اختارت بوابة إفريقيا الإخبارية أن تزور هذه المرة مسقط راس الجنرال محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق صانع الرؤساء واسطورة المخابرات في الجزائر، هذه الشخصية التي اثار اقالتها أو احالتها على التقاعد عديد التساؤلات سيما في الوقت الراهن، واردنا من خلال هذا التقرير الولوج الى القرية التي ولد فيها الجنرال، كيف كانت علاقته بالمنطقة وسكانها؟، هل كان يزور المنطقة؟ ، وماذا استفادت منه كمسؤول اول في المخابرات؟ وهل حقا الجنرال توفيق غير معروف حتى بين اهله واحبائه؟ فتابعوا معنا.

آيث يعلى..هنا ولد الجنرال توفيق

بين سلسلة جبلية صعبة البلوغ، والبعيدة عن العاصمة الجزائر بما يزيد عن ال300 كلم، أشرقت لنا قرية آيث يعلى بمدينة قنزات الواقعة شمال غرب محافظة سطيف،قرية هادئة تعداد سكانها قليل جدا لا يزيد عن الالف، كون أغلب سكان المنطقة هجروها سنوات الجمر باتجاه عاصمة الولاية سطيف او عاصمة الوطن الجزائر، وما بقي في القرية سوى القلة القليلة التي تمتهن الفلاحة الجبلية، كغراسة التين والزيتون وبعض المنتوجات المحلية، هناك ولد الجنرال اللغز توفيق المعروف بمحمد مدين عام 1939 ،وتنمي قرية آيث لعلى الى بلدية قنزات الجبلية والتي تشملها حدود مع محافظتي برج بوعريريج وبجاية، وهي منطقة تنتمي الى القبائل الصغرى، القرية التي ولد بها الجنرال لا تزال محافظة على نسق بناياتها بالقرميد والحجر، بل وبقلب قنزات هناك قصبة مصنفة في التراث العالمي وهي تحضى بالعناية الكاملة ،أحياء قرية آيث يعلى ضيقة وبين السكنات القديمة هناك بعض الفيلات الحديثة ،الا ان أصحاب هذه الأخيرة اختاروا تسقيفها بالقرميد حتى تظهر كالبنايات الأخرى، وعلى الرغم من الاختلاف الوارد حول البناية التي ولد بها محمد مدين، الا ان القرية متفق عليها، لان عرش مدين حينها كان واسعا، وهناك عدد من البنايات تابعة لأجداده.

منطقة يقدس فيها العلم والعمل

تعتبر منطقة إيث يعلى بقنزات قلعة من قلاع الحركة الإصلاحية في الجزائر و حوضا وافرا للعلم والمعرفة رغم ما فيها من ظروف وعرة للتحصيل العلمي ، تضاريسها جبلية صعبة ومناخها قاس ،إلا أن منطقة قنزات بسطت ترعرت بها وفود هائلة من طالبي العلم من كل الجهات و كونت رجالا في العلم والدين ذاع صيتهم بين أقطار العالم وأشهرهم الشيخ الفضيل الورتيلاني الذي أخذ نواته الفكرية من هذه المنطقة، وقد أرخها كبار العلماء منهم الرحالة الشيخ الحسين الورتيلاني الذي قال عن منطقة قنزات قولا لا يوزن بميزان ولا يكيل بمكيال ووصفها بحوض العلم والمعرفة وهو يقول فيها : إيث يعلى ينبت فيها العلماء كما ينبت الشجر .

