وصف مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، المبادرة الفرنسية المقرر انعقادها في باريس يوم الثلاثاء المقبل بأنها "فرصة ذهبية لجميع الأطراف الليبية لتأكيد إحساسها بالمسؤولية واستعدادها لتقديم التنازلات من أجل الوصول إلى توافق يعيد إلى العملية السياسية زخمها ويخرج البلاد من أزمتها".

وقال الدباشي، في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحت عنوان "هل تنجح فرنسا في تحرير الملف الليبي من قبضة بريطانيا وايطاليا؟"، يبدو أن فرنسا أدركت أخيرا خطورة سياسة تشجيع التسويف واستدامة الفوضى التي تنتهجها بريطانيا وايطاليا في ليبيا، على مصالحها في القارة الإفريقية، وأنها ستكلفها المزيد من النفقات العسكرية وأرواح جنودها المتواجدين في منطقة الساحل الأفريقي، الذي أصبح مرتعاً لحركات التطرف التي تعتمد على ما تتلقاه من دعم من العناصر الإرهابية التي مازال لها حضور قوي في جنوب ليبيا. ومن هنا جاءت المبادرة الفرنسية لدعم جهود الممثل الشخصي للامين العام للأمم المتحدة السيد غسان سلامة في تنفيذ خطة الأمم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا، من خلال جمع قادة المؤسسات القائمة والمعترف بها بشكل أو بأخر من المجتمع الدولي، ولها تأثير واضح على الساحة السياسية والأمنية، يوم 29 مايو الجاري، لكي يتفقوا على مجموعة عناصر يلتزمون بتنفيذها وصولاً إلى انتخابات تشريعية ورئاسية تحت إشراف دولي ويلتزم الجميع باحترام نتائجها.

وتابع"لاشك أن نجاح المبادرة الفرنسية ليس أمرا سهلاً، فهي أولا تجمع بين ما تجمع قيادة الجيش مع رئاسة مجلس الدولة وهما يختلفان في كل شيء، وكلاهما لا يعترف بالأخر رغم الفارق الكبير بينهما من حيث الشرعية والتأثير، وثانياً ليس من السهل أن تقبل ايطاليا دوراً فرنسياً فعالاً في الملف الليبي، لان العقلية الاستعمارية وفكرة أن ليبيا منطقة نفوذهم الرئيسية ما زالت تعشش في عقول الساسة الايطاليين، ولا يُستبعد أن تعمل ايطاليا وبريطانيا مع الطرف الليبي الذي تفضله لإفشالها".

وأضاف الدباشي"أن ما تم تسريبه كنتائج منتظرة للمبادرة الفرنسية يؤكد أنها أول مبادرة دولية جادة لإخراج العملية السياسية الليبية من حالة الجمود، وتوحيد السلطات، وإنهاء التنازع على الشرعية، ولو تحققت ستكون لها انعكاسات ايجابية مباشرة على حياة المواطنين وامن الدولة وسيادتها، ولا اشك أبدا في صدق نوايا فرنسا ورغبتها في إيجاد حل سريع للازمة الليبية ينتج عنه حكومة قوية وقادرة على بسط الأمن والاستقرار في ربوع البلاد والقضاء على ما تبقى من عناصر الإرهاب فيها، ليخف الضغط على جنودها في مالي ودول الساحل، ولكن ما زلت اشك في قدرة ما يسمى بمجلس الدولة، الذي يتحكم فيه تيار الإسلام السياسي، على التخلي عن مناوراته المعهودة لعرقلة التوصل إلى أي اتفاق يؤدي إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع".