على عكس الفكرة السائدة بأن ليبيا مجرد نقطة استعداد للعبور إلى أوروبا عبر المتوسط، فضل مجموعة من الشباب الأفارقة البقاء في ليبيا للعمل وكسب قوتهم محذرين من الهجرة غير الشرعية أو ما وصفوها بـ"طريق الموت".

في كل يوم جمعة، يتجمع العشرات من المهاجرين الأفارقة في أحد ملاعب الأحياء بالعاصمة الليبية طرابلس للعب كرة القدم، اللعبة الشعبية التي تستهوي الكثير من أبناء القارة السمراء.

لم تكن مباراة كرة القدم الشيء الوحيد الذي جمع هؤلاء الشباب المنحدرين من أصول وأعراق وديانات مختلفة، فقد اتفقوا جميعا على البقاء والاستقرار في ليبيا التي تسود فيها فكرة أن كل عامل افريقي  هدفه جمع المال للوصول لأوروبا عبر شواطئ ليبيا وبطرق غير شرعية.

ولكن هؤلاء الشباب رفضوا بالإجماع الهجرة غير الشرعية ووصفوها بأنها "طريق إلى الموت والتهلكة"،  ناصحين كل من يفكر في خوض غمار التجربة أن يتمهّل ويتراجع عن قراره.

شباب من النيجر

أغلب المجموعة الّتي التقاها موقع  أصوات الكثبان أتوا من النيجر ويعملون في البناء أو في مصانع البلاستيك بطرابلس.

ويقول سامويل، وهو شاب نيجري من مدينة أقداس، إن "توفّر العمل لهم جعلهم يجتنبون الهجرة التي تعرضهم إلى خطر الموت غرقا، إضافة الى أن ظروف أغلب الّذين وصلوا إلى أوروبّا ليست جيّدة حسب ما يذكره لنا العديد منهم عبر مواقع التّواصل الاجتماعي ".

أما فابريس، وهو أيضا من النيجر من مدينة ديركو فأكد أن "هذه هي المرّة الثالثة الّتي يأتي فيها إلى ليبيا حيث يجمع مبلغا محترما من المال ثم يعود إلى بلاده". 
ويروي الشاب محمّدو، القادم من العاصمة نيامي، لأصوات الكثبان أنّ "أصدقاءَ له بقَوْا مُعلّقين يَوْمَيْنِ في البحر بين الحياة والموتِ، بعد أن توقّف محرّك قاربهم، إلى أن نجدتهم البحريّة اللّيبيّة وقد غرق منهم قرابة العشرين شخصا، قبل أن يرجعوا بهم إلى ليبيا وهم الآن في مراكز الاحتجاز ينتظرون ترحيلهم".

الشّغل متوفّر

ووجه محمّدو رسالة للشباب الأفارقة القادمين إلى ليبيا قائلا إن العمل متوفر في هذا البلد شريطة أن  تكون جدّيّا وألا تتدخّلَ فيما لا يعنيكَ من المشاكل الدّاخليّة لهذا البلد ".

ويحذّر محمّدو خاصّة من مسألتَيْن: الانتماء للميليشيات المسلّحة طمعا في المال والهجرة غير الشّرعيّة، موضحا " في العمل مع الميليشيات، سوف تخسر حياتك ولن تربِح شيئا، أمّا الهجرة، فمساوِئها أكثر من محاسِنِها والاستقرار في ليبيا أفضل ".  

وتقول إحصائيات المنظّمة الدّوليّة للهجرة أنّ ما بين ثلاثين وأربعين ألف مهاجر يدخلون ليبيا شهريّا عبر حدودها الجنوبية غير المراقبة، ثلثهم يكملون مشوارهم نحو هدفهم بعبور البحر بقوارب متهالكة نحو سواحل أوروبا بينما يجد ثلث آخر أوضاعا أفضل من ظروف أوطانهم فيختارون الاستقرار في ليبيا، أمّا الثّلث الأخير، فقد ضاقت به السّبل وهو إمّا في مراكز الاحتجازالرّسميّة أو مستَغَلاّ على شاكلة أتعس أنواع الاستعباد في الضّيعات الفلاحيّة ورُبَّما أيضا ضحيّة إحدى المجموعات المارقة عن القانون.