مؤيد شاب ليبي ذو 26 ربيعا خريج جامعي علوم فيزياء شاب طموح تقوده طموحاته واحلامه تسبقه دائما.

مؤيد من منطقة غريان وبعد تخرجه في2011 وفرحته واهله بالتخرج سرعان ما اصطدم بواقع مرير وهو صعوبة الحصول على وظيفة وايضا صعوبة الحياة وتحقيق ابسط مقوماتها لذا بعد 2011 جعل يفكر في طريق اخر للاستمرار.

تخلى عن الكثير من احلامه وطموحاته خاصة في ظل انعدام الوظيفة ولكن مع ذلك ظلت روح المقاومة التي بداخله تقوده ولم يتخل عنها ابدا.

ولأنه من مدينة غريان ولأنه كان يعرف قيمة ما تحت اقدامه من خيرات ذلك الجبل فراودته فكرة بيع الفخار.

ولأن مدينة غريان أصل هذه الصناعة بليبيا ولأنها مهنة الاجداد قرر مؤيد أن يشتغل بمجالها كمسوق بمعنى ان يأخذ البضاعة من غريان ويسوقها بالمحلات بطرابلس.

وانطلق يبحث بين الصناع بالجبل عن قطع عالية الجودة ويأخذ منها عينات (بالسلف) فهو لم يكن يملك رأسمال اصلا ليشتغل به لذا كان يأخذ القطع بالدين ويضعها برفق في سيارته ويعرضها على المحلات الكبرى في طرابلس، بالمقابل لاقت عروضه اعجاب واستحسان التجار ومن هنا كانت البداية.

تشبت مؤيد بتجارته هذه واعجاب التجار وزاد من اصراره على الاستمرار في هذه المهنة حتي تطورت مهنته كتاجر ومسوق ..كان العمل شاقا في البداية لكنه كان بثمن وهذه كانت عذوبته لكن الظروف لم تكن لتساعد دائما ففي منتصف الطريق انطلقت احداث وحرب  2014 ..حينها ثم اقفال الطريق الرابط بين طرابلس وغريان والذي هو اصلا طريق تجارته فتعرض عمل مؤيد للانتكاسة والتوقف.

فقد عاد لنفس النقطة التي عانى منها بعد تخرجه وانعدام الوظيفة فها هو الان بنفس الظرف يرافقه نفس الاحباط القديم.

لكن تلك الروح المقاومة التي قادته لطريق عمله الاول هي الاخرى من انقذته من انتكاسته الثانية فقد قاده تفكيره لفكرة التسوق الالكتروني وبدأ بها فعلا برغم من محدودية الامكانيات وصعوبة الاتصالات وانقطاعها وبطئها في تلك الفترة .. بدأ بإنشاء صفحة على الفيس بوك اسماها (متجر الفخار) ليعرض فيها أفضل ما تجود به ايادي صناع الفخار في غريان.

 كانت الصفحة هي ما يدير من خلاله اعمال عرض تسويق الفخار مع اضافة خدمات التوصيل والاخيرة كانت فكرة مجنونة خاصة انه هذه المرة سيعتمد على اخرين للتوصيل والفخار منتج رقيق سهل الكسر ولايمكن لأي احد الائتمان عليه لتوصيله لكن كان لابد ان ينطلق (هكذا وبإصرار قالها لنا مؤيد وهو يحكي حكايته مع الفخار المنتج الليبي ذي التاريخ العريق والذي لم تهتم به الدولة ولم تشجع على صناعته وتسويقه كما في الدول المجاورة).

واضاف طبعا البداية كانت جدا متواضعة وتكاد تكون سيئة ولكن بتوفيق من الله واصرار على العمل وتطور اهتمامنا بالزبون كقيمة عالية وكذلك خدمات ما بعد البيع فقد كنا حريصين جدا على توصيل الطلبية في ابهى صورة وان نرضى بالقليل من اجل كسب الزبون واستمرت تجارتنا وتضاعف الطلب على المعروضات فاستعان مؤيد بمسوق اخر معه وايضا نتيجة لازدياد الطلب قال مؤيد .. لجأنا مما ليس منه بد فهذه الصناعة محدودة جدا بليبيا نتيجة غياب التشجيع فاستعنا ببعض المنتجات التونسية لتلبية رغبات الزبائن.

شيئا فشيئا تطور عملنا وبدأ يكبر بجهودنا وصبرنا ومثابرتنا توسعت اعمالنا وكانت الجودة العالية بصمتنا ايضا كنا مدركين لحاجة العملاء وكونها تتغير مع الوقت فتطور اشكال الفخار مع تطور العصر فصار الاقبال على اعمالنا أكبر وصارت شبكة عملائنا تتسع فغطينا بالصناعات الفخارية طرابلس بالكامل وكذلك صارت عروضنا تتوسع حتى وصلت الى باقي مدن ليبيا مصراتة وبنغازي شرقا وسبها جنوبا بل وحتى خارج ليبيا فصدرنا إلى كندا وأوكرانيا.

وعن المستقبل قال مؤيد انه سيشرع في خط لتغطية ليبيا بكاملها ...كذلك اخطط للانتقال من التسويق لمرحلة التصنيع المحلي فهذه صناعتنا ورثناها من القدم خاصة أننا شعرنا بقيمة مردودها الان.... وايضا نتيجة هذا الوعي الذي وصلنا اليه ولقناعتنا أن الدولة لن تلتفت ابدا لقيمة هذا الارث وهذه الصناعة فسأسعى لفتح دورات لتعليم وتدريب الشباب علي هذه المهنة كي لا تتعرض للزوال كما كاد أن يحدث في الفترات الماضية من حياتنا ..فهي مهنة جمالية لها علاقة بالتراث والتاريخ وبالجمال والديكور ايضا خاصة ان الفخار الليبي ينافس وبقوة كل الفخار الذي يصدر الينا من الجوار وبزخم لأنه هناك تدعمه الدول والشركات الكبرى على عكس ما يحدث عندنا فاستمرار هذه الصناعة بقيمتها وجودتها مع ندرتها طبعا يعود لإصرار الاباء والاجداد على الا تموت وتندثر هذه القيمة التاريخية من ليبيا.

حين تركنا مؤيد كنا متيقنين ان احلامه هي من قادته للنجاح وان نجاحه هو وامثاله من الشباب هو ما سيقودهم للعمل على اعادة الروح لهذا الارث العظيم والذي اشتهرت بصناعته ليبيا طوال حقبها التاريخية.