نشرت لجنة برئاسة رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون تقريرا ينتقد التدخل البريطاني-الفرنسي الذي أطاح بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي في عام 2011، والذي حدث في فترة تولي كاميرون منصب رئيس الوزراء.

وقال تقرير لجنة ضعف بنية ونمو وتنمية الدولة إن الاندفاع نحو الانتخابات أو "الديمقراطية المنبثقة" في أعقاب التدخل كان خطأ، وربما ساهم في الوضع الهش الذي تشهده الدولة الليبية حاليا.

ولم ينتقد كاميرون نفسه أبدا لغزو ليبيا، مدعيا حتى الآن أن الغرب أعطى الليبيين الفرصة لاتخاذ مسار ديمقراطي ، لم يأخذوه.

وأضاف التقرير أن الانتخابات متعددة الأحزاب التي أجريت في العراق بعد الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين من قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لم "تحل إساءة استغلال السلطة بقدر ما غيرتها".

وأوضح التقرير "لقد تم تنفيذ متغيرات الإستراتيجية المتبعة في العراق مراراً وتكراراً في أمثلة مثل العقيد القذافي في ليبيا و الرئيس مبارك في مصر والرئيس موبوتو في زائير والحكم الظالم على جنوب السودان وطالبان في أفغانستان، وكانت نتيجة الإطاحة بكل هذه الأنظمة "الديمقراطية المنبثقة". ومع ذلك  لم تصبح أي من هذه المجتمعات ديمقراطيات مزدهرة على النحو الواجب، وبدلاً من ذلك يتفكك كل واحد في درجات مختلفة من الفوضى ".

ويشير كاميرون نفسه إلى نقطة مماثلة في مقالة رأي كتبه لصحيفة الجارديان البريطانية حول ملخص التقرير ودون الإشارة على وجه التحديد إلى دوره في التدخل الليبي. ويضيف أن التقرير "يخلص إلى أن اللبنات الأساسية للديمقراطية -حكم القانون والضوابط والتوازنات وحماية الأقليات- مهمة أكثر من الفعل الفعلي المتمثل في إجراء انتخابات، وهو أمر مهم على الرغم من أن هذه اللحظة الحاسمة للديمقراطية يمكن أن تكون" .

وتابع كاميرون "يقول التقرير إن الاندفاع نحو انتخابات متعددة الأحزاب غالباً ما يكون خطأ"، مضيفا "من الأفضل بكثير أن تأخذ وقتًا في حل النزاعات والصراعات من خلال التوصل إلى إجماع وطني حقيقي على تقاسم السلطة  ووضع ضوابط وتوازنات قد تساعد على منع حدوث انزلاق آخر نحو العنف وفشل الدولة".

ولا تعني تصريحات كاميرون أنه يعتبر التدخل الليبي كله خطأ، على الرغم من أنه يلفت الانتباه إلى حقيقة أنه  -كما هو الحال في العراق- كان التخطيط لما بعد الصراع مضللاً في الدفع للانتخابات قبل السعي إلى المصالحة،وقد ارتكب الخطأ نفسه رغم أن الكارثة في العراق دفعت وايت هول –الحكومة البريطانية- إلى إجراء إعادة تقييم شاملة للتدخلات.

وأُجريت انتخابات برلمانية في ليبيا في صيف 2012  وفي غضون عام من وفاة القذافي في أكتوبر 2011. منذ تلك الانتخابات  تركت النزاعات الفصائلية والقبلية البلاد في حالة من الفوضى مع وجود صدع بين الشرق والغرب. وينتشر سوء معاملة المهاجرين الذين يحاولون شق طريقهم شمالاً إلى أوروبا. وساعد وصول آلاف الأشخاص إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط على دعم نجاح الأحزاب الشعبوية في الانتخابات الإيطالية في مارس الماضي.

أشار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشكل خاص إلى حقبة ما بعد الصراع في ليبيا بوصف "عرض قذر" ، وأخبر مجلة أتلانتيك في عام 2016 "عندما أعود وأسأل نفسي ما الذي حدث ... هناك مجال للنقد  لأنني كنت أكثر إيمانًا بالأوروبيين نظرًا لقربهم  من ليبيا والذي استثمر في المتابعة"، وقال أوباما  "كاميرون على وجه الخصوص" شتت انتباهه أشياء آخرى.