في الوقت الذى تتصاعد فيه الآمال بإمكانية إنهاء الأزمة الليبية وتوحيد الجهود لبناء دولة موحدة،تشهد عدة مناطق في ليبيا انفلاتا أمنيا عكسته الهجمات الإرهابية الأخيرة،وتصاعد وتيرة الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة خاصة في العاصمة طرابلس،وهو ما ينذر بإستمرار حالة الفوضى والمخاطر المتربصة بالبلاد.

إلى ذلك،أصدر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج،قرارا بإنشاء عمليات مشتركة في تاجوراء،كلف بموجب القرار العميد الشعاب محمد الفيتوري آمراً للغرفة وبعضوية كل من العقيد بحار صالح ميلاد الحصادي ضوء والعقيد أبوبكر علي عبدالسلام كرموس والعقيد محمد عبدالرزاق دخيل.وأكد على أن تضم الغرفة في عضويتها عضواً عن الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية الواقعة داخل تاجوراء.

ولفت القرار إلى أن مهام الغرفة هي تأمين المنطقة الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمنطقة تاجوراء شرقاً وغرباً وجنوباً بالإضافة إلى مكافحة الجريمة بشتى أشكالها داخل نطاق عمل الغرفة والإشراف ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية الموضوعة من قبل الجهات المختصة.مشيرا إلى إلغاء أي غرفة عمليات أخرى مشكلة بمنطقة تاجوراء، ومطالباً بضرورة العمل به منذ تاريخ صدوره وعلى الجهات المعنية تنفيذه كل فيما يخصه.

ويأتي هذا القرار،بعد أيام من مناورة عسكرية في مطار النموة العسكري بالسدادة،قامت بها القوات البرية الموالية لحكومة الوفاق، بالمشاركة مع سلاح الجو الليبي،بحضور النائب بالمجلس الرئاسي أحمد معيتيق، ورئيس أركان القوات الجوية علي أبودية، والبرية عبدالرحمن الطويل، وآمر المنطقة العسكرية الوسطى محمد الحداد، ومحمد الزين آمر قوة مكافحة الإرهاب، وآمر الكلية الجوية ـ وآمر اللواء الثاني مشاة، وعدد من الضباط.

وسبق ذلك تخريج الدفعة الثانية من قوة العمليات الخاصة بالحرس الرئاسي التابع لحكومة "الوفاق الوطني"،الذي شهدته القاعدة البحرية بالعاصمة الليبية طرابلس، وذلك بحضور رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.وقال الناطق الرسمي باسم قوة العمليات الخاصة، النقيب حاتم القماطي،في تصريح للأناضول، إن "الدفعة الثانية التي جرى تخريجها، تضم 400 عنصر أمني بعد أن خضعوا لفترة 3 أشهر من التدريب".

وأعلنت حكومة الوفاق يوليو الماضي انطلاق تدريب أول قوات نظامية تابعة لها.ويعوّل المجلس الرئاسي حاليا على عدة ميليشيات أعلنت ولاءها له، لتأمين العاصمة الليبية.في وقت ينتقد فيه الليبيون عدم تنفيذ المجلس للترتيبات الأمنية الواردة في الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في ديسمبر 2015.

وشهدت العاصمة الليبية،مؤخرا تواتر اندلاع الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة، وهو ما دفع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي،لإجراء تعديلات على رأس المؤسسات الأمنية.حيث أعلن المجلس الخميس الماضي،إعفاء وزير الداخلية العارف الخوجة من منصبه، وذلك لدواعي "المصلحة العامة" وتكليف العقيد عبدالسلام عاشور،وهو عقيد سابق في جهاز الأمن الليبي من مدينة الزاوية، يشغل منذ مارس الماضي خطة وكيل وزارة الداخلية، خلفا له.

وكانت طرابلس قد شهدت اشتباكات استهدفت محيط مطار امعيتيقة، المنفذ الجوي الوحيد للعاصمة يناير الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من عشرين شخصا وجرح حوالي ثلاثين آخرين. واندلعت الاشتباكات بين قوة الردع الخاصة وميليشيا تابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق لكنها تدين بالولاء لتيار الإسلام السياسي.

وفي المقابل،أصدر القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر،الاثنين 19 فبراير 2018، قرارا بضم اللواء السادس مشاة بسبها بكافة أفراده وعتاده وذمته المالية للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية.وعين العميد احميد محمد سالم العطايبي آمرا للواء.ونص القرار على إنشاء كتيبة دبابات تحت مسمى كتيبة 205 دبابات بإمرة النقيب سعد عبدالوهاب علي بوعوينة ومكان تمركزها سبها.

