تتواصل مساعي دول الجوار الليبي، لوضع حل للأزمة التي تشهدها ليبيا الآن،حيث صدر عن اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا، الذي عقد في تونس، بيان أعرب فيه الوزراء عن بالغ قلقهم من تنامي التهديدات الإرهابية، داعين إلى تكاتف الجهود لمحاربتها بتعزيز التعاون عبر الحدود.ورحب الوزراء ببيان المجلس الرئاسي الليبي، الذي أعلن فيه عن بدء عمل حكومة الوفاق، ودعوا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى تحمل مسؤولياتهما لاستكمال المسار. معربين عن دعم دول الجوار للاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي.

ويأتي إجتماع دول جوار ليبيا في تونس هذه المرة،  بعد تحذيرات من مخاطر تحول ليبيا إلى بؤرة للإرهاب، خاصة بعد الضغط على التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.وقال بيان لوزارة الخارجية التونسية إن الاجتماع مخصص لبحث السبل الكفيلة لدعم العملية السياسية وجهود إعادة الأمن والاستقرار فى ليبيا.ودعا السراج اليوم الثلاثاء، إلي ضرورة دعم المجلس الرئاسي وتسهيل انتقاله الى العاصمة طرابلس داعيا بقية الاطراف الرافضة للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق للالتحاق بهم ووضع مصلحة ليبيا والمواطن الليبي فوق كل الاعتبارات على حد قوله.يأتي ذلك في ظل عرقلة الأطراف المتنازعة للحل السياسي، وبالأخص عدم منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.

المجتمعون شددوا على ضرورة تسريع انتقال المجلس الرئاسي إلى طرابلس، معربين عن رفضهم لأي تدخل عسكري لمقاومة الإرهاب.وقال وزراء الخارجية إن أي عمل عسكري لمقاومة الإرهاب يجب أن يكون بناء على طلب من حكومة الوفاق.وكان اجتماع مغلق قد ضم، الاثنين 21 مارس /آذار، رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ومبعوثة الاتحاد الأوروبي ناتاليا آبوستولوفا؛ وخُصص، بحسب مصدر أوروبي رفيع، لمناقشة الترتيبات الأمنية، لضمان انتقال حكومة السراج إلى طرابلس، حيث تعهد الاتحاد الأوروبي للسراج بدعم انتقال الحكومة إلى العاصمة الليبية ومباشرة عملها.

وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، أكد أن البعثة الأممية تقوم بدور الوسيط للاتصال بين جميع الاطراف في ليبيا، مشيراً إلى أنه يحاول توطيد العلاقات مع الأحزاب والجمعية التأسيسية للدستور من أجل توحيد الصفوف.وقال كوبلر في تصريحات إنهم مستعدون للاستماع للجميع لحل المشكلات التي تعترض إرساء الأمن والاستقرار في ليبيا ، محذراً في الوقت نفسه من أن تنظيم داعش الإرهابي لا يهدد ليبيا فقط بل المنطقة بالكامل مثل مصر والجزائر وتونس، ومن الضروري وقفهم في ليبيا ومن خلال الليبيين أنفسهم.

تونس

أكد وزير الخارجية التونسي خميس الجينهاوي ضرورة التسريع في انتقال المجلس الرئاسي الى طرابلس ووضع حد لحالة الانقسام التي تعيشها ليبيا.وجدد الجينهاوي في كلمته خلال اجتماع دول جوار ليبيا رفض بلاده لأي تدخل عسكري أجنبي فيها.وكان وقع في بن قردان التونيسية تفجير إرهابيا الأسبوع الماضي،ووفق احصائيات رسمية، يوجد 5 آلاف مسلح تونسي موزعين على مختلف التنظيمات الإرهابية، أكثرهم يقاتلون في صفوف داعش في سوريا والعراق وليبيا والجزائر.وتمثل هذه الإحصائية إنذارا خطيرا بمدى التهديد الذي تتعرض له تونس من جراء عودة هؤلاء المقاتلين للقيام بعمليات في البلاد.

إلى ذلك أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية تمديد العمل لثلاثة أشهر بحالة الطوارئ السارية في البلاد منذ الهجوم الانتحاري الذي استهدف يوم الـ 24 نوفمبر/تشرين الثاني حافلة أمن رئاسي وسط العاصمة.وقالت الرئاسة في بيان مقتضب الثلاثاء 22 مارس/آذار: "الرئيس الباجي قائد السبسي قرر وبعد مشاورات تمديد العمل بحالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من الـ23 من مارس/آذار".ويأتي هذا القرار بعد 15 يوما على هجوم إرهابي جديد وقع في منطقة بنقردان عند الحدود الليبية.وقررت السلطات التونسية اعلان حالة التأهب القصوى في مختلف مطاراتها وكذلك الموانئ البحرية والمحطات الكبرى لوسائل النقل العامة.

