منذ مايو 2014،شنت قوات الجيش الليبي في بنغازي،حربا شرسة لاستعادة المدينة من التنظيمات الإرهابية والتشكيلات الإجرامية التي مارست الإغتيالات والخطف والسرقة. وتمكنت القوات المسلحة الليبية من تحرير المدينة ودك معاقل التنظيمات المتمركزة فيها، لكن المخاطر الأمنية ومحاولات إستهداف الجيش الليبي تدفعه نحو مواصلة رفع التحدى لفرض الإستقرار والأمن.

الى ذلك،شنت قوات الجيش الوطني الليبي مؤخرا هجمات ضد بقايا التنظيمات الارهابية،مستهدفة انهاء وجودها في آخر جيوبها في المدينة. وتمكنت القوات الليبية في اليومين الماضيين،من السيطرة على منطقة اخريبيش التي تعتبر واحدة من آخر الجيوب المتبقية للإرهابيين فى بنغازى، حيث أعلن مسئولون عسكريون، إن قوات الجيش الوطنى الليبى، تمكنت من السيطرة على المنطقة بالكامل وتطهيرها من العناصر الإرهابية.

وبالتوازي مع محاربة الإرهاب، تمثل ظاهرة انتشار السلاح أحد أهم التحديات لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، وهو ما دفع الجيش الليبي إلى إتخاذ اجراءات ضدّ كل من يحمل السلاح،حيث اعلن مكتب الإعلام الأمني ،السبت 11 نوفمبر 2017، عن قرار مصادرة السلاح واحتجاز حامله واحالته الى الجهات المختصة.

من جهته، قال مدير أمن شحات عقيد يونس عطية، خلال  محاضرة توعوية لأفراد الأمن،السبت، أن المديرية شرعت في الحد من ظاهرة الرماية العشوائية، وأن أي فرد يتبع المديرية أو أي جهاز أمني داخل المدينة يقوم بالرماية سوف تتخذ ضده الإجراءات القانونية. وأكد مدير أمن شحات أن كل مخالف ستتم إحالته إلى الجهات المختصة موضحًا أنه إذا كان هذا السلاح عهده شخصية سوف يتم فتح تحقيق في ذلك واتخاذ الإجراءات اللازمة.

وشكل إنتشار الأسلحة المصدر الأول للعنف في البلاد والعقبة الأولى أمام إعادة إعمارها، وكان المشير خليفة بلقاسم حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، أكد خلال المؤتمر الأمني الأول للقوات الليبية، فى أكتوبر الماضي، إن أخطر ما يهدد الأمن هو انتشار السلاح خارج سلطة الدولة، موضحاً أن ذلك يسبب الانقسام الحاد بين الأطراف المتصارعة على السلطة،معلنا عن إطلاق معركة أمن المواطن لمكافحة انتشار السلاح  بعد استكمال عملية التحرير من الجماعات الإرهابية المتطرفة.

على صعيد آخر،طفت على السطح منذ أيام بوادر صدام بين النقيب فرج قعيم، وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الليبية الموجودة في طرابلس، وبين القيادة العامة للجيش الليبي. حيث ظهر قعيم مؤخرا عبر لقاء تلفزيوني موجها عدة اتهامات للقيادة العامة، ومنها: محاولة اغتياله أكثر من مرة، وقصف معسكر القوات الخاصة التابعة له، وأن "المشير حفتر شخصيا هو المسؤول عن عمليات الخطف والقتل في الشرق الليبي"، دون أن يقدم أدلة تثبت ذلك.ولم يكتفقعيم بتوجيه الاتهامات، لكنه هدد القيادة العامة بضرورة تسليم المهام إلى اللواء ونيس بوخمادة، وهو آمر القوات الخاصة "الصاعقة"، التابعة للجيش الليبي، وأمهل "قعيم" القيادة العامة مدة "48" ساعة لتنفيذ ذلك.

وفى أعقاب تصريحات قعيم وإعلانه عزمه عقد اجتماع بمنطقة "برسس"،السبت، لتفويض اللواء ونيس بوخمادة لقيادة الجيش، معتبرا أن هذا التكليف سيخرج البلاد من "المأزق" الذي تعيشه على حد تعبيره، تحركت قوات الجيش الليبي وقامت بالسيطرة على مقر قوة المهام الخاصة، بمدينة بنغازي، التابع لوزارة داخلية حكومة الوفاق. وأكدت مصادر محلية بمدينة بنغازي، أن قوات الجيش، انتشرت، منذ صباح السبت، فى المنطقة الممتدة من "بودزيرة" حيث مقر قوة المهام الخاصة، التي يتخذ منها وكيل وزارة الداخلية التابع لحكومة الوفاق، فرج قعيم، مقرا له، وحتى منطقة برسس شرقي مدينة بنغازي.

وبالتوازي مع ذلك، قال مصدر برئاسة الأركان العامة للجيش الليبي لوكالة أنباء "شينخوا"، ان القيادة العامة للجيش أصدرت أمرا لمكتب المدعي العسكري في بنغازي للقبض على فرج اقعيم "بعد التسبب في إثارة الفتن بين العسكريين ونزاعات مسلحة في المدينة، وتقلد منصب غير شرعي في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش". وأضاف المصدر أن "المدعي العسكري أصدر تعليماته لوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة، لتعميم اسم اقعيم على كافة الحواجز الأمنية والعسكرية في المنطقة الشرقية، وجلبه فورا للمثول امام الادعاء العسكري".

