«السحر»، عرف اصطلاحاً بأنه عزائم ورقى تمرض الأبدان وتفرق بين المرء وزوجه، وعندما يمتهن أصحاب القلوب المريضة هذا النوع من الشعوذة، الذي يفرق بين المرء وزوجه، وبين الصديق وصديقه، وبين الأب وابنه، فاعلم أن الشيطان أصبح ملاذه، لا يفكر في عواقب، ولا يقرأ المعروف الذي أسدي إليه من قبل المجني عليه، وإن أغدق عليه بالنعم، وأجزل له العطايا، ولا يزال هذا النوع من القضايا يسجل ويتداول في أروقة المحاكم حتى وقتنا الحاضر.

آخر تلك القضايا، والتي نظرتها محكمة أبوظبي، كانت استثنائية بامتياز، لوجود اختلافات عديدة عن مثيلاتها من قضايا الشعوذة والسحر، ألا وهو أن المجني عليهما، قاما بمساعدة المتهمة وأبنائها، وأسكنوهم معهم في منزلهما، إلا أنه بدلاً من أن تشكرهم على هذا العرفان، قابلت ذلك المعروف بارتكاب جريمة، تمثلت في ممارستها للشعوذة والسحر، قاصدة من ذلك تعريض حياتهم للخطر.

بداخل إحدى حافلات النقل العام بأبوظبي، بدأت الأحداث، بتعرف سيدة من جنسية عربية على المتهمة من نفس جنسيتها، حيث تبادلوا أرقام الهواتف، وبعد فترة، اتصلت المتهمة بالمجني عليها، وأبلغتها بأنه تم طردها مع أبنائها من منزلهم، لعدم قدرتهم على سداد القيمة الإيجارية.

فقامت المجني عليها بالترحيب بهم في منزلها، بعد أن أخذت الإذن من زوجها، إلى حين أن تجد مسكناً لها، فأقامت المتهمة معهم بالمنزل، وخلال تلك الفترة، بدأ أفراد الأسرة المستضيفة في التعرض للعديد من المواقف الغريبة، والتي تمثلت في اعتداء الزوجة على زوجها بالضرب، وتعرض ابنهما لحالة مرضية خطرة.

وبعد مرور 20 يوماً، وأثناء ما كانت الزوجة تقوم بتنظيف الغرف التي كانت تسكن فيها المتهمة، تفاجأت وزوجها، بأوراق وأدوات خاصة بالسحر والشعوذة، لتقوم بإبلاغ الجهات المعنية، التي تولت مهام إلقاء القبض على المتهمة وإحالتها إلى النيابة العامة.

وخلال تحقيقات الشرطة، أفاد الزوج في أقواله، بأن زوجته تأذت كثيراً من أعمال السحر التي فعلتها المتهمة، حيث كان يلبسها الجن أكثر من مرة، ما جعلها تعتدى عليه بالضرب وهي لا تعلم.

وأشارت الزوجة إلى أن المتهمة مارست أعمال السحر في محاولة لقتل ابنها، حيث لاحظت أن ابنها يتقيأ دماً، ولا يطيق رؤيتها، مؤكدة أنها وجدت في غرفتها وغرفة ابنها صوراً عليها طلاسم. وعليه، أمرت الجهات الأمنية بإحالة الأحراز المضبوطة إلى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية، والتي أوضحت في تقريرها، أن بعض الأحراز تحتوي على شعوذة.

وبيّن تقرير مختبر إدارة الأدلة الجنائية، المعني بالتعرف إلى صاحبة الخط الذي حرر الكلمات والطلاسم الموجودة على الصور والأحراز المضبوطة، بأن المتهمة هي الكاتبة بخط لجميع العبارات الثابتة.

وقضت محكمة أبوظبي بمعاقبتها بالحبس لمدة 3 أشهر، ومصادرة المضبوطات وإتلافها، مع الأمر بإبعاد المتهمة إلى خارج الدولة عقب تنفيذ مدة العقوبة.