تنظر المحكمة البريطانية العليا اعتباراً من الإثنين، في استئناف الحكومة حكماً يلزمها باستشارة البرلمان قبل البدء بآلية بريكست، أي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي الذي يشكل ملفاً حساساً جداً يثير غضب أنصار الخروج.

وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، قررت محكمة لندن العليا بعدما رفع مواطنون بريطانيون الملف إليها، أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي لا تملك بمفردها صلاحية تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي ستطلق مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

وأثار هذ الحكم غضب أنصار بريكست، الذين يخشون أن يبطىء البرلمانيون آلية المغادرة ويخففون من وقع مضمون الاتفاق.

أعداء الشعب!

ولم تتردد صحيفة "ديلي ميل" في التعبير عن الغضب، وتذييل صورة القضاة الثلاثة في المحكمة العليا على صفحتها الأولى بتعليق "أعداء الشعب"، غداة قرارهم.

وفي أعقاب حملة الاستفتاء التي ولدت شرخاً عميقاً في البلاد، صوت 52% من البريطانيين لصالح الانفصال عن الاتحاد.

والاضواء على القضاة الـ11 في المحكمة العليا الذين سينظرون في استئناف الحكومة لمدة 4 أيام، ليصدروا قرارهم في مطلع يناير (كانون الثاني).

ويتعرض القضاة لضغوط كي يتخذوا قراراً سريعاً رغم صعوبة المسألة المطروحة عليهم، نظراً إلى وعد ماي بتفعيل المادة 50 قبل نهاية مارس (آذار) 2017، فرئيسة الوزراء تؤكد أنها تملك بموجب منصبها السلطة الدستورية المعنية بالشؤون الخارجية، بما فيها الانسحاب من الاتفاقات الدولية.

من جهة أخرى، يؤكد مقدمو الطعن على غرار المديرة المالية جيننا ميلر ومصفف الشعر دير دوس سانتور أن بريكست سيبطل قوانين أوروبية أدرجت في القانون البريطاني، ما سيحرم المواطنين من حقوق على غرار حرية التحرك، وبالتالي من الضروري استشارة البرلمان.

كذلك تبرز صعوبة إضافية أمام السلطة التنفيذية، مع إعلان ممثلي الحكومتين المحليتين في ويلز واسكتلندا أنهم سيسعون إلى إقناع المحكمة العليا بضرورة عرض المسألة على برلمانيهما وكذلك على برلمان وستمينستر.

وقد يضاعف صدور قرار لصالحهم تقلبات الجدول الزمني لتيريزا ماي ويثير أزمة بين لندن والمنطقتين.

كما ستنظر المحكمة العليا في طعن مواطن طالب باستشارة برلمان إيرلندا الشمالية أيضاً.

لكن رغم إعلان الحكومة ثقتها بالأخذ باستئنافها رأى الخبير القانوني مايكل زاندر، أن "فرصها في ذلك قليلة نظراً إلى أن الحكم الأصلي حصل على الإجماع وهو متين جداً".

وفي حال خسرت الحكومة فسيترتب عليها أن تطرح مباشرة على البرلمان مشروع قانون يجيز تفعيل المادة 50.

وفيما أعلن حزب العمال، الحزب المعارض الرئيسي الذي يملك 231 مقعداً من 650، أنه لن يعرقل المادة 50 تبدو قاعدته منقسمة بهذا الخصوص.

أزمة دستورية

كما تخشى الحكومة أن تصدر المحكمة العليا قراراً معقداً يتجاوز الموافقة أو الرفض بشأن تفادي استشارة البرلمان، على ما أعلن وزير بريكست ديفيد ديفيس هذا الأسبوع.

ومؤخراً صرح قاض في المحكمة العليا أن المملكة المتحدة قد تضطر أولاً إلى "الاستبدال الكامل" لقانون 1972، الذي أدرج التشريعات الأوروبية في القانون البريطاني قبل بدء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

وحذر النائب المحافظ إيان دانكن سميث، أحد قادة معسكر المشككين في أوروبا، من "أزمة دستورية" إذا أكدت المحكمة العليا القرار السابق.

وقال: "لا يعود إلى القضاة أن يملوا على البرلمان كيف يؤدي عمله، هذا القرار من صلاحيات البرلمان".