اعلن الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا غسان سلامة ،الاربعاء امام مجلس الامن انه سيطلق تحركا جديدا و اخيرا لاقناع اطراف النزاع الليبي بالانضمام الى اتفاق 2015 (اتفاق الصخيرات) ،و قال سلامة "اعتبارا من الغد ،سأقوم بمحاولة جديدة و اخيرة لإجراء التعديلات".

و يأتي هذا التحرك الجديد للبعثة الأممية ،في ظل مؤشرات ايجابية عن امكانية الوصول إلى حل سياسي يحظى بتوافق الأطراف الليبية المتنازعة ،و الذهاب مباشرة إلى انتخابات حرة و نزيهة تنهي حالة الانقسام و الفوضى ،كما يأتي ضمن سياق عام ينادي بضرورة انهاء هذه المرحلة في أسرع وقت ،مع تزايد وتيرة التحركات الاجتماعية خاصة منها القبلية ،من اجل تقريب وجهات النظر بين الشرق و الغرب و الساعية بالأساس إلى توحيد مؤسسات الدولة.

ميدانيا يشهد الوضع الامني في ليبيا مع بداية العام 2018 استقرار نسبيا ،إذ خفت حدت الهجمات الإرهابية و التفجيرات و الاشتباكات المسلحة ،فضلا عن النجاحات الأمنية هنا و هناك لاستهداف العصابات المنتشرة في ليبيا ،كل ذلك مع تتواصل المساعي لتوحيد المؤسستين العسكرية و الأمنية.

وقد بدأت القوات العسكرية سواء في الغرب أو الشرق ،بأخذ زمام الأمور و بدت أكثر تنظيما في مواجهة الجريمة المنظمة و ملاحقة عصابات التهريب وتجارة البشر ،كما تواصل القوات المسلحة جهودها ،لتطهير الجنوب الليبي ،من العصابات ،ووقف أنشطتها التي ساهمت في تعميق الانقسام وإذكاء الصراعات بين القبائل.

و رغم وجود خلافات حول من تعهد إليه القيادة العليا للجيش الليبي ،إلا أن مساعي أبناء المؤسسة العسكرية الليبية متواصلة ،لتوحيد الجيش ،فقد اتفق المشاركون في الاجتماع السادس لتوحيد مؤسسة الجيش الليبي عقد الثلاثاء 20 مارس 2018 ،على مواصلة سلسلة اجتماعاته في القاهرة خلال الفترة القليلة المقبلة ،بهدف بحث آليات التنفيذ والتطبيق الفعلي للمشروع الوطني لتوحيد الجيش الليبي، بما يتلاءم مع مهامه المنوط بها، وكذلك لتلبية متطلبات واحتياجات الدولة.

في غضون ذلك ،كررت بلديات ليبيا للمرة الثانية اقتراحها بالقيام بوساطة ،لإجراء حوار بين الفرقاء السياسيين ،قصد تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد المؤسسات، أو تسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقضاء خلال شهر من الآن.

وقال المشاركون و البالغ عددهم 107 من عمداء البلديات ورؤساء المجالس المحلية في الملتقى الثاني و الذي استمر يومين في العاصمة طرابلس ،في بيانهم الختامي  إنه "في حال انقضاء المدة الممنوحة دون اتفاق ، سيتم دعوة المجلس الأعلى للقضاء للقيام بـ(مهمة تاريخية) لتولي زمام السلطة في ليبيا، وتشكيل حكومة تصريف أعمال لا تزيد مهمتها عن عام كامل".

إلى ذلك أعلن فوزي النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، تأييده لعقد جلسة للمجلس بمدينة بنغازي في شرق البلاد ،مشيرا نه يجري اتصالات مع جميع الجهات ذات العلاقة للنظر في الإجراءات الأمنية والإدارية التي تساعد في انعقاد الجلسة في أقرب فرصة بمدينة بنغازي.

من جهة أخرى قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج إن بوادر انفراج الأزمة تلوح في الأفق مع تحسن مستوى دخل الدولة داعيا إلى أن يكون العام الجاري هو عام ترسيخ الاستقرار وانطلاق مرحلة البناء من خلال تنمية كل المدن بعيدا عن أي تهميش أو إهمال.

و أضاف السراج خلال زيارته إلى مدينة جادو الجبلية الواقعة شمال غرب البلاد ،رفقة عدد من وزراء حكومة الوفاق الوطني أن البلاد تواجه تحديات مختلفة سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا مؤكدا في الوقت نفسه أنه بالإمكان حلها من خلال تضافر الجهود وتحمل الجميع لمسؤوليته.

ودعا السراج إلى تحكيم العقل وطي صفحة الخلافات والالتفاف حول هدف واحد متمثل في بناء ليبيا محذرا من ضياع البلاد نتيجة الجشع والغباء حسب قوله.

وكانت وزارة المالية التابعة لحكومة الوفاق الوطني ،أعلنت منتصف مارس الجاري ، توحيد صرف الرواتب لهذا العام في كل أنحاء ليبيا، بعدما كانت الحكومة المؤقتة في شرق البلاد تصرف الرواتب بشكل منفرد على العاملين هناك منذ 2015.

ويرتقب أن يتم توحيد كل العمليات المالية بين مكونات الحكم في البلد المنقسم منذ سقوط نظام العقيد الراحل ، معمر القذافي ،خطوة يصفها مراقبون بالهامة و الصحيحة نحو توحيد المؤسسات الوطنية الليبية و تأسيس حكومة قوية ومتماسكة لقيادة البلاد إلى بر الأمان.

و يرى المبعوث الأممي غسان سلامة ،في إحاطته أمام مجلس الأمن ،إلى أن عجز الدولة الليبية عن تقديم الخدمات لمواطنيها، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة خلق حلقة مفرغة تقوم بدورها بتقوية من يزعمون التدخل لملء الفراغ، الأمر الذي يؤدي إلى المزيد من التقويض للدولة.

وأشار سلامة إلى “أن العملية السياسية في ليبيا يجب أن تتقدم، والوضع الراهن لا يمكن الإبقاء عليه”. مطالبا من مجلس الأمن أن يجعل هذه الرسالة حول عدم قابلية استمرار الوضع الراهن “واضحة لجميع القادة في البلد”.