لئن مثل تحرير بنغازي من التنظيمات الارهابية ودك معاقلها هناك، خطوة هامة على طريق اعادة الاستقرار،الا ان التحديات الاكبر تأتي من شبكة الخلايا النائمة والنشطة التي تمكن الارهابيون من مدها في البلاد طوال السنوات الماضية مستغلين حالة اللا استقرار،والتي يبدو أنها بدأت في التحرك بقوة لتقويض مساعي البناء في البلاد.

فمن جديد،يضرب الإرهاب بقوة في بنغازي، فجر الجمعة 24 مايو 2018، حيث لقي 7 أشخاص بينهم طفلة مصرعهم، وأصيب أكثر من 22 آخرين في انفجار سيارة مفخخة، بالتزامن مع إقامة معرض دولي للصناعات السورية في مكان الحادث.وقال مصدر أمني إن السيارة المفخخة انفجرت قرب فندق تيبستي في شارع تجاري غالبا ما يكون مكتظا في شهر رمضان بعد حلول موعد الافطار، مشيرا الى ان معظم الضحايا مدنيون.

وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجير الإرهابي،وذكر بيان نشرته حسابات مرتبطة بالتنظيم الإرهابي عبر موقع "تويتر"،أن ذئاباً منفردة قامت في ولاية برقة باستهداف تجمّع لما وصفهم بـ"جند الطاغوت" بعملية انتحارية، أسقطت العشرات منهم بين قتيل وجريح، مهدّدا بشنّ هجمات أخرى في الأيام القادمة ضدّ قوات الجيش الليبي.

وتتعرض مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، للعديد من الهجمات الإرهابية عبر سيارات ملغومة أو انتحاريين بسترات ناسفة بشكل متكرر،في محاولة لإظهار المدينة بأنها غير آمنة.وقال النقيب طارق الخراز، المتحدث باسم الغرفة الأمنية المشتركة -بنغازي الكبرى (قوات مشتركة من الجيش والشرطة تؤمن المدينة)،في تصريح لوكالة الأناضول،"منفّذو الجريمة يريدون إرسال رسالة للعالم أن بنغازي غير آمنة، لذلك يقيمون تفجيرات لتخويف الزوار الأجانب من القدوم لبنغازي"، مبيّناً أن "تحقيقات بدأت حول الحادث لمعرفة المزيد من ملابساته".

ويأتي هذا التفجير في سياق تفجيرات مماثلة شهدتها ليبيا خلال الأيام الماضية،حيث إستهدف تفجير بوابة التسعين شرق مدينة سرت،وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين عسكريين ومدنيين.كما إستهدف هجوم إرهابي،الثلاثاء، بوابة الـ 60 الجنوبية بطريق أجدابيا جالو.وأدى الهجوم الذي تم عبر سيارة مفخخة الى سقوط عسكريين اثنين واصابة ثلاثة اخرين.فيما هاجمت مجموعة إرهابية بوابة أوجلة الشمالية،وألحقوا بمبناها أضرارًا جسيمة، كما أحرقوا عربات عسكرية،وخطفت أحد أفراد الحماية القائمين على البوابة.

وكانت قوات الجيش الليبي،قد انهت أواخر ديسمبر الماضي، عملياتها العسكرية وتمشيط آخر معاقل الإرهابيين، بعد قيام وحدات الجيش بشن عملية عسكرية واسعة للقضاء على آخر جيوب الإرهابيين بمنطقة اخريبيش في بنغازي،بعد عمليات استمرت لأكثر من خمسة أشهر.ولكن يبدو أن اشتداد الضغط على التنظيمات الارهابية وهزائمها،بدأ يدفعها الى تنشيط خلاياها النائمة.

وتواصل هذه الخلايا النائمة التى تتبع الجماعات الإرهابية المتطرفة تحركاتها فى مدينة بنغازى، وذلك بالقيام بتفجيرات فى المدينة لتشتيت القوات المسلحة الليبية التى تخوض معركة شرسة ضد الإرهابيين فى مدينة درنة شرق البلاد.وفي هذا السياق،وأكدت الحكومة المؤقتتة في بيان لها، أن هذا العمل الإرهابي الجبان، جاء كرد فعل على خسائر الجماعات الإرهابية في درنة، إلى جانب زعزعة الأمن في بنغازي، وليثبت المتورطين بالتفجير الإرهابي أن مدينة بنغازي غير آمنة.