الجنرال توفيق لم يعش في آيت يعلى الا القليل

على مشارف بلدية قنزات التقينا بالحاج موسى آيث العربي، وهو في عقده الثامن ،يروي لبوابة افريقيا الاخبارية بصوت خافت ما يعرفه عن محمد مدين:" في الحقيقة أنا اعرف عائلته، وهي معروفة بمحافظتها وكرمها،والكل يشهد بتضحياتها خلال الثورة ضد المستعمر الفرنسي، لكن الجنرال توفيق لا أعرف عنه سوى انه ولد هنا ،وبعد فترة قصيرة انتقلت عائلته للعيش بالعاصمة وهو رضيع، ومن ثم كانت عائلته تزور المنطقة مرارا وتكرارا، لكني لا أذكر ان كان ياتي معهم أو لا، الى ان شاعت الاخبار بان اللسان الاول على جهاز المنطقة هو من عندنا"، بدوره سعدون سعيد وهو ابن المنطقة ويقارب سنه الثمانين ،يصرح لبوابة افريقيا الاخبارية بان عائلة مدين رحلت الى العاصمة قبيل الثورة التحريرية وكان حينها توفيق او محمد صغير، أما عن البيت الذي ولد فيه فيردف عمي السعيد:" عرش مدين يطل على الوادي الذي يفصل قرية آيث يعلى بمقر البلدية، هناك مجموعة من السكنات محاطة بسور، هناك ولد توفيق لكن لا علم لي في اي بيت بالضبط".

لا يعرفون حتى شكله

المعروف في شخصية الجنرال توفيق او محمد مدين، هو انه كان لا يظهر في وسائل الاعلام، واغلب الجزائريين لحد الآن لا يعرفون الجنرال توفيق، الا في بعض الصور المنسوبة اليه والتي يشكك الكثيرون بانها له ،حاولنا من خلال زيارة بوابة افريقيا الاخبارية الى مسقط راسه بقنزات، أن تنقل الصورة الحقيقية للجنرال المثير للجدل، لكننا لم نتمكن ،لأن ابناء القرية لا يعرفون عنه سوى ما تم تداوله كغيرلهم، ويعتبر الحاج موسى آيث العربي ان ابناء قنزات لا يعرفون الجنرال، وأنا شخصيا كنت اعرف احد اعمامه ولم يحدثنا يوما عنه، وفي طريقنا نحو البلدية مركز التقينا عددا من الشباب وحاولنا جس نبض معرفتهم لمحمد مدين فتراوحت إجاباتهم بين نعم ولا، فهناك من اقر بان الصور المشورة حقا له وهناك من أبصم بالعشر بانها ليست له لأن آل مدين في نظرهم كانوا طوال القامة بعكس ما تم تداوله يقول لصيف حمزة، ويرى فريد آيث العربي ان جده موسى يؤكد ان الصورة الحقيقية لمدين لا احد يعرفها ولم تقع عند أحد في قنزات حسب ما صرحه لبوابة افريقيا الاخبارية.

كان يزور المنطقة..تحت الظل

يؤكد عدد ممن التقينا بهم، أن ابن قريتهم الجنرال التوفيق لم يكن كثير التوافد على منطقتهم، ولما كان يزورها كان ياتيها تحت الظل وبلا بروتوكولات واضحة، وفي غالب الأحيان ياتي برفقة أشخاص فلا يظهر التوفيق من غيره، يقول الساسي سعدون لبوابة افريقيا الإخبارية، أن الجنرال التوفيق زار المنطقة سنة 2007 ،وكانت وضعية الطريق جد مهترئة، واصدر أمرا استعجاليا بتهيئة الطريق وهو ما جعلها على الصورة التي هي عليه اليوم، ويضيف هناك القليلون من كانوا يعرفون بقدومه، حتى السلطات المحلية حينها لم تكن على دراية بالزيارة لأنني كنت واحد منهم يضيف الساسي سعدون .

المنطقة كانت محاصرة إرهابيا سنين الجمر

 يرد موسى آيت العربي سبب التواجد المكثف للجماعات المسلحة خلال العشرية السوداء أو تسعينيات القرن الماضي في المنطقة، الى منطق الثار لتواجد الجنرال التوفيق على رأس المخابرات، بحيث دفعت ىالمنطقة الكثير خلال تلك السنوات، وعرفت المنطقة الممتدة من حربيل الى حدود حمام قرقور وصولا الى آيث يعلى حصارا كبيرا من طرف الجماعات السلحة، بل وتحولت العديد من تلك الغابات الى ثكنات للجيش الجزائري المرابط من أجل مكافحتهم، ولم يكن يمر يوم حسب موسى الا بعمليات القتل والاختطاف والحواجز المزيفة، لكن والحمد لله يضيف:" عاد الامن وعادت العائلات التي هجرت المكان حينها، رغم ان الكثيرين فضلوا البقاء بسطيف والجزائر العاصمة.