في تقرير يقع في 62 صفحة تحت عنوان: "أصول وتطور داعش في ليبيا"، يضع الباحثون: جيسون باك، وريانون سميث، وكريم مزران، تنظيم داعش في ليبيا تحت المجهر ، ويتفحصون مراحل التنظيم المختلفة ، ما قبل الولادة والتوسع والتوحيد والتشتت في ليبيا، فضلا عن السياق السياسي الأوسع للبلاد. كما يقدم الباحثون توصيات حول كيفية تعامل الحكومات الغربية والجيش مع الجهات الجهادية على الصعيد العالمي. كما يؤكد الباحثون على أن السياسة الغربية يجب أن تدفع باتجاه تولي الميليشيات الليبية والمجالس المحلية لتولي مسؤولية الحكم وقضايا العدالة، بدلا من مجرد توجيهها لمحاربة داعش أو الجهاديين الآخرين، وذلك طبعا بعد تأطير وظائف الميليشيات من خلال مؤسسات أمنية جديدة ومتناغمة. وفي ما يلي ترجمة للخلاصات الأربع التي خلص إليها التقرير..

1-            للوحشية نتائج عكسية

تظهر بياناتنا أن الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) أصبحت على مدى السنوات الثلاث الماضية عدوا للغالبية العظمى من الشعب الليبي. وبسبب قتلها الكثير من الناس وسحق المقاومة بوحشية، فقدت داعش أولا درنة في ديسمبر 2016، ثم خسرت سرت.

ويتناسب ذلك مع ديناميكية إقليمية أكبر، حيث تراجعت داعش بسبب الوحشية في اليمن لأنها كانت وحشية جدا وتصرفت ضد الأعراف القبلية، مما قوض قدرتها على التنافس مع تنظيمات أكثر رسوخا مثل القاعدة. وعلاوة على ذلك، في ليبيا، واجهت داعش تحديات مضاعفة بسبب عدم قدرتها على الاعتماد على الانقسامات الطائفية لحشد الدعم من السكان السنة كما فعلت في العراق وسوريا.

2-            غياب الدولة خلق داعش

لا يوجد هناك شيء اسمه استراتيجية عسكرية بحتة لهزيمة داعش. داعش هي أحد أعراض المشاكل الليبية الأوسع، خاصة ضعف الحكم. و كان الاستبداد الذي تمارسه الميليشيات الليبية في صميم عدم الاستقرار في ليبيا خلال السنوات الست الماضية.

وقد شكل غياب الدولة عامل جذب رئيسيا في البيئة التي اجتذبت داعش في المقام الأول. ولذلك، فإن السياسة الدولية والليبية بحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية. يجب أن تتضمن أي استراتيجية لمكافحة داعش في ليبيا خطة لتعزيز المؤسسات الليبية والتعامل مع خطر الميليشيات الليبية.

مجرد إخلاء داعش من سرت لم ولن يحل أي من هذه المشاكل الكامنة وراء استمرار وجود خلايا داعش في ليبيا، ولا تزال أيديولوجيتها قائمة. ويسمح استمرار غياب الدولة في ليبيا باستخدام داعش البلاد كمركز للتدريب ومركز اتصالات له في الخارج.

فراغ الحكم في ليبيا جعلها حاضنة للعمليات الجهادية مما نجم عنه تأثير مدمر كما اتضح في تفجير مانشستر في 22 مايو 2017. ولإعادة بناء ليبيا، يجب أن تذوب الميليشيات في الحياة المدنية وأن تؤطر وظائفها من خلال مؤسسات أمنية جديدة ومتسقة.

والآن بعد أن فقد تنظيم داعش