تم تعيينه بالإجماع من مجلس الجامعة العربية في منصب مندوبها الخاص في ليبيا عقب مبادرة رسمية تقدمت بها تونس لتفعيل الدور العربي في هذا البلد بهدف حلحلة الأزمة العاصفة التي يشهدها خلال السنوات الأخيرة, خاصة في ظل الانتشار الرهيب للأسلحة و تغلغل الإرهاب.

هو الدبلوماسي التونسي صلاح الدين الجمالي الذي خبر خصوصيات و تشابكات الواقع العربي بالنظر إلى أنه عين سفيرا لبلده في العديد من العواصم العربية, و على رأسها ليبيا, التقته "بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الاثنين 28 نوفمبر 2016 في مقر الجامعة العربية بالعاصمة التونسية, فكان لنا معه الحوار التالي:   

بداية كيف تشخصون تعرجات الوضع الراهن في ليبيا؟

أولا نحن سعدنا و تشرفنا بتعييننا في منصب المبعوث الخاص لجامعة الدول العربية في ليبيا, و نسجل اعتزازنا كدبلوماسي تونسي و عربي للمساهمة في مساعدة الشعب الليبي الشقيق على الخروج من الأزمة, و نحن إن قبلنا التعيين في هذا المنصب فلأن الأمين العام لجامعة الدول العربية حريص كل الحرص على تفعيل الدور العربي في ليبيا عبر فتح صفحة جديدة في هذا الخصوص بحكم أن هذا الملف يهم العرب و مرتبط بالأمن القومي العربي و العلاقات العربية ككل.

الشعب الليبي هو شعب عربي و لا يمكن أن تستقر الأوضاع في العالم العربي ما دامت ليبيا في وضع غير مستقر, لأن هناك ترابط  أمني و مجتمعي بين كافة الدول العربية.

الوضع في ليبيا اليوم لا يبعث عن الاطمئنان, و نلاحظ أنه كلما استمرت الأزمة كلما تعقدت أكثر, و لذلك يجب معالجة المسألة بجدية بعيدا عن كل الحسابات, لاسيما و أن هناك بعض التدخلات الأجنبية التي تتم تحت غطاء مساع سلمية في هذا الملف هي في الحقيقة تتم من أجل مصالح معينة لا تخدم الشعب الليبي.

مقابل ذلك نجد أن المساعي العربية تهدف إلى إعادة السلم و الاستقرار إلى ليبيا و إلى كافة الدول العربية بصفة عامة. كذلك لا شك أن المسعى العربي لا يمكن أن يتم بمفرده بل هو يتم ضمن مسار التنسيق مع المساعي الإقليمية و الدولية الأخرى التي حققت بعض التقدم, خاصة بالنسبة إلى اتفاق الصخيرات الذي يعتبر مرجعا سياسيا تجمع عليه معظم الأطراف الليبية.

كيف تقيمون مخرجات اتفاق الصخيرات؟ و هل صحيح أن هذا الاتفاق ولد ميتا كما تعتبر بعض الجهات؟

اتفاق الصخيرات جاء نتيجة لتفعيل حوار طويل و مضن و معقد بين الليبيين, و لا يمكن أن نعتبر أنه ولد ميتا. اتفاق الصخيرات يمثل مرجعا سياسيا هاما يمكن تطويره و إثراؤه بمعطيات جديدة. اليوم هناك تطورات جديدة حدثت في ليبيا و هناك أطراف لم تشارك في الحوار في السابق هي اليوم قبلت المشاركة فيه, و لذلك فإن اتفاق الصخيرات يمثل مرجعا هاما في الملف الليبي, خاصة و أنه أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق التي مثلت الحد الأدنى من التوافق بين الليبيين.

نحن اليوم يتعين علينا دعم حكومة الوفاق لصالح كل الليبيين دون إقصاء لأي طرف.

ما هي المحاور الكبرى لمهمتكم كمبعوث خاص للجامعة العربية في ليبيا؟

مهمتنا تكمن في تشجيع الليبيين على الحوار و خلق القاسم المشترك الجامع بينهم, و بالطبع هذه المهمة تتم بالتنسيق مع الأطراف الإقليمية و الدولية من أجل حلحلة الأزمة.

