باتت مدينة درنة منذ تحرير مدينة بنغازي بالكامل ودك المعاقل الإرهابية فيها،الوجهة المؤكدة للجيش الليبي،خاصة وأن المدينة لا تزال مستثناة من السيطرة الميدانية له على كافة مدن الشرق،وتعد معقل الجماعات المتطرفة والإرهابية منذ سنوات طويلة،وهو ما يجعل من تحريرها إنتصارا مهما في الحرب على الإرهاب في البلاد.

وتتواصل إستعدادات قوات الجيش لدخول مدينة درنة،مع الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية،والتي كان آخرها وصول سرية مدرسة المشاه والمدرعات إلى هذه الجبهة الملتهبة،بحسب ما أعلنت مجموعة عمليات عمر المختار.وقال المنسق الإعلامي للمجموعة عبد الكريم صبره في تصريح لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية" إن عناصر السرية تسلموا مواقعهم وتمركزوا فيها.

وكان رئيس الأركان العامة للجيش الوطني والحاكم العسكري درنة بن جواد الفريق عبدالرازق الناظوري،أصدر،الأسبوع الماضي، تعليمات بإطلاق معركة تحرير مدينة درنة.وجاء ذلك خلال اجتماع عقده الناظوري، بمنطقة الأبرق غربي درنة، مع آمر القوات الخاصة اللواء ونيس بوخمادة، وآمر كتيبة شهداء الزاوية اللواء جمال الزهاوي، وآمر غرفة عمليات الكرامة اللواء عبدالسلام الحاسي، ورئيس أركان القوات الجوية عميد ركن طيار صقر الجروشي،وعدد من كبار ضباط المؤسسة العسكرية.

وأعلنت قيادة الجيش الليبي في وقت سابق، المنطقة الممتدة من بوابة النوار جنوب مدينة القبة إلى بوابة الحيلة جنوب درنة منطقة محظورة تمنع فيها الحركة، وتعتبر منطقة عمليات عسكرية. وقامت الوحدات العسكرية الليبية المتمركزة في المحور الجنوبي لمدينة درنة، الثلاثاء الماضي، بقصف مواقع فلول الجماعات الإرهابية بمنطقة الظهر الحمر جنوب درنة، بالمدفعية.

وأمام تحركات الجيش الليبي وإصراره على إقتحام المدينة وإنهاء سيطرة العناصر الإرهابية عليها،بدأت الأطراف الداعمة لهذه العناصر بالتحرك في محاولة لعرقلة العملية.حيث سارع مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني،الى الدعوة الى النفير لمدينة درنة لتقديم يد العون لشورى مجاهدي درنة وضواحيها.وقال الغريان في برنامج تلفزيوني إن على الجميع دعم شورى درنة بالمال والسلاح من أجل فك الحصار عنها ،ووصفهم بأصحاب حق على حد تعبيره.

ويعتبر "مجلس شورى مجاهدي درنة" أحد أذرع تنظيم القاعدة في ليبيا،وهو تحالف لعدد من الميليشيات التي تهدف إلى تطبيق الشريعة في ليبيا، ضمّ عند تأسيسه جماعة من أنصار الشريعة والتي صنفها مجلس الأمن على لائحة الإرهاب منذ عام 2014،إضافة إلى كتيبة "جيش الإسلام" وكتيبة "شهداء بوسليم".ومنذ سنوات رفع تنظيم "شورى درنة" شعار محاربة قوات الجيش الليبي واستهدافه من خلال عمليات ارهابية.

وعرف الغرياني طيلة السنوات الماضية بخطابه التكفيري المشيد بالجماعات المتطرفة التي ينفي عنها دائما صفة الإرهاب،إذ قال في تصريحات سابقة انه "لا يوجد إرهاب في ليبيا، ويجب ألاّ تطلق كلمة الإرهاب على أنصار الشريعة فهم يَقتُلون ولهم أسبابهم، من مات منهم فهو شهيد". ولم يكتف المفتي الليبي بتصريحاته المنحازة للمتطرفين حيث أصدر فتوى تقول "إن من ينضم إلى اللواء خليفة حفتر ويموت معه، يخشى أن يموت ميتة جاهلية، وكل من يقاتله ويموت فهو شهيد وفي سبيل الله". حسب قوله.

وبسبب تصريحاته التحريضية وانحيازه المعلن للمتشددين،تصاعدت الدعوات إلى إقالته من منصبه  وقرّر البرلمان الليبي المنعقد بطبرق حلّ دار الإفتاء وإقالة المفتي الصادق الغرياني. واعتبر مراقبون آنذاك قرار حل دار الإفتاء قرارا صائبا لتحجيم المفتي الذي لم يجد من يحاسبه على تكفيره لليبيين ودعواته المتكررة إلى العنف والإرهاب ضدّ الدولة، مشدّدين على أن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته تساهل مع المفتي ولم يبد أي اعتراض على تصريحاته الغريبة.