كما نص القرار على إنشاء كتيبة مدفعية تحت مسمى كتيبة 311 مدفعية  بإمرة  المقدم عبدالسلام زيدان المهدي وتمركزها سبها، وكتيبة مشاة  تحت مسمى الكتيبة 183 بإمرة  النقيب أمحمد عثمان عيسى.ويتمركز  اللواء السادس مشاة في أحد أكبر المعسكرات وسط مدينة سبها (كتيبة فارس الصحراء) سابقا، ويمتلك ترسانة ضخمة من الآليات والعتاد العسكري ويصنف من أكبر القوات العسكرية المتمركزة في الجنوب الليبي.

وتشهد مدينة سبها اشتباكات قبلية بين فترة وأخرى، كما شهدت هجمات متفرقة.وكانت  مجموعة مسلحة مجهولة الهوية قامت،في أواخر يناير الماضي، بالهجوم على المصرف الأهلي في المدينة،وأسفر الهجوم عن وفاة اثنين من حراس المصرف، وجرح الثالث، وإصابة أحد المهاجمين.وقبل ذلك،قامت مجموعة مسلحة بإطلاق الرصاص العشوائي على مقهى بجوار محطة وقود الناصرية في سبها،وأسفر الهجوم على سقوط عدد من القتلى والجرحى الذين تم إسعافهم إلى مركز المدينة الطبي.

ويأتي هذا القرار في أعقاب إجتماع المشير خليفة حفتر مع عدد من ضباط وضباط صف القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش، في حضور قائدها اللواء ونيس بوخمادة، وعدد من القادة العسكريين.وناقش الإجتماع،وفق ما نقلت مصادر عسكرية ،أوضاع القوات الخاصة وعملها طيلة المدة الماضية، مشددا على ضرورة أن يعاد تنظيم هذه القوة على الأسس العسكرية الصحيحة، وأن يتم تدريب الذين تطوعوا والتحقوا بها حتى يتم ضمان الضبط والربط العسكري.

وتزامن الاجتماع، مع إصدار الفريق عبد الرزاق الناظوري، رئيس الأركان العامة للجيش، تعليمات "بضرورة إنهاء ظاهرة الاعتقال العشوائي في كافة المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة قوات الجيش".وقال بيان للجيش إن الناظوري أكد خلال ترؤسه لأول اجتماع لغرفة عمليات تأمين مدينة بنغازي بعد إعادة تشكيلها مؤخراً برئاسته، على "ضرورة إنهاء ظاهرة التجول بسيارة عسكرية مسلحة ومباشرة القبض على المطلوبين وتجار المخدرات وغيرهم" قبل أن يشدد على أن "مهمة الغرفة هي توفير الأمن بمدينة بنغازي على وجه الخصوص في أقرب وقت ممكن".

وكان المشير خليفة حفتر قد أعاد تشكيل غرفة تأمين بنغازي برئاسة الناظوري، بعد تكليف قائد الصاعقة بوخمادة بمهمات جديدة في مدينة درنة التي تحاصرها قوات الجيش الوطني منذ العام الماضي استعداداً لتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية التي تسيطر عليها. وتعتبر درنة المعقل الرئيسي للمتطرفين في شرق ليبيا، المدينة الساحلية الوحيدة في شرق ليبيا التي ما زالت بعيدة عن سيطرة قوات الجيش، والتي أنهت مؤخراً عملية عسكرية مماثلة لتطهير بنغازي من قبضة المتطرفين.

وشهدت مدينة بنغازي خلال الفترة الماضية أحداثا دامية نتيجة لتفجيرات إرهابية استهدفت مساجدها في أكبر موجة عنف بعد إعلان تحريرها في يوليو من العام الماضي.حيث وقع،انفجار مزدوج داخل مسجد بمنطقة الماجوري في مدينة بنغازي الليبية،في التاسع من فبراير الجاري، وأسفر عن سقوط قتيل و62 جريحا في حصيلة أولية.وقتل 37 شخصا وجرح أكثر من 80 آخرين في تفجيرين هزا مسجدا في منطقة السلماني شرق بنغازي في نهاية يناير الماضي.

ودخلت ليبيا منذ العام 2011،في دوامة من العنف والفوضى ساهم فيها إنتشار السلاح بصفة كبيرة علاوة على ظهور التنظيمات الإرهابية التى جعلت من هذا البلد مركزا لتجميع عناصرها.وتلقي الأوضاع الأمنية المتردية،بظلالها على الساحة الليبية التي تشهد مؤخرا مساعي حثيثة لتوحيد المؤسسة العسكرية التي يجمع المراقبون على أنها نقطة البداية لحل الأزمة الليبية وإعادة الإستقرار والأمن.