تقف ليبيا في مفترق طرق؛ فإما أن يتغلب السلام،وإما أن يستمر الاقتتال، وتتفاقم الفوضى واللاستقرار،وتتوسع أكثر رقعة الفوضى المهددة لأمن واستقرار دول الغرب والجوار.ويبدو أن التحركات السياسية والدبلوماسية التي تسارعت على أكثر من صعيد خلال الفترة الماضية تهدف لانقاذ البلاد من السقوط في مأزق جديد يزيد من تعقيد الازمة.

إلى ذلك،تكثفت في الفترة الأخيرة التحركات على أكثر من صعيد لبحث الملف الليبي،حيث قام رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية،السراج بزيارة إلى واشنطن، التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعددا من المسؤولين والشخصيات السياسية والأمنية، منها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، لبحث قضايا محاربة الإرهاب ودعم الاتفاق السياسي الليبي.

ولاقت الزيارة ،زخما دوليا ومحليا، باعتبارها دعما دوليا له ولحكومة السراج وللحل السياسي لا العسكري،حيث اتفق الطرفان على "وحدة ليبيا واستقرارها ودعم واشنطن اللامحدود لليبيا، ووقوفها مع خطة الأمم المتحدة وحكومة الوفاق الليبية حتى تتحقق المصالحة الوطنية في ليبيا، وأن حل الأزمة في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا سياسيا"، بحسب بيان للبيت الأبيض.

زيارة السراج تلتها زيارة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إلى القاهرة،حيث التقى،الاحد، بالمشير خليفة حفتر قائد عام الجيش الليبي، على هامش زيارة الأخير الرسمية إلى القاهرة، حسبما أفادت فضائية "سكاي نيوز عربية".وبحث الطرفان خطة الحل وإجراء الانتخابات، وناقشوا الأزمة السياسية في البلاد ومختلف الأوضاع على بقية الأصعدة الأمنية والاقتصادية بما فيها الجهود المبذولة لتوحيد المؤسسة العسكرية.

كما عقد المبعوث الأممي لدى ليبيا،الاثنين، إجتماعًا بمقر الأمانة العامة للجامعة بالعاصمة المصرية القاهرة، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لبحث تطورات الملف الليبي وسبل إيجاد حلول للأزمة.وناقش الطرفان خلال اللقاء الجهود والاتصالات مع مختلف الأطراف الليبية من أجل إتمام خطة العمل، لاستكمال العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وتتويجها بالانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وفي سياق متصل،تتصاعد تحركات دول الجوار فى إطار محاولات إنقاذ ليبيا من الإنزلاق نحو مزيد من التأزم،حيث أعلن وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي،الثلاثاء، إن العاصمة التونسية ستحتضن في الأيام القليلة القادمة الاجتماع المقبل لوزراء خارجية كل من مصر وتونس والجزائر لمتابعة المبادرة الثلاثية حول ليبيا.وقال خميس الجهيناوي، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" إن الاجتماع المرتقب، سينعقد يوم 17 كانون الأول/ديسمبر الجاري، مشيرًا إلى أنه يأتي في إطار الحرص على إضفاء النجاعة اللازمة على مبادرات وجهود بلدان الجوار الهادفة إلى تحقيق تسوية شاملة للأزمة الليبية.

وشدّد الجهيناوي على أن "الحل السياسي في ليبيا وإخراج هذا البلد من حالة الفوضى السياسية والأمنية ضروريان لليبيا و لدول الجوار، و لكل دول المنطقة وضمانة للأمن والسلم الدولييْن".مضيفا أن الاجتماع الثلاثي المرتقب في تونس لوزراء خارجية مصر و تونس والجزائر، يأتي استكمالًا لاجتماع تشاروي عقدوه في  القاهرة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بهدف تفعيل اتصالات وجهود دول الجوار حول الأزمة الليبية، و دعم المبعوث الأممي في مهمته، ودعوة الليبيين للبحث عن حل سياسي.

 وكان الجيهناوي بحث مع نظيره السوداني إبراهيم غندور،الاثنين،الأزمة الليبية وجهود الحل السياسي.وقال الجيهناوي خلال المؤتمر الصحافي المشترك،إن البلدين لديهما نفس وجهة النظر حول سبل حل القضايا الإقليمية العربية، وأهمها الأزمة الليبية التي لا يكون حلها إلا عبر تسوية سياسية.اتفق الوزيران على دعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من أجل تحقيق التسوية السياسية، والعمل سويا على تقليص بؤر التوتر في المنطقة بهدف الحفاظ على الأمن العربي.

من جهته،شدد الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي خلال لقائه مع وزير الخارجية السوداني أحمد الغندور،على أهمية التنسيق والتعاون بين تونس والسودان في عدد من القضايا التي تشغل المنطقة، وفي مقدمتها الأزمة الليبية.وأكد السبسي على أهمية دور دول الجوار في مساعدة الشعب الليبي، مضيفا أنه لابد من تشجيع الليبيين على التوافق للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة لهذه الأزمة.

وتأتي هذه التحركات تعبيرا عن خشية ليبية وإقليمية ودولية من إمكانية انزلاق الأوضاع نحو مربع العنف والفوضى.وكان وزراء خارجية تونس والجزائر ومصر،قد حذروا، أثناء اجتماع القاهرة التشاوري،في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي،الأطراف الليبية، من خطورة الوصول إلى فراغ سياسي في ليبيا تستفيد منه الجماعات المتطرفة، مؤكدين في الوقت ذاته، على دعم الحوار السياسي للتوصل إلى حل شامل للأزمة، مع رفض التدخل العسكري.

وتتكون خريطة الطريق، التي طرحها المبعوث الأممي غسان سلامة، من 3 مراحل، تبدأ بتعديل اتفاق الصخيرات السياسي الذي وقعته الأطراف الليبية في 2015، ثم عقد مؤتمر وطني تحت رعاية الأمم المتحدة، وإجراء حوار مع الجماعات المسلحة لدمجها في العملية السياسية والحياة المدنية، ومبادرة لتوحيد الجيش الليبي، على أن يتم ذلك في غضون سنة من إجراء استفتاء على الدستور، تتلوه انتخابات رئاسية وبرلمانية.

على صعيد آخر،أطلق،الاثنين  04 ديسمبر2017، 90 عضواً من أعضاء مجلس النواب الليبي مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة، وتكليفها باختيار من يشغل المناصب السيادية في ليبيا، وتطبيق المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي، التي وُصِفت بـ"غير المُختلف فيها بين المتحاورين".

وتشمل المناصب التي عرضتها المبادرة وتم توجيهها لمكتب رئاسة مجلس النواب رؤساء ديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، والمحكمة العليا، المفوضية العليا للانتخابات، وهيئة مكافحة الفساد، والنائب العام.وقال النواب، الذين أطلقوا المبادرة في بيانٍ لهم إن "من شأنها زيادة مستوى كفاءة المؤسسات الليبية الأمنية والرقابية والاقتصادية والمالية والقضائية، وإنجاح الانتخابات القادمة، مطالبين رئاسة مجلس النواب، وباقي الاعضاء بعقد جلسة طارئة".

ومع إقترب انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر 2015،وغياب ملامح تسوية سياسية قريبة،تحاول البعثة الأممية قدر المستطاع التقريب بين البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة بخصوص تعديلات الاتفاق،ورغم أن المهمة كما تبدو صعبة ومعقّدة لإيجاد صيغة شاملة وموحّدة لتطبيق الخطّة الأممية الجديدة،فإن البعض يرى أن فرصة التوصل إلى حل لم تصل بعد إلى طريق مسدود.