مازالت حالة الانسداد السياسي تغلف الساحة الليبية وسط حالة من الغموض تفرضها التطورات اليومية التي باتت تميز المشهد الليبي.وفي ظل تكرار سيناريو فشل المبادرات المطروحة لحل الأزمة البلاد،والتي كان آخرها المادرة الفرنسية،يبدو أن الحوار السياسي الليبي بات الحل الأمثل لمعالجة الانقسامات بين الفرقاء الليبيين.

إلى ذلك،أعلن مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق (شرق)، الثلاثاء، استعداده لاستئناف الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية للدعم في ليبيا والذي توقف الفترة الماضية لمطالبة أطراف الحوار بتعديل المسودة المنبثقة عنه.وفي بيان صدر عن لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب،قالت فيه إن هناك معوقات "حالت دون تطبيق الاتفاق السياسي (الموقع في الصخيرات) بالشكل المطلوب؛ ما أدى إلى انسداد سياسي"، مشيرة إلى أن ذلك ترتب عليه "ترد للوضع الاقتصادي".

واضاف البيان،"وبناء على ذلك أكدت لجنة حوار البرلمان (طبرق) أنها مستعدة لاستئناف الحوار مع الطرف المعني بالاتفاق السياسي وفقا للثوابت التي حددها المجلس".كما ثمنت اللجنة البرلمانية في بيانها "الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لإرساء دعائم الاستقرار والأمن في ليبيا". وقالت إنها ترحب بتعيين غسان سلامة رئيسا لبعثة الدعم في ليبيا خلفا للمبعوث السابق مارتن كوبلر الذي شهد توقيع اتفاق الصخيرات السياسي بين أطراف الأزمة الليبية قبل عامين.

ويذكر أنه في 19 أبريل الماضي، شكل رئيس المجلس عقيلة صالح بموجب تفويض من البرلمان مجتمعا لجنة تمثل المجلس في الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية وتضم في عضويتها 24 عضوا من أعضاء المجلس.وحدد المجلس، في وقت سابق، عدة نقاط يطالبون بتعديلها بعد عودتهم للمشاركة في الحوار السياسي والتي من ضمنها عقد ذلك الحوار داخل البلاد بإشراف جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي.

ويأتي إعلان اللجنة البرلمانية بالتزامن مع سلسلة من اللقاءات التي قام بها المبعوث الأممي غسان سلامة،بدأها الأسبوع الماضي،بزيارة مدينة طبرق (شرق) حيث التقى رئيس مجلس النواب. كما زار العاصمة طرابلس (غرب)، حيث اجتمع مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي.

وزار سلامة، الثلاثاء، مدينة مصراتة (شمال غرب) في زيارة لم يعلن عنها مسبقا. وقالت البعثة الأممية، عبر حسابها على تويتر، إن سلامة "وصل إلى مطار مصراتة للقاء قيادات سياسية ومجتمعية".وقال المبعوث الأممي عقب لقاء مع رئيس وأعضاء المجلس البلدي مصراتة إن العملية السياسية في ليبيا تحتاج إلى "دفع جديد" من الجهود.وأضاف "لقد تسلمت مهامي وأنا أعلم تماما بأن العملية السياسية في ليبيا تحتاج إلى دفع جديد وأن الوقت يداهمنا وعلينا أن نعمل معا"، بحسب تغريدات نشرتها البعثة الأممية على تويتر.

ومن مصراتة  إلى الزنتان،التى وصلها، غسان سلامة،الخميس 17 أغسطس 2017، وبرفقته وفد أممي لبحث الأزمة الليبية مع بعض الأطراف بالمنطقة.وأفادت مصادر محلية، أن عميد بلدية الزنتان، مصطفى الباروني كان في استقبال سلامة بالمطار، مضيفا أن مباحثات مع عدد من القيادات السياسية والاجتماعية ستعقد بحضور المبعوث الأممي.وتأتى زيارات المبعوث الأممي لمختلف المدن والمناطق الليبية في إطار تكوين فكرة كاملة عن تفاصيل الأزمة الليبية،بحسب تصريحات سابقة له.

لقاءات المبعوث الأممي لم تقتصر على الأطراف الليبية،فقد قام بزيارة عدة دول من بينها إيطاليا وتونس، وذلك بعد مرور أسبوع من توليه مهامه رسميا كرئيس لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.كما شدالرحال إلى مصر حيث بحث ،الاثنين الماضي، مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية العربية، حسام زكي، جهود تسوية الأزمة الليبية، واستكمال تنفيذ اتفاق الصخيرات.وبحسب بيان للجامعة العربية،تناول اللقاء التعاون بين الطرفين بشأن الملف الليبي من كافة جوانبه.

ورحب سلامة بالدور الإيجابي الذي تضطلع به الجامعة العربية ودولها الأعضاء من أجل دعم جهود التسوية السياسية في ليبيا، مؤكداً حرصه على تعزيز الجهود المشتركة بين الطرفين.وأشار المبعوث الأممي، إلى أهمية التوصّل إلى حلول توافقية لتنفيذ اتفاق الصخيرات، واستكمال الاستحقاقات المتبقية التي ينص عليها، وفي مقدمتها إقرار الدستور الليبي الجديد، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد.

فيما  أعرب زكي عن التزام الجامعة العربية باستمرار تعاونها الوثيق مع الأمم المتحدة، من أجل تشجيع الحوار السياسي الذي ترعاه في ليبيا، واستكمال تنفيذ اتفاق الصخيرات، بشكل يفضي إلى تسوية شاملة للوضع في البلاد.وأشار البيان،إلى أنّه تمّ الاتفاق على قيام المبعوث الأممي بزيارة قريبة إلى مقر الجامعة العربية بالقاهرة، لتنسيق المواقف مع الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط عقب عيد الأضحى مطلع سبتمبر المقبل.

ويعول الليبيون على سلامة في إيجاد حل للأزمة المستعصية التي تعاني منها بلادهم منذ سنوات.ويعدّ سلامة سادس مبعوث أممي خاص إلى ليبيا، إذ تولى مهام منصبه رسميا مطلع أغسطس الجاري خلفا للألماني مارتن كوبلر.ويتهم الليبيون المبعوثين الأممين السابقين بالانحياز لأطراف معينة، وهو ما حال دون توصل أي مبعوث إلى حل الأزمة.

وتأتي هذه التحركات،في وقت تتصاعد فيه مؤشرات فشل المبادرة الفرنسية،و خاصة  مع تصاعد الإتهامات بين طرفي النزاع.حيث اتهم المشير خليفة حفتر،خلال لقاء له مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافوروف، الإثنين الماضي،رئيس مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني فائز السراج بالإخلال بكثير من المبادئ التي تم الاتفاق عليها، في باريس.

وفي مقابل ذلك،وجه أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي،في مقابلة مع صحيفة "لاريبابليكا' الإيطالية،انتقادات للدول الغربية التي تساند حفتر.وفي موضوع العلاقات الفرنسية مع حفتر، قال معيتيق إن باريس ستعرف من تختار في النهاية ولن تساند "سياسات ضعيفة".على حد قوله.كما نفى معيتيق أي إمكانية للقاء بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج في موسكو.

ويبدو أن المبادرة الفرنسية سيكون مآلها الفشل كبقية المبادرات السابقة التى أطلقتها عدة جهات إقليمية ودولية.ويرى مراقبون أن حل الأزمة الليبية يكمن فى جلوس الأطراف الليبية المتنازعة على طاولة الحوار والوصول إلى حلول توافقية من شأنها إنهاء الخلافات الداخلية بعيدا عن التدخلات الخارجية وأجنداتها المتشابكة.