ألا ترون أن تفعيل الدور العربي في الملف الليبي مبادرة جاءت متأخرة نوعا ما؟

الجامعة العربية كانت ممثلة في ليبيا عبر مندوبها المقيم هناك. في سنة 2015 فقط لم يكن للجامعة العربية مندوبا لها في ليبيا. اليوم هناك تفعيل لدور الجامعة العربية في ليبيا, أما في السابق فإن الوضع العربي لم يكن يسمح بتفعيل دور طلائعي في ليبيا.

الأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط حريص على تفعيل الدور العربي في ليبيا, و هو يصر أيضا على التنسيق مع المساعي الإقليمية و الدولية لإنهاء الأزمة.

هل تأملون وجود مخارج عملية و حقيقية للأزمة الليبية؟ 

نعم توجد مخارج للأزمة الليبية. كل الشعوب يمكن أن تمر بأزمات. الأزمة حالة شاذة و مؤقتة و عارضة في تاريخ كل الشعوب. نحن نأمل أن يساعد الليبيون على إعادة بلادهم إلى وضعها الطبيعي و وحدتها و إستقرارها. كذلك نحن متفائلون, و هذا التفاؤل ليس مجانيا, بل هو مبني على واقع, بالنظر إلى أن العديد من المفكرين و المسؤولين و رجال السياسة و شيوخ القبائل الليبيين حريصون على إيجاد حلول يجتمع حولها جميع أبناء الشعب الواحد.

يعتبر متابعون أن ليبيا بين كماشتي التقسيم و التدخل العسكري الأجنبي, ما رأيكم؟

حتى إن حاولت بعض الأطراف, التي تدعي أن لديها مصالح متضررة في ليبيا, التدخل فإن هذا الأمر سيعقد الوضع أكثر و لن يعجل بالحل بل سيؤخره, كما سيكبد الشعب الليبي خسائر هو مطالب بتجنبها, و لأجل كل ما سبق ذكره فإن الحوار يبقى السبيل الوحيد لحلحة الأزمة, فلا التقسيم و لا التدخل العسكري الأجنبي سيفيدان الليبيين. تقسيم ليبيا يخلق مناطق متناحرة و بؤر ساخنة هناك, و وحدة ليبيا هي الوضع الطبيعي.

 الأزمة الليبية تنحصر في صراع أجندات خارجية, و فق مراقبين, ما مدى موضوعية هذا الرأي في تقييمكم؟

لا شك أن الحوار الليبي ينجح بصفة أفضل في حال توقفت التدخلات الأجنبية و بعض المواقف المزدوجة لأن هذه التدخلات تؤخر حلحلة الأزمة. بعض الأطراف ترى في ليبيا منطقة مصالح, و البعض الاخر يراها مستقبل مصالح.

هل هي نعمة النفط التي تحولت إلى لعنة على البلد؟

ليبيا ليست نفطا فقط. ليبيا موقع إستراتيجي يفتح على العمق الإفريقي. ليبيا تتموقع ضمن ما نسميه "عبقرية المكان" لأنها تمثل جسر تواصل بين أوروبا و إفريقيا. من يفكر في ليبيا لا يفكر فقط في نفطها, بل لأنها تعد جسرا بين أوروبا و إفريقيا, و موطأ قدم نحو العمق الإفريقي.

عقيلة صالح طلب رسميا من الجزائر تسليح الجيش الليبي, أو بالأحرى " تسليح جيش حفتر" كما اعتبر البعض, ما تعليقكم؟

هدفنا توحيد كل الليبيين. الجيش الليبي بقيادة حفتر و المجلس الوطني في طبرق كلهم أطراف في الحل و أطراف في المعادلة الليبية، و لذلك هم أطراف في الحل. نحن ندعم كل ما يساهم في حلحلة الأزمة و مقاومة الإرهاب, و هذا ما يقوم به الجيش الليبي.

في أي إتجاه ستكون تحركاتهم المقبلة من أجل التسوية في ليبيا؟

ستكون لدينا تحركات في ليبيا و خارجها, و هذا الأمر يتم بالتنسيق مع الأمانة العامة للجامعة. نحن اليوم بصدد إعداد برنامج تحركاتنا على ضوء المعطيات الجديدة في ليبيا و في المنطقة لضمان أوفر حظوظ النجاح لها.