شهدت مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن في ليبيا،حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن بعد أن استوطنتها التنظيمات الارهابية طيلة ثلاث سنوات.ومع نجاح الجيش الليبي فى استئصال جذور الإرهاب منها وإنهاء سيطرته عليها،تشهد المدينة تحسنا كبيرا للأوضاع الأمنية،علاوةعلى التحركات الحثيثة لإعادة إعمار ما أفسدته آلة الإرهاب.

إلى ذلك،ورغم تحريرها إلا أن العناصر الإرهابية مازالت تتربص بالمدينة،فيما يواصل الجيش الليبي جهوده للقضاء عليها.وفى هذا السياق،تمكنت قوات تابعة للصاعقة من القبض على أفراد خلية إرهابية داخل منزل،السبت 14 أكتوبر 2017،بمنطقة القوارشة غرب بنغازي.وبحسب الصفحة الرسمية للرائد محمود الورفلي فقد داهمت المجموعة منزل أحد العناصر الإرهابية الذي كانت تتواجد به مجموعة من الخلايا النائمة من العناصر الإرهابية.وأكدت الصفحة أنه تمت القبض على كافة أفراد الخلية،والسيطرة على المنزل بالكامل، بدون أضرار بشرية في صفوف القوات الخاصة، أو العناصر الإرهابية.

وتعتبر الخلايا النائمة سلاح العناصر الإرهابية بعد هزائمها،وفى سبتمبر الماضي،أدى انفجار سيارة مفخخة قرب مكتب للشرطة المدنية في بنغازي،إلى وقوع عدد من الجرحى،وإتهم آمر الدوريات بقوة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب حمدي الدينالي، "الخلايا الإرهابية النائمة في مدينة بنغازي بالوقوف خلف الانفجار لزعزعة الاستقرار في المدينة التي أعلن عن تحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية".

وتكثف الأجهزة الأمنية من جهودها لحفظ الأمن،وكان آمر القوات الخاصة الصاعقة اللواء ونيس شدد في وقت سابق، أن أمن مدينة بنغازي"خط أحمر" لن يسمح بالمساس به.وأكد اللواء بوخمادة، خلال اجتماعه بعدد من ضباط القوات الخاصة ومنهم الملتحقين حديثا، في المعسكر الرئيسي، "ضرورة القضاء على آخر معاقل الإرهاب بالمدينة وتطهيرها من الخلايا النائمة والمندسين".كما شدد على ضرورة "مساندة جميع الأجهزة الأمنية العاملة داخل مدينة بنغازي وخارجها، والوقوف معها في فرض سلطة القانون واستتباب الأمن بالمدينة، والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العبث بأمن المدينة وبث الفتنة فيها والوقوف مع أهالي بنغازي".

من جهة أخرى،وعلى صعيد تحقيق الأمن في المدينة،ساهمت 3 شركات ليبية في مجال التكنولوجيا، والدعاية، في ابتكار تطبيق يحمل اسم "بلّغ"، لتصوير أي جسم يشتبه في أن يكون لغما، أو قابلا للانفجار في مدينة بنغازي.وقال أحمد بن موسى المدير التجاري لشركة تطوير للأبحاث التقنية، وهي صاحبة الفكرة، لـ"سكاي نيوز عربية" إن التطبيق الذي بدأ العمل به، الاثنين، حقق ردود أفعال "جيدة، لمساهمته في اتصال المواطنين ببنغازي بالجهات المختصة المعنية بمكافحة الألغام".

ومنذ اعلان تحرير المدينة من الارهاب في 05 يوليو الماضي،وقعت عدة انفجارات حصدت أرواح المزيد من أبناء ليبيا.وتعتبر التفجيرات سلاح التنظيمات الارهابية أمام تراجعها في الميدان وفقدانها لابرز معاقلها ،وهو ما يجعلها تلجأ الى المفخخات والالغام بغية حصد أرواح الأبرياء في محاولة يائسة لبث البلبلة والانتقام لهزائمها،والتي لا تعني بحسب الخبراء أي قيمة عسكرية سوي ضحايا أخري تضاف الي سجلهم الإجرامي في حق البشرية.

وبالتزامن مع ذلك،أعلن آمر القوات الخاصة الصاعقة اللواء ونيس بوخمادة، الثلاثاء 17 أكتوبر 2017،في تصريحات اعلامية عن خطة أمنية جديدة في مدينة بنغازي، مؤكدا إصرار القوات الخاصة على ضبط جميع المخالفات.وقال بوخمادة إن الخطةَ ستحترم حقوقَ الإنسان وكرامته، مضيفا أن تطبيق القانون سيكون سواء على العسكريين والمدنيين، إضافة إلى العمل على إخلاء المقرات العامة والخاصة.ونوه إلى أن بنغازي ستكون نموذجا للدولة المدنية في ليبيا، وأشار اللواء إلى أن القوات الخاصة لا يقتصر دورُها على حماية بنغازي فقط بل تتبعُها وحدات في المنطقة الغربية والجنوبية شاركت في الحرب ضد داعش في صبراتة.