وتجاوزت الاتهامات الموجهة للغرياني بدعم الارهابيين الداخل الليبي،حيث يشير تقرير نشره موقع "ديفون لايف" إلى أن الغرياني الذي تم ترحيله من المملكة المتحدة بسبب وجهات نظره المتشددة في 2014 قام بالتبرع بمبلغ 250 جنيها إسترلينيا لمسجد "إكستر" وسط مخاوف من استفادة المسجد من الأنشطة ذات الصلة بالإرهاب.

وتأتي دعوات الغرياني لدعم الجماعات المتطرفة في درنة،بعد موجة الإشاعات حول صحة القائد العام للجيش الليبي،المشير خليفة حفتر،والتي وصلت حد التأكيد على وفاته. إلا أن اتصال مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة،بالمشير والذي كشفت عنه مصادرمن البعثة الأممية،نسف هذه الشائعات.

وإعتبر مسؤولون في الجيش الوطني الليبي، أن الشائعات بشأن الحالة الصحية لحفتر تستهدف التشويش على قوات الجيش، التي تستعد لاجتياح مدينة درنة،حيث أكد المتحدث باسم الجيش الوطني، العميد أحمد المسماري، خلال مؤتمر صحفي، أن الإخوان يحاولون تغيير مسرح العمليات السياسية والعسكرية، والتشويش على القوات المسلحة، من خلال نشر الشائعات، وذلك بعد الهزائم التي لحقت بالتنظيمات المسلحة الموالية لهم من قبل قوات الجيش الوطني.

من جهة أخرى مثلت محاولة الإغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس أركان الجيش الوطني الليبي، الفريق عبد الرزاق الناظوري، الحاكم العسكري في منطقة  درنة - بن جواد،الأربعاء 18 أبريل 2018،محاولة لبث البلبلة في صفوف الجيش بالنظر إلى توقيتها.وهو ما أشار إليه مسئول مكتب إعلام رئيس أركان الجيش الليبي، مالك الشريف،في تصريح خاص لوكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية،بالقول أن عمليات الاغتيال كانت متوقعة خصوصًا بعد إعلان القيادة العامة للجيش عن البدء في تحرير درنة شرق ليبيا،لكنه أكد أنها لن تؤثر في عمليات الجيش لتحرير المدينة.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيها المحاولات للتشكيك في جدية الجيش الليبي في تحرير درنة،يؤكد مسؤولن عسكريون إصرارهم على المضي قدما في عملية التحرير،وهو ما أكده في وقت سابق، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي،العميد أحمد المسماري،بقوله أن القوات المسلحة ستدخل درنة "مهما كانت الظروف".

ويأمل العديدون أن ينجح الجيش الليبي في تحرير مدينة درنة الواقعة في الشرق الليبي،وهو ما أكده بيان  أسر الشهداء والجرحى ضحايا العمليات الإرهابية بالمحاور المحيطه بمدينة درنة،الجمعة 20 أبريل،الذين أكدوا دعمهم لشرعية الدولة ومؤسساتها المتمثلة في مجلس النواب ومؤسسة العسكرية بقيادة المشير خليفة بالقاسم حفتر.

وأضاف البيان أنه "نؤكد حرصنا على سلامة إخوتنا وأهلنا في مدينة درنة الذين هم مع قيام دولة المؤسسات ولا يمانعون من دخول الجيش إلى المدينة لتحريرها من الجماعات الإرهابية".وشدد الأهالي على حقهم الشرعي والقانوني والعرفي في ملاحقة جميع المنتسبين للتنظيمات الإرهابية بمختلف مسمياتها وفق ما يكلف القانون والعرف.

ويسهم تحرير درنة من سيطرة الإرهابيين،بحسب المراقبين في تجنيب ليبيا المزيد من الهجمات الارهابية،اضافة الى تجنيب دول الجوار وخاصة مصر هجمات ممثالة، لا سيما وأن تلك المدينة تعد ملاذا لخلايا إرهابية عابرة للحدود من مصر وتونس والسودان، وكانت تلك الخلايا اتهمت من قبل باختراق الحدود الغربية المصرية لشن هجمات إرهابية في المنيا جنوبي مصر في مايو 2017،كما تم اتهام إرهابيين تدربوا في المدينة بالتورط في هجوم الواحات في الصحراء الغربية خلال العام نفسه.