واستنكرت الحكومة بكل عبارات الشجب والرفض والإدانة هذه الأعمال الإجرامية الجبانة التي تستهدف الأبرياء من أبناء الشعب الليبي على أيدي المجرمين،مجددة التأكيد على عزيمة الجيش في استئصال الإرهاب واجتثاثه من كافة أراضي ليبيا، مبينة أن الإرهاب لن ينال من إرادة الشعب الليبي.

وفي السابع من مايو الجاري،أطلق الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، هجوما واسعا لتحرير مدينة درنة الساحلية التي تعد 150 الف نسمة وتقع على بعد ألف كلم شرق طرابلس ويسيطر عليها ميليشيات إرهابية.وقد إستطاعت القوات االمسلحة تحقيق تقدم ملحوظ في عدة محاور حول المدينة مع تراجع العناصر الارهابية التي تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

وبالتوازي مع ذلك،تأتي الهجمات الارهابية في وقت تصاعدت فيه التحركات الدولية والإقليمية والداخلية في مسعى لحل الأزمة الليبية،والدفع نحو تأييد عقد الانتخابات التي يرجى منها أن تكون بوابة نحو الاستقرار في البلاد.ونقلت "إرم نيوز"،عن المحلل السياسي هاشم الحجي،قوله "أن تصعيد الهجمات والتفجيرات في هذا الوقت بالذات، يعد محاولة خطيرة من قبل الميليشيات المسلحة، لتعطيل محاولات الوصول إلى تسوية سياسية في ليبيا، ومحاولتها الإبقاء على حالة الفوضى بما يساعدها على استعادة زمام المبادرة وإعادة ترتيباتها لتعزيز قدرتها ونفوذها في البلاد، الأمر الذي سيؤدي الى حدوث المزيد من الانهيار في الأوضاع الأمنية ويؤثر سلبيًا على العملية الانتخابية وعلى ليبيا ككل".

واعتبر الحجي، أنه "بات من الصعب أن تنجح الأطراف الليبية الحاكمة، في تأمين العملية الانتخابية، في ظل الوضع الأمني الراهن وخصوصًا في ظل انتشار السلاح"، لافتًا إلى أن "الميليشيات هي العنصر الأساسي الذي يقف وراء هذه التفجيرات، لعدم رغبتها في استمرار الحياة الديمقراطية بالدولة الليبية".

وكان مبعوث الأمم المتحدة لليبيا غسان سلامة،أعلن الإثنين الماضي،أمام مجلس الأمن،أنه يركز على إجراء انتخابات هذا العام، قائلًا "آن الأوان للتركيز على إجراء الانتخابات هذا العام"،وأكد سلامة في المقابل ضرورة "تهيئة الظروف المواتية لتنفيذها، وتنفيذ جولة جديدة لتسجيل الناخبين والالتزام المسبق بقبول النتائج وتوفير الأموال اللازمة ووجود استعدادات أمنية قوية".

ومطلع مايو الجاري،قتل نحو 20 شخصا وأصيب أكثر من 15 في هجوم شنه مسلحون بينهم انتحاري على مقر اللجنة العليا الانتخابية في العاصمة الليبية طرابلس،واكد الجيش الليبي حينها في بيان صحفي نشره على صفحته في موقع "فيسبوك" أن "التفجير الانتحاري، ما هو إلا محاولة يائسة من الإرهاب لتعطيل المسار الديمقراطي في ليبيا والذي تسعى إليه القيادة العامة".وشدد الجيش على أنه "لن يتوقف عن محاربة الإرهاب حتى ينعم كل مواطن ليبي بالأمان ويمارس حقه الديمقراطي بحرية كاملة".

فيما قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة:أن "هذا الاعتداء الجبان الذي تعرض له هذا الصرح الديمقراطي اليوم هو عدوان مباشر على الشعب الليبي وعلى إرادته ببناء دولة مدنية عادلة، ومحاولة للقضاء على أمله بإيجاد مخارج تنهي المراحل الانتقالية وترسي بالطمأنينة والاستقرار على المشهد الليبي".

ويرى مراقبون،أن التنظيمات الإرهبية قد تم إضعافها في الفترة الماضية،وخاصة بعد طردها من سرت وبنغازي وعدة مناطق أخرى فيما يزداد تضييق الخناق عليها في مدينة درنة.لكن هذه التنظيمات وعلي رأسها "داعش"،مازالت تحتفظ بخلايا نائمة تنشط بين الحين والآخر.وتشير الهجمات المتواصلة إلى إصرار الإرهاب على الدفع بنفسه إلي واجهة الأحداث في محاولة لإدخال البلبلة وسعيا لتثبيت الفوضى التي تمثل بيئة مناسبة لتمدد التنظيمات الارهابية في العمق الليبي.