نجحت السلطات المصرية، باعتراف من التنظيمات المتشددة بخسائرها وبعدد المتطرفين الذين قتلوا أو اعتقلوا خلال الفترة الأخيرة، في استعادة زمام المبادر بسيناء، وسط تأكيدات عن أن الجيش المصري سيكثف من تحركاته العسكرية في الفترة المقبلة لتطهير شبه الجزيرة من باقي أوكار التطرف.

أكد مصدر أمني أن الجيش المصري ضاعف من عملياته العسكرية في سيناء خلال الأيام الماضية، لتحجيم تحركات الجماعات التكفيرية، ومنع استهداف مواقع عسكرية جديدة، كما حدث من قبل في رفح بسيناء، والفرافرة بالصحراء الغربية.

يأتي ذلك في وقت اشتعل فيه الموقف بغزة، وبدأ يلوح في الأفق عدم استبعاد حدوث نزوح جماعي من القطاع باتجاه شبه الجزيرة، في ظل التصعيد الإسرائيلي بعد فشل هدنة يوم أمس على خلفية أسر ضابط إسرائيلي.

وأوضحت صحيفة ”العرب” أن القيادة السياسية في مصر منتبهة تماما لهذا السيناريو، واتخذت جملة من الإجراءات الاحترازية الداخلية، لتجنب الصدام مع الفلسطينيين، في حال حدوث نزوح.

وأكد أن السلطات المصرية بدأت بالتحرك في هذا الاتجاه على مستويين، أحدهما سياسي، عبر تحركات دبلوماسية حثيثة للتوصل إلى وقف طويل لإطلاق النار، والثاني أمني، حيث كثفت عملياتها الأمنية في سيناء، حتى لا تستثمر الجماعات التكفيرية، تركيز الجيش على الحدود مع غزة، فتقوم بعمليات تربك أفراده.

وكشف المصدر أن الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من التصعيد في شبه جزيرة سيناء، لاستغلال الضعف الذي تبدو عليه الجماعات التكفيرية، بعد أن تلقت سلسلة من الضربات الأمنية الموجعة، اضطرتها أحيانا إلى نقل مسرح عملياتها من سيناء إلى الوادي الجديد في صحراء مصر الغربية، لكن لا تزال بصماتها موجودة في سيناء. وكانت قوات الجيش الثاني الميداني قد تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من تصفية 57 عنصرا إرهابيا في سيناء، بمدن العريش والشيخ زويد ورفح، وقطع خط الإمدادات الرئيسي بين الجماعات الإرهابية في سيناء ومدن قناة السويس الثلاث (بورسعيد والإسماعيلية والسويس)، والقبض على حوالي مئة آخرين في مداهمات ومطاردات أمنية لأوكار الجماعات التكفيرية.

وكشف مصادر أمنية بشمال سيناء، مؤخرا، أن الجيش تمكن من ضبط ثلاثة مخازن للأسلحة والذخيرة، وخرائط لاستهداف المنشآت الأمنية.

وأشارت إلى أن المخازن الثلاثة تحتوي على أسلحة آلية وقذائف «آر بى جى» وصناديق للذخيرة، إلى جانب خرائط ورسومات لعدد من أقسام الشرطة والمناطق السياحية التي كان الإرهابيون يخططون لاستهدافها.

يذكر أن جماعة «أنصار بيت المقدس» التي أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ عدد كبير من العمليات الإرهابية، أذاعت أخيرا فيديو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، للقيادي التكفيري أبو أسامة المصري، في يوم عيد الفطر بشبه جزيرة سيناء، اعترف فيه بوقوع عدد من القتلى في صفوف الجماعات التكفيرية بسيناء، واعتبر أن ذلك “سنة الله في الأرض”، وشبه ما يتعرضون له بما جرى من قبل للأنبياء.

اللواء مجدي البسيوني مساعد وزير الداخلية المصري -سابقا- قال رغم ظهور العمليات الإرهابية مرة أخرى في سيناء، إلا أن الموقف الأمني لا يزال تحت السيطرة، خاصة عقب تراجع معدل العمليات المسلحة التي يقوم بها المتشددون.

واستشهد البسيوني بتراجع أعداد قتلى الجيش والشرطة التي كانت مرتفعة خلال الفترة الماضية.

وأكد الخبير في الشؤون الأمنية أن سيناء خلال فترة حكم المعزول محمد مرسي كانت مخزنا للسلاح الذي تم تهريبه من ليبيا، وكان من الممكن مع كل هذه التحديات أن تسقط شبه الجزيرة في يد “الجهاديين”، لكن تمكنت القوات المسلحة والشرطة من السيطرة على الوضع مرة أخرى.

من جانبه اعتبر اللواء كمال عامر مدير المخابرات الحربية الأسبق في تصريحات نقلتها صحيفة “العرب” أن هناك دولا متعددة تحاول عرقلة عودة مصر لدورها الإقليمي والدولي، وتقوم أجهزة مخابراتها بتجنيد عناصر متطرفة لتحويل مصر إلى دولة فاشلة.

وتقوم هذه الدول، حسب الخبير الأمني، بممارسة الكثير من الضغوط الأمنية وحشد “الجهاديين من دول مختلفة، بغرض إشغال القاهرة بمشكلة الانفلات الأمني، أو تتحول إلى فوضى وعدم استقرار”.