي تفرضها الأمم المتحدة وعدم وجود الدعم المناسب من الأمم المتحدة للتصرف بالأعتدة. ويؤكد التقرير الأممي أن الأسلحة اتي اشتراها خالد الشريف من أوكرانيا وشحنها على متن السفينة "نور" لم تكن ليبيا وجهتها النهائية. فعلى الرغم من أن وثائق النقل، التي وقعها نائب وزير الدفاع السابق في ليبيا، خالد الشريف، تشير إلى أن ليبيا هي المقصد النهائي. بيد أن الفريق أثبت، استناداً إلى بيانات حركة المرور البحري وإعلان من أحد أفراد الطاقم، أن السفينة لم تكن متجهة إلى ليبيا، بل إلى إسكندرون، في تركيا. وكانت الشحنة ستنقلها بعد ذلك جماعة لم تحدد هويتها من تركيا إلى سوريا.