وقوبلت تصريحات وتهديدات قعيم بردود فعل رافضة من عدة أطراف، حيث أعلن جهاز قوة المهام الخاصة في بنغازي، في بيان صادر عنه، أن منتسبيه ضد اي موقف يتخذه شخص على حساب دم شهداء الجهاز وعلى حساب الجرحى. وأكد البيان أن منتسبي الجهاز ليسوا للمتاجرة، معتبرا أنهم من اوائل المنخرطين لمكافحة الارهاب في بنغازي  بقيادة المشير حفتر.وأضاف البيان، كنا و لا زلنا مع قائد الجيش وعندما اخبرونا بقدوم قوة مكلفة من المؤقتة قررنا مغادرة المقرات، فلن نقاتل اخوتنا ورفاقنا بسبب موافق طائشه لفرج قعيم.

وفى السياق ذاته، توجّه مشايخ وأعيان الجبل الأخضر، إلى فرج قعيم وكيل وزارة داخلية الوفاق بالقول "إن أبنائنا لا يشترون لا بالمال ولا بالمناصب وإن غرّرت بعدد منهم ، فلن يفيدك شيء إلى اتضحت نيتك في مهاجمة الجيش وخيانة الوطن" ، وأنهم لم يقبلوا بأن تكون مدينة بنغازي حاضنة لأي أجسام موازية ومصادمة لقوات الجيش. مجدّدين دعمهم للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والمؤسسة العسكرية والمساندين لها في حربها على الإرهاب والتطرف والخونة المندسين.

وفى مواجهة محاولات نشر الفتنة في المدينة،ذكرت وكالة الأنباء الليبية بالبيضاء،السبت، أن عقيلة صالح القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، ورئيس مجلس النواب، طالب أعيان ومشايخ المنطقة الشرقية بالتدخل السريع لحل الأحداث فى منطقة "برسس" شرق بنغازى بالطرق السلمية، وبما يحافظ على نظام المؤسسة العسكرية . وأكد القائد الأعلى للقوات المسلحة، أنه لا وجود لأى تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة الشرعية المتمثلة فى القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية فى الحكومة المؤقتة، وطالب صالح بوقف العمليات العسكرية فى المنطقة.

وفي أعقاب اتهام وكيل وزارة داخلية الوفاق النقيب فرج اقعيم، للقيادة العامة للجيش بالوقوف وراء محاولتي اغتياله، اتهم عضو المجلس الانتقالي السابق عن مدينة العجيلات المختار الجدال، السبت، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، باستخدام سلاح الفتنة بين الليبيين.وقال الجدال "السراج يلعب لعبة الفتنة القذرة باستخدام الأموال لضرب نسيج المجتمع الليبي"، مضيفا بأن "من يسيطر على المال في ليبيا يملك رقابنا "، مؤكدا بأن " النسيج الآجتماعي لمدينة بنغازي مترابط ومتين وأستبعد أن يجرؤ أحد باللعب على تفكيكه".

من جهته، أكد رئيس الأركان العامة للجيش الليبي اللواء عبد الرازق الناظوري، خلال مؤتمر صحافي عقده السبت، أن القيادة العامة للجيش حذرت أكثر من مرة من التعامل مع أي جسم تابع للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ، واصفا إياها بغير الدستورية. مشددا إن المحافظة علي الأمن أصعب من الحصول عليه و الجيش سيضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه لشق الصف أو زعزعة ثقة الليبيين بمؤسساتهم العسكرية، مؤكدا أن حكومة الوفاق تحاول زعزعة الاستقرار وشق الصف في ليبيا.

وقال الناظوري ، إن القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر خط أحمر كما أن القوات المسلحة العربية الليبية خط أحمر وهو درع حامي لليبيا ويسعى لفرض دولة القانون والمؤسسات المدنية والأمن والأمان وهذا مالا تريد حصوله "جماعة الإخوان وا لمقاتلة وحكومة السراج المنتهية"، وفق تعبيره. مشددا أن الجيش الليبي يضم جميع أطياف القبائل الليبية وإن من أولى دروس المؤسسة العسكرية الليبية هي رمي عباءة القبيلة والقبلية خارج أسوار معسكرات القوات المسلحة العربية الليبية.

ورغم أن "قعيم"، أكد مرارا أنه يعمل تحت إمرة الجيش وأنه ينسق معهم في محاولة تأمين مدينة بنغازي، إلا أن القيادة العامة أكدت مرارا أيضا أنها لاعلاقة لها بقعيم ولا تعترف بوجوده أو شرعيته كونه تابع لحكومة لم تحصل على الشرعية من قبل مجلس النواب. كما سبق أن أصدرت القيادة العالة للجيش تعميما بمنع أي مسؤول في حكومة السراج من ممارسة أي نشاط رسمي في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني.

يذكر أن النقيب فرج قعيم، عين وكيلاً لوزارة الداخلية بموجب قرار من المجلس الرئاسي، في 31 أغسطس 2017، وعرف قعيم قبلها عندما كان يشغل منصب رئيس جهاز مكافحة الإرهاب والمهام الخاصة، التابع لوزارة الداخلية بالحكومة الموقتة بالبيضاء، قبل ثلاث سنوات. وقد أثار تعيينه جدلا واسعا حيث إعتبر مراقبون أنه يهدف إلى شق الصف وإثارة الفتن في الشرق الليبي.

وفي واقع يميزه الانفلات الأمني وتتضح فيه معالم الفوضى منذ العام 2011، يسعى الجيش الليبي جاهدا لتحقيق انتصارات متتالية ، في اطار سعيه لدحر التنظيمات الارهابية، علاوة على مساعيه الأخيرة لتوحيد المؤسسة العسكرية، والتي قد تكون لها انعكاسات كبيرة على المشهد الليبي خاصة في ظل اعتراف دولي وإقليمي بدوره المحوري في أي حل مستقبلي.