إذهبوا لتفهموا شيئا ما في حملة الانتخابات الامريكية الحالية. ففي الوقت الذي يشرح لنا فيه المحللون بانه يمكن عقد الصفقة ونقل المفاتيح للبيت الابيض لهيلاري كلينتون، تأتي الاستطلاعات الاخيرة وتشير الى ميل تعزيز لترامب على المستوى القطري.

لقد شرحوا لنا في القنوات الامريكية المختلفة بان ترامب يعد مؤيديه منذ الان للخسارة وفجأة يخرج علينا بخطة المئة يوم في البيت الابيض اذا ما فاز في الانتخابات. اذا كان احد ما ظن، او رغب في أن يظن بان ترامب لم يعد يؤمن بفوزه، فقد جاءت نهاية الاسبوع هذه لتذكرنا مرة أخرى بان هذا لن ينتهي الى ان ينتهي. ترامب لا يرفع يديه.

علاقات كلينتون

هذه الانتخابات لمن نسي، ستجري في 8 تشرين الثاني. صحيح أنها بدأ منذ الان في بعض الولايات، ولكنها بالتأكيد لم تنتهي. يوجد اليوم في الانتخابات في الولايات المتحدة من يريدون أن ينهوا القصة حتى قبل أن ينتهي الناخب من قول كلمته. عمليا، تشرح وسائل الاعلام لنا منذ الان بان الفارق بين المرشحين كبير لدرجة أن هيلاري تفكر منذ الان باحتلال مجلس الشيوخ بل وربما ان تفعل ما لم يكن حتى اوباما بقادر على أن يفعله في 2012 – ان تنتصر في الانتخابات للرئاسة وبالتوازي أن تحظى من جديد باغلبية في مجلس النواب. كما تستغل هيلاري الشعبية المتجددة لاوباما وتعطيه، مثلما تعطي نائب الرئيس جو بايدن وميشيل اوباما ايضا، ضوء الكشافات في المناسبات الانتخابية. أما هيلاري نفسها فتنزل تحت الارض. فهي تعرف أنها غير شعبية، جد غير شعبية، وعمليا وصل المرشحان الى مستويات من انعدام العطف غير المسبوق في هذا السباق، وبالضبط لهذا السبب تجدها تعول على الرفاق كي تفوز في الانتخابات.

يسيرون على الخط

في هذه الاثناء يواصل موقع التسريبات “ويكيليكس″ تقديم القضايا التي شاركت فيها هيلاري، بما في ذلك 12 مليون دولار وعدها بها ملك المغرب مقابل محاضرة. في نهاية المطاف، سافر الى المغرب الزوج والابنة. يثور الانطباع بانه رغم أن الجميع يهاجمون ترامب الملياردير، فان هيلاري هي المليونيرة في السباق، رغم محاولتها عرض نفسها كمقاتلة من أجل الناس البسطاء.

 في الولايات المتحدة يواصلون التعاطي بتوسع مع ما قاله ترامب بانه لن يقبل بالضرورة بنتائج الانتخابات كونه يعتقد بانها ستكون مزيفة، وانه يبقي لنفسه حق التوجه الى الهيئات القضائية مثلما فعل في الماضي (وان كان اوضح بانه اذا كانت النتائج تشير بوضوح الى فوز واضح فانه سيقبلها).ولكن رغم الانتقادات التي تعرض لها، ها نحن نرى فجأة بان نحو 70 في المئة من الجمهوريين يسيرون على الخط مع ترامب، ويعتقدون بان فوز كلينتون سيكون نتيجة تزييف وسوء نظام. اضافة الى ذلك، نتبين من الاستطلاع بان نصف الجمهوريين فقط سيقبلون هيلاري كرئيسة اذا ما اصبحت رئيسة بالفعل.

هنا بالضبط مشكلة المؤسسة الجمهورية: من جهة يسعون الى الابتعاد عنه بدعوى انه الولد العاق للحزب، ولكنهم بالمقابل يلعبون بالنار لان ترامب هو الشخصية الاكثر شعبية في أوساط مصوتي الحزب. محظور أن ننسى بانه مرشح التغيير، وان ملايين الامريكيين معنيون بالتغيير. في وسائل الاعلام يحبون أن يشددوا على فضائحه، ولكن بالنسبة للامريكي في الشارع فان ترامب يعتبر كمن سيحسن اقتصادهم في البيت.

كراهية غير مسبوقة

 لا تذكر في التاريخ الامريكي مثل هذه الكراهية بين المرشحين للرئاسة. وحتى في مناسبة خيرية في نيويورك واصل الاثنان المناكفة، رغم أنهما تصافحا بخلاف سلوكهما في المواجهة قبل يوم من ذلك. مفهوم ان كل هجوم من ترامب يلقى على الفور انتقادا في وسائل الاعلام. وبالمقابل، ما قالته كلينتون عن ترامب يحظى على الفور بالثناء. وسائل اعلام جد متوازنة في هذه الانتخابات.

 بشكل عام، يجب الانتباه لترامب. الرجل والظاهرة. فقد نجح الرجل في خلق حركة كبيرة تسير خلفه. وهو يعرف هذا. ولهذا السبب بالذات يكرر ترامب ما قاله في لاس فيغاس قبل المواجهة: الانتخابات في الولايات المتحدة يمكن أن تكون بالضبط مثل الاستفتاء في بريطانيا “بفرق خمسة اضعاف”، كما يقول. بمعنى ان المستطلعين لن يلاحظوا في الزمن المناسب الميول والكثير من الشباب الذين يشاركون في الاستطلاعات سيفضلون البقاء في البيوت بدلا من ممارسة حقهم في الاقتراع.

من يتابع هذه الانتخابات ويتغذى بوسائل الاعلام يؤبن ترامب منذ الان. ولكن من يوجد في الولايات المتحدة، في الولايات المختلفة ويتحدث مع الجمهور سيأخذ الاحساس بان كل شيء لا يزال مفتوحا.

*عن صحيفة رأي اليوم