تردى الأوضاع المعيشية وتنامي الجماعات المسلحة،وانتشار السلاح بشكل كبير،ونزيف الدم الذي لا ينقطع،كل هذا يكشف واقع الفوضى القائمة في ليبيا والتي تسبب فيها الصراع بين مختلف الأطراف والقوى السياسية والعسكرية في الساحة الداخلية الليبية،ساهم في إطالة أمد  حالة التشرذم والانقسام وغياب دولة مركزية قوية في ليبيا.

 ومرّت سنوات الأزمة طويلة في ليبيا من دون أن تتمكن المجهودات الدولية والوساطات الإقليمية والاتفاق السياسي الأممي من تجاوز الإنقسام السياسي في البلاد.لكن الاطراف في الداخل والخارج تتفق كلها على ضرورة إيجاد تسوية سياسية لحالة الإنقسام الموجودة،والوصول الى مرحلة المصالحة والسلام في ليبيا.

تحركات داخلية

وفي مسعى لايجاد مخرج للأزمة التي تعصف بليبيا منذ سنوات،أعلن رئيس المجلس الوطني للمصالحة الطاهر البدوي أن "ممثلين لكافة المدن والمناطق الليبية سيحضرون الملتقى الوطني للمصالحة الذي يهدف إلى تخفيض مستوى التوتر بالمدن الليبية وعودة النازحين"، حسب تعبيره. وأضاف البدوي، في تصريح إعلامي، أن لقاء حكماء وأعيان من المنطقة الشرقية بحكماء وأعيان من ترهونة والمنطقة الغربية هو اجتماع تحضيري للملتقى الأول للمصالحة الوطنية وهو "دليل على فتح صفحة بيضاء بين الليبيين"، معبرا عن تقديره لـ"رجال برقة الذين سعوا إلى الملتقى والذين بادروا إلى المصالحة".

 وأكد البدوي أن "ليبيا لن تخرج من نفق الظلام إلا بالمصالحة"، داعيا كل مدن وقبائل ليبيا إلى المشاركة في هذا الملتقى. وشدد البدوي على أن "الانقسامات السياسية حالت دون نجاح عدد من الملتقيات السابقة"، متابعا أن "الملتقى المرتقب سينجح لأن كل مدن ليبيا وقبائلها ستشارك فيه"، حسب تعبيره.

على صعيد آخر،كشف مصدر مطلع فى تصريح لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، عن عقد إجتماع عسكري ليبي رفيع المستوي، الخميس 20 يوليو 2017،فى العاصمة المصرية القاهرة، تواصل لعدة ساعات فى إطار الجهود التى تبذلها اللجنة الوطنية المصرية من أجل إيجاد حلول للازمة الليبية.وأكد المصدر الذي فضل عدم الإفصاح عن هويته، أن اللقاء العسكري الذي وصفه الأول من نوعه بين عسكريين ممثلين عن القيادة العامة للجيش الوطني فى شرق البلاد، مع قيادات عسكرية من مدينة مصراتة أبرزها العقيد " سالم جحا "، كما أكد أن اللقاء كان فى إطار السرية الكاملة لإعطاء نتائج ملموسة بعيدا عن التجاذبات السياسية التى تشهدها ليبيا.

لقاء مرتقب

بعد اللقاء الذي جمعهما في في العاصمة الإماراتية أبوظبي،في مايو الماضي، أكدت مصادر إعلامية إيطالية دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد "قمة ليبية في باريس بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج،والمشير خليفة حفتر. وكانت صحيفة (الحياة) اللندنية قد تحدثت مؤخرا عن الدعوة الفرنسية لهذا اللقاء، نقلا عن مصادر ليبية في طرابلس الغرب.

ووفق صحيفة" لاريبوبليكا"، حسبما ذكرت وكالة (آكي) الإيطالية، فإن باريس وجهت الدعوة أيضا إلى المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، الوزير اللبناني السابق غسان سلامة، للمشاركة في اللقاء.وفي سياق متصل،أكد مصدر رفيع في حكومة الوفاق الوطني،لوكالة (آكي) الايطالية،الجمعة 21 يوليو 2017،موافقة رئيس المجلس الرئاسي للحكومة فائز السراج على اللقاء.وأشار المصدر بحسب الوكالة  الايطالية،الى أن "اللقاء سيكون في يوم الأربعاء الموافق السادس والعشرين من الشهر الجاري".

يذكر أن لقاء السراج وحفتر في العاصمة الإماراتية أبوظبي،حظي باهتمام كبير، ولقي ترحيبا محليا  وعربيا دوليا.وقد أجمع المراقبون حينها أن اللقاء خطوة جادة لإعادة الثقة ووضع أسس وفاق وطني حقيقي،يمكن على أساسه حل أزمة تقاسم النفود والسلطة بالبلاد ووضع حد للانقسام السياسي والاجتماعي وبناء مؤسسات الدولة  وتحقيق السلام والأمن والاستقرار في ليبيا.

