بعد القبض على المطلوب الأول في أوروبا صلاح عبد السلام، من المنتظر أن تكشف التحقيقات معه، حجم وطبيعة العلاقات المتشعبة التي سمحت بالتخطيط والتنفيذ للهجوم الدموي الذي استهدف باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، مخلفاً أكثر من 130 قتيلاً.

وشكل هروب عبد السلام، ونجاحه في التواري عن الأعين 4 أشهر لغزاً مستعصياً على الأمن والمخابرات الأوروبية، التي كانت تتساءل عن سبب فراره من باريس بعد الهجوم، ونواياه الحقيقية بعد الضربة الكبرى التي تلقتها فرنسا على يد مجموعة صغيرة من الإرهابيين، وذلك حتى سقوطه في معقله البلجيكي حي مولنبيك، بعد "وشاية" أحد أقاربه.

وأكدت قناة فرانس 2 الفرنسية الحكومية، أن المحققين الذين كانوا يطاردون خلية حي فورست، بعد الاشتباك مع ثلاثة عناصر متحصنين في شقة مهجورة نجح الأمن البلجيكي والفرنسي في تحديدها، وربطها بكوماندوس الموت الذي ضرب باريس، رفعوا بصمات عبد السلام عن بعض الأواني والصحون، ليقطعوا الشك باليقين حول وجود صالح عبد السلام في بلجيكا وليس في الرقة السورية، كما حاولت بعض التسريبات تأكيده، ربما في محاولة لتخفيف الطوق الأمني الذي كان مضروبا حول عبد السلام ومرافقيه.

وأوضحت القناة أن عبد السلام بعد فراره من حي فورست، اتصل بأحد أقاربه طلباً لمساعدته وتأمين خروجه من حي مولنبيك الذي لجأ إليه بعد وصول الشرطة إلى ملاذه في فورست، ونقلت القناة أن القريب المجهول اتصل بالشرطة وأبلغها بالمعلومات التي وصلته ما سمح للشرطة بتضييق الخناق أكثر على المطلوب وشركائه.

من جهتها نقلت صحيفة "درنيارأور" البلجيكية أن سكان حي فورست التقطوا صور فيديو لهروب عبد السلام وصديقه المطلوب الهارب أيضاً أمين شكري، ما جعل الأمن البلجيكي يتأكد من حضور عبد السلام في بروكسل ويتكتم على ذلك تماماً، لاقتناع المحققين بأنه سيُفكر في الاعتماد على دائرة معارفه من جديد، ما جعلهم يضعون كل أعضاء الشبكة من الموقوفين على ذمة التحقيق، أو الذين ينتظرون محاكمتهم، مثل عبيد أبركان تحت المراقبة المشددة، باعتماد الملاحقة الإلكترونية والهاتفية والمباشرة، وفقا لموقع 24.

وأثمرت الجهود أكلها بعد اتصال عبد السلام بأبركان، الذي طلب منه التوجه إلى بيت والدته في حي مولنبيك في انتظار تأمين ملاذ جديد، ما دفع الشرطة إلى التوجه إلى بيت أبركان المعروف بعلاقته بعائلة عبد السلام، والذي كان أحد المشاركين في رفع جثمان إبراهيم عبد السلام، شقيق صالح، في جنازة دفنه الخميس الماضي، وتصوير مراسم الدفن، ما أقنع الشرطة أنه فعل ذلك لتمكين الهارب من مشاهدة جنازة أخيه.

وأوضحت تقارير صحافية بلجيكية، أن الشرطة كانت تلاحق سراً أبركان بعد تأكدها من دوره في تأمين هروب عبد السلام، حتى المكالمة التي وضعتها على طريق الشقة في مولنبيك، واعتقال عبد السلام وصديقه شكري إلى جانب والدة أبركان وشقيقته بتهمة التغطية على مطلوبين في قضية إرهابية.