الجزائر

دخل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، على خط حملة التعبئة والحشد الرسمي والشعبي، تحسبا للأخطار الأمنية والعسكرية على الحدود الجنوبية والشرقية مع تونس وليبيا، خاصة بعد إفشال الجيش الجزائري، لمحاولة إدخال ترسانة من الأسلحة الثقيلة والمتطورة إلى محافظة وادي سوف الحدودية.ويرى خبراء بأن الوضع على الحدود الجنوبية والشرقية، بات مصدر قلق للسلطات في الجزائر، وأن حالة حرب غير معلنة تشهدها المحافظات الحدودية كتمنراست وإليزي ووادي سوف، خاصة بعد حادثة بنقردان التونسية، وتفكيك شبكات للتموين والإسناد بالأسلحة والمؤونة والمعلومات.وطرح هجوم الجمعة العديد من التحديات أبرزها أن المقدرات الرئيسية للجزائر باتت محل تهديد التنظيمات الإرهابية، ما اضطر السلطات إلى اتخاذ تدابير عسكرية وأمنية جديدة لحماية منشآت وآبار الغاز والنفط.

من جانبه ناقش وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي الجزائري عبد القادر مساهل مع رئيسة وفد الاتحاد الأوروبي تطورات الأوضاع في ليبيا على هامش الاجتماع الثامن لدول الجوار الليبي بالعاصمة التونسية.وجرى خلال الاجتماع التأكيد على أهمية الحل السياسي للأزمة الليبية الذي ينعكس على أمن واستقرار منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وفقا لوكالة الأنباء الجزائرية.وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة،جدد إصرار بلاده على مواجهة خطر الإرهاب من خلال توحيد جهود الجزائر مع جهود جارتها تونس.

مصر

أكد وزير الخارجية سامح شكري خلال مشاركته في اجتماع دول جوار ليبيا بتونس، الثلاثاء، 22 مارس 2016 أن نجاح ليبيا في عبور عنق الزجاجة والخروج من أزمتها الراهنة هو نجاح لدول الجوار كافة، بينما سيكون للفشل في تحقيق ذلك ثمن باهظ يدفعه في الأساس مواطنو ليبيا، وتدفعه دولنا جميعًا.كما دعا الوزير المصري، خلال الاجتماع، إلى مواصلة التمسك بدور مجلس النواب كونه يظل الظهير الشرعي الوحيد للاتفاق السياسي، والذي من دونه لن يكتمل البناء المؤسسي الليبي، ولن يتسنى استكمال باقي خطوات الانتقال السياسي من إقرار التعديلات المطلوبة للإعلان الدستوري، وإصدار التشريعات المنظمة لحياة المواطن الليبي، واعتماد خطط الحكومة وميزانيتها، وممارسة الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية.

وشدد وزير الخارجية على أن الحفاظ على تماسك المؤسسات الليبية ومن بينها القوات المسلحة الليبية ضرورة، مؤكدا على أهمية العمل لتجنيب القوات المسلحة والمنظومة الأمنية الوطنية مخاطر أية خطوات من شأنها شق صف هذه المؤسسة وإضعافها، كما تواصل مصر حثها المجتمع الدولي على تقديم كافة أشكال الدعم للمؤسسات الأمنية الليبية ومنها توفير التدريب والتأهيل وكذلك رفع الحظر عن تصدير السلاح للقوات المسلحة الليبية حتي تتمكن من القيام بدورها في مكافحة الإرهاب.من جهته قال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، إن الوضع في ليبيا معقد للغاية وفوضوي حسب وصفه.

وأكد كوبلر في تصريح له بالقاهرة على أهمية التعاون بين ليبيا ومصر، لتحقيق الاستقرار في المنطقة وخاصة في شمال إفريقيا، مجددا موقفه الداعم لحكومة الوفاق الوطني، وداعيا في الوقت ذاته مجلس النواب إلى وجوب مساندة الحكومة.وأشار كوبلر بالنسبة للمخاطر التي تهدد البلاد إلى ثلاثة عوامل مؤثرة في المنطقة والمتمثلة في خطر داعش الذي لا يمكن إيقافه إلا من خلال الليبيين أنفسهم وحكومة الوفاق وجيش موحد حسب تعبيره.وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال، في مقابلة مع صحيفة (لا ريبوبليكا) الإيطالية، إن التدخل العسكري في ليبيا خطير، مضيفا أن الأفضل للقوى الخارجية دعم خليفة حفتر قائد الجيش الوطني -الموالي للحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومقرها طبرق بشرق البلاد- في الحرب ضد المتشددين.

إلى ذلك يرى خبراء أن جتماع دول الجوار الليبي في تونس يهدف إلى تأمين الدور الإقليمي للحيلولة دون المزيد من التدويل، والدفع بالإصلاح السياسي ضدّ خيار السلاح وتجنيد كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين الليبيين ضد الخطر الداعشي.وقد يكون اجتماع دول الجوار الليبي في تونس واحدا من أهم الاجتماعات الخاصة بالموضوع الليبي،نظرا لأنّ كافة دول الجوار باتت في مرمى نيران الإٍرهاب.