وتأتي تصريحات بوخمادة،بعد يوم من زيارة  سفير جمهورية إيطاليا لدى ليبيا جوزيبى بيرونى،الذي أكد خلال الاجتماع الذي عقد بقاعة الاجتماعات بمقر شركة الخليج العربي للنفط في بنغازي،أن مدينة بنغازي الآن مدينة السلام، ولابد التزام بلاده مع المجتمع الدولي بشأن الحوار الشامل بين كل الأطراف الليبية من أجل إحلال السلام في ليبيا.وأوضح السفير الإيطالي أن هذي الزيارة هي الأولى له، والتي تُعتبر زيارة ميدانية والهدف منها التعاون المستمر، وسعي بلاده في مساعدة تنمية بنغازي التي عانت الإرهاب والآن الظروف آمنه ومستقره.مضيفا أن مدينة بنغازي مدينة قوية، تحدّت كافة الظروف، مشيداً في الوقت ذاته بجهود وقدرات الجيش الليبي في محاربته للإرهاب وتحريره للمدينة.

 يأتي هذا في وقت أعلن فيه قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر،في كلمة له أمام المؤتمر الأمني الأول، الذي عقد بنغازي،أنّ معركة أمن المواطن قد بدأت بعد استكمال عملية التحرير من الجماعات الإرهابية المتطرفة وأهم مظاهر المعركة هو انتشار السلاح الذي يهدد الأمن الليبي.موضحا أن الأجهزة الأمنية واجبها تأمين الجبهة الداخلية وحماية المؤسسات لمقاومة الإرهاب، والتجسس، وكذلك الجرائم الإلكترونية والانتصار في معركة الأمن هو الانتصار الحقيقي.

على صعيد آخر تشهد بنغازي تحركات حثيثة لإعادة إعمار المدينة التي شهدت معارك عنيفة أحدثت أضرار كبيرة في بنيتها التحتية.وفى هذا السياق،شرعت بلدية بنغازي بإشراف الشركة العامة للكهرباء والطاقات المتجددة، في تنفيذ مشروع تركيب أعمدة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية في طريق مطار بنينا الدولي.وهذا المشروع يتم تمويله من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا، ويغطي مسافة ثلاثة عشر كيلومتر من مدخل مطار بنينا الدولي إلى التقاطع الدائري الخامس مع طريق الجمهورية.

يذكر أن السلطات الليبية أعادت رسميا فتح مطار بنينا الدولي،في يوليو الماضي، وهو المطار الرئيسي لمدينة بنغازي، بعدما نجحت قوات الجيش الليبي في دحر الميليشيات المتطرفة التي خربت المطار وأخرجته من الخدمة لثلاث سنوات. وكانت عمليات إعادة تأهيل المطار وتطويره، قد تعطلت كليا منذ عام 2014، بعد انتشار الجماعات الإرهابية في المدينة وعمليات التخريب التي طالته.

من جهة أخرى،باشر السجل المدني بالمنطقة الصابري عمله مجدداً.وقال مدير الإعلام بكتيبة 20 عمليات خاصة ومسؤول الإعلام لمحور الصابري رفيق السحاتي،في تصريح خاص لوكالة الأنباء الليبية،إن السجل المدني بالمنطقة الصابري باشر،الاثنين 16 اكتوبر 2017،عمله مجدداً بعد توقف دام لأكثر من 3 سنوات،حيث يقع مقر السجل في قلب محور المواجهات بين قوات المسلحة والقوات المساندة لها والجماعات الإرهابية طيلة السنوات الثلاث الماضية.

ومطلع أكتوبر الجاري،أعيد فتح ميناء بنغازي بعد ثلاث سنوات من توقفه عن النشاط بسبب المعارك التي شهدتها المدينة.وتوقف النشاط التجاري للميناء في 2014 إثر سيطرة مجموعات مسلحة على المدينة والتي أعلن الجيش الوطني الليبي طردها في يوليو 2017.وتولى ''رئيس الحكومة المؤقتة'' عبدالله الثني تدشين إعادة فتح ميناء بنغازي عبر قدومه على متن أول سفينة شحن دخلته.وأكد الثني أنّ بنغازي باتت مدينة للسلام وليس كما يروج لها أنها مدينة حاضنة للإرهاب الذي تقاطر عليها من كل دول العالم.

وبهدف تحفيز النشاط التجاري أعلن المسؤولون عن ميناء بنغازي أن توريد السلع للميناء سيكون معفيًا من الرسوم الجمركية بشكل مؤقت.وبإعادة تشغيل الميناء،ينضاف إلى بنغازي مكسب آخر بعد نجاحها في إعادة تشغيل مطار بنينا الدولي في بنغازي ثاني أكبر المطارات في ليبيا،في يوليوالماضي،بعد ان توقف عن العمل لسنوات بسبب قيام الجماعات الارهابية التي كانت تسيطر على المدينة بالتسبب في توقف حركته الملاحية.

وبعد ما عانته طيلة السنوات الماضية من دماء سالت هنا وهناك ودمار طال أحياءها الجميلة،تتسارع الخطى حثيثة لاعادة إعمار وبناء ثاني أكبر المدن الليبية التى إحتفلت مؤخرا بالذكرى الثالثة لإنتفاضة 15 أكتوبر المُساندة  للقوات المسلحة العربية الليبية ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة.