قال محللون ومصرفيون إن تطبيق المغرب لنظام أكثر مرونة لسعر صرف العملة بدايةً من اليوم الإثنين قد لا يؤدي إلا لخفض طفيف في قيمة الدرهم المغربي في الأجل القصير، لكن العملة قد تصبح أكثر عرضة للتأثر بارتفاع أسعار السلع الأولية.

وتهدف الخطوة إلى حماية أكبر للاقتصاد من الصدمات الخارجية، ويقول مسؤولون من بنك المغرب المركزي إن ذلك سيحافظ على التنافسية، وأن هناك احتياطيات كافية من النقد الأجنبي تسمح بالانتقال السلس للنظام الجديد، إذ تغطى الاحتياطيات تكلفة واردات البلاد لـ 5 أشهر و24 يوماً.

ومن المتوقع أيضاً أن يساهم ذلك في دعم صادرات المغرب وتعزيز إيرادات السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، وهي مصادر للعملة الصعبة يعتمد عليها البلد الذي يعاني من شح السيولة.

ويعمل المغرب منذ سنوات مع بعثة فنية من صندوق النقد الدولي لتحرير عملته، حيث يقول الجانبان إن الخطوة ستتم تدريجياً وأن التعويم الكامل سيستغرق سنوات بناءً على ردود فعل السوق.

واعتباراً من اليوم الإثنين، سيتسع نطاق التقلب الذي يتحرك فيه الدرهم أمام عملات أجنبية من 0.3% في الاتجاهين صعوداً وهبوطاً، من مستوى إغلاق اليوم السابق، إلى 2.5% في الاتجاهين أيضاً، ليصل النطاق الإجمالي إلى 5%.

ويرتبط الدرهم المغربي ارتباطاً وثيقاً باليورو، لكن في خطوة لمزيد من المرونة خفض البنك المركزي العام الماضي وزن اليورو في سعر صرف الدرهم إلى 60% من 80% ورفع وزن الدولار إلى 40% من 20%.

وكان هذا هو أول تغيير في السلة التي ترتبط بها العملة المغربية خلال 10 سنوات، وأعقب زيادة في التجارة مع الولايات المتحدة والصين وبقية أفريقيا وانخفاضاً في التجارة مع منطقة اليورو، وسيتدخل البنك المركزي أيضاً من خلال عطاءات دورية للدولار وعملات أخرى حين يرى ضرورة لذلك، بحسب تعميم نشر في مطلع الأسبوع.

وسيُسمح للبنوك بتداول العملات الصعبة في سوق ما بين البنوك، الانتربنك، وستُمنح أدوات تحوط جديدة لإدارة مخاطر أسعار الصرف وأسعار الفائدة.

وقال مصرفي كبير: "قد نشهد هبوطاً للدرهم مقابل اليورو وسينتج عن ذلك خفض متوسط في قيمته"، وقال مصرفي آخر: "مستعدون لتصحيح بسيط، لكن على المستوى العالمي فإن السوق والبنوك مستعدة جيداً، وفي نهاية المطاف ستمضي الأمور بسلاسة".

ولم يتسن الحصول على تعليق من مسؤولي بنك المغرب المركزي اليوم، لكنهم قالوا مراراً، بجانب صندوق النقد الدولي، إن الدرهم عند مستوى متوازن ولن يهوي إذا أصبح النظام أكثر مرونة.

وعلى عكس بعض الدول الأخرى في المنطقة، تمكن المغرب من تفادي هبوط كبير في الاستثمارات الأجنبية منذ الأزمة المالية العالمية وانتفاضات الربيع العربي في 2011، لأسباب من بينها الترويج لنفسه على أنه قاعدة تصدير إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وتنمو صادرات المغرب منذ اجتذبت البلاد عدداً من كبار المستثمرين في صناعات السيارات والطيران، وهو ما ساعد في سد معدلات العجز الكبيرة التي سجلتها بعد 2011، وسيدعم ارتفاع اليورو أيضاً قطاع السياحة في البلاد، وكذلك تحويلات 4.5 مليون مغربي يعيشون في الخارج، معظمهم في منطقة اليورو.

ورغم ذلك، فإن ارتفاع أسعار السلع الأولية قد يرفع التضخم في البلد الذي يعد من أكبر مستوردي الطاقة في المنطقة، وسيضع ذلك الحكومة في موقف حساس، إذ تواجه بالفعل احتجاجات قوية، على المصاعب الاقتصادية في المناطق النائية، لذا سيعمل بنك المغرب المركزي على مواجهة التضخم بالتزامن مع تحرير سعر الصرف.

وقال صندوق النقد الدولي إنه "من المتوقع أن يستقر التضخم عند 2% في الأجل المتوسط"، وقال المهدي لحلو، وهو خبير اقتصادي من الرباط: "سيعتمد ذلك على قدرة البنك المركزي في الالتزام بتعهداته ودعم الدرهم باستخدام الاحتياطيات الأجنبية، وإلا سيرتفع التضخم في الأجل المتوسط وسيهبط الدرهم".