تحركات خارجية

وشهدت الأزمة الليبية منذ بدايتها تدخل عديد الأطراف الدولية بغية التوصل الي حل،وفي هذا السياق،أكد الأمين العام لإتحاد دول المغرب العربي الطيب البكوش, في اتصال مع "بوابة إفريقيا الإخبارية"،الجمعة 21 جويلية/يوليو 2017, أن الإتحاد يقوم بمساع ومشاورات مع مختلف الأطراف الليبية من أجل إنهاء الأزمة وتفعيل الحل السياسي السلمي في ليبيا والحفاظ على وحدة شعبها. وأشار البكوش إلى أن الإتحاد يجري اتصالات مع أطراف ليبية مختلفة, مضيفا أن اخر هذه المشاورات كانت مع مجلس شيوخ وأعيان ليبيا الذي قدم ممثلوه مقترحات هي بصدد الدرس حاليا.

وفي اطار الجهود الأوروبية، يلتقى جون ايف لودريان وزير الخارجية الفرنسى، الاثنين المقبل، فى روما مع نظيره الايطالى أنجيلينو ألفانو لبحث جهود احلال الاستقرار فى ليبيا ومكافحة الإرهاب. وقالت المتحدث الرسمية بإسم وزارة الخارجية الفرنسية أنييس روماتى-إسبانى فى تصريح حسبما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط ، إن لودريان سيواصل الحوار الذى بدأه مع نظيره الايطالى بروما فى 6 يوليو الجارى لبحث الرغبة المشتركة للبلدين فى احلال الاستقرار فى ليبيا وضمان مراقبة فاعلة لأراضيها وحدودها من أجل مكافحة الارهاب وشبكات تهريب البشر.

وأضافت المتحدثة ان زيارة لودريان الى روما تأتى تلبية لدعوة نظيره الايطالى للمشاركة فى مؤتمر السفراء الإيطاليين الذى سيعقد هذا العام تحت عنوان " الأمن و النمو..التحديات أمام ايطاليا وأوروبا".وبالتوازي مع التحرك الفرنسي-الايطالي، جدد السفير البريطاني لدى ليبيا دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني ومؤسساتها واجهزتها المختلفة.واكد السفير في تصريح صحافي ان حكومته تدعم ليبيا في الوصول الى تحقيق اولويات اهتماماتها وهي الامن والاستقرار لليبيين ،مشيرا الى ان الشعب الليبي يحظي بدعم كبير من المجتمع الدولي على كافة المستويات.

مساعدات مصرية وأوروبية

 أعلنت وزارة الخارجية المصرية، وفق ما نقلت جريدة "العرب" اللندنية، عن تقديم شحنة مساعدات طبية لليبيا في "إطار جهود القاهرة لدعم الاستقرار وتحسين الخدمات للشعب الليبي".وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن "وزارة الصحة المصرية وجمعية الهلال الأحمر المصري بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية سلمت جمعية الهلال الأحمر الليبي شحنة مساعدات طبية تتكون من أدوية ومستلزمات طبية". وأشارت إلى أن المساعدات الطبية "سيتم توزيعها على المستشفيات والمراكز الطبية في مختلف المناطق الليبية بهدف دعم الخدمات الطبية المتاحة للشعب الليبي".وأرجعت الخارجية المصرية تلك المساعدات إلى أنها تأتي "ضمن الجهود المصرية الرامية إلى دعم الاستقرار في ليبيا والمساهمة في تحسين الخدمات الأساسية للشعب الليبي".

ويأتي ذلك تزامنًا مع إعلان المفوضية الأوروبية عن تقديم مساعدات طارئة إضافية بقيمة 10 ملايين يورو لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في ليبيا.وأشار بيان صادر عن الجهاز التنفيذي الأوروبي ،الخميس 20 يوليو 2017،إلى أن "مساعدة المجموعات الأكثر ضعفًا بين الليبيين تعتبر من أولويات الاتحاد الأوروبي"، الذي يقدم مساعدات عديدة ومختلفة بقيمة 220 مليون يورو لهذا البلد.

وبحسب وكالة آكي الإيطالية فإنه من المقرر أن تصرف هذه الأموال لصالح المنظمات الإنسانية الدولية، وذلك لتأمين الخدمات الصحية الطارئة والأدوية.ومن جهته، ناشد المفوض الأوروبي المكلف شؤون إدارة الأزمات والمساعدات الإنسانية كريستوس ستيليانيدس، جميع أطراف الصراع في ليبيا العمل من أجل ضمان وصول المساعدات بشكل فوري وآمن وغير مقيد لكل من يحتاج إليها في كل المناطق الليبية. وأضاف: "نحن في أوروبا نقف إلى جانب الذين يعانون من النزاع ونلتزم بمواصلة الاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية".

وخصص الاتحاد الأوروبي مبلغا يقترب من 30 مليون يورو منذ بدء الأزمة في ليبيا لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة الطارئة. وتشير التقديرات الدولية إلى أن هناك حوالي 13 مليون شخص في ليبيا ممن يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، ومن بينهم المهجرون داخليا واللاجئون والمهاجرون.