"انظروا إلى هذه الصورة جيدا، فهي تلخص كثيرا مما نريد أن نقوله".. لم تكن هذه الصورة التي طلب مصطفى فودة الأكاديمي ومستشار وزير البيئة المصري من الاعلاميين الحاضرين في حفل إطلاق "تقرير التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي" رؤيتها، سوى لقطه تجمع بين نقيضين، الإنسان بمعداته وآلاته، ومناظر طبيعية من غابات وأشجار ساحرة.

فودة، وهو أحد الباحثين العرب المشاركين في إعداد التقرير الذي أعلن اليوم من مقر مكتب الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة، قال إن "هناك حربا بين الإنسان والطبيعة، ووظيفتنا وقفها، ورصد ما تحقق من انجازات من خلال هذا التقرير".

واتفقت أغلب دول العالم في منطقة "أيشي" اليابانية عام 2010 على 20 هدفا لتحقيق التنوع البيولوجي، وصولا في عام 2050 إلى هدف سامي وهو "أن يحيا الانسان بانسجام مع الطبيعة"، ووضع العالم لذلك خطة استراتيجية تسمى بـ "خطة أيشي الاستراتيجية للتنوع البيولوجي" مدتها تسع سنوات من 2011 حتى 2020.

ويهدف التقرير الأممي الذي تم إعلانه اليوم الاثنين، إلى قياس التقدم المحرز في منتصف فترة هذه الخطة.

وذهب التقرير في مقدمته إلى أن هناك تقدما تم إحرازه نحو الوفاء ببعض مكونات أهداف أيشي للتنوع البيولوجي، غير أنه في معظم الحالات لن يكون هذا التقدم كافيا لتحقيق الأهداف المحددة لعام 2020.

وقال فودة "لا نزال نحتاج لمزيد من الدعم على مستويين، هما التوعية والدعم المادي ".

ورصد التقرير حاجة العالم ما بين 150 مليارا و440 مليارا دولار أمريكي سنويا ليتمكن من تحقيق "أهداف خطة أيشي" للتنوع البيولوجي، ولفت في هذا الصدد إلى أن معظم الاستثمارات اللازمة لتحقيق الأهداف ستوفر منافع متعددة، وينبغي ألا تمول من ميزانيات التنوع البيولوجي وحدها، بل يمكن تمويلها على نحو مشترك من خلال ميزانيات الزراعة ومصايد الأسماك والمياه ومكافحة التلوث.

وتشمل أهدف خطة "أيشي" 20 هدفا، منها زيادة الوعي بالتنوع البيولوجي، دمج قيم التنوع البيولوجي في الاستراتيجيات الوطنية والمحلية للتنمية، وضع حوافز للمحافظين على التنوع البيولوجي، السيطرة على تأثيرات استخدام الموارد الطبيعية، خفض فقدان الغابات الطبيعية إلى النصف، الإدارة المستدامة للموارد الحية المائية، خفض التلوث، خفض خطر الانقراض، حشد الموارد من جميع المصادر.

وأبرز التقرير اهتماما خاصا ببعض من قصص النجاح التي تحققت في هذا الإطار، ومنها ما تحقق في الهدف المتعلق بالوعي، حيث قال التقرير إن "هناك إدراكا في البرازيل على سبيل المثال نسبته 96 % بالتنوع البيولوجي بسبب الأفلام الوثائقية والتوعية المدرسية، وفي الصين استطاع 64 % تعريف التنوع البيولوجي بدقه في استطلاع رأي تم إجرائه".

وفي الهدف المتعلق بدمج قيم التنوع البيولوجي في الاستراتيجيات الوطنية للتنمية، قال التقرير إن "70% من التقارير المقدمة إلى اللجنة المعنية بصياغته تشير إلى إحراز تقدم في هذا الهدف".

وحقق هدف خفض خطر الانقراض هو الآخر تقدما ملحوظا، وأشار التقرير إلى أن ثلثي التقارير الوطنية التي تم تقييمها تظهر تقدما ملحوظا، وأظهر التقرير اهتماما خاصا، بالجهود التي بذلت لمنع انقراض النسور في جنوب آسيا.

واللافت في هذا التقرير، ورغم مشاركة باحثين عرب في إعداده، إلا أن المنطقة العربية غابت عنه تماما إيجابا أو سلبا، وهو ما أرجعه فودة إلى عدم تلقي اللجنة المعنية بإعداده أي تقارير وطنية من الدول العربية.

وردا على سؤال لمراسل الأناضول الذي حضر حفل إطلاق التقرير حول أسباب ذلك، رفض فودة إرجاع هذا الأمر إلى عدم الاهتمام العربي بقضايا التنوع البيولوجي، وقال إن "هناك اهتماما، ولكن يغيب عنا أهمية توثيق الجهد وإبرازه".

وأضاف: " في مصر والسعودية على سبيل المثال يوجد جهد في مجال المحميات الطبيعية، ولكن العرب لا يجيدون تسويق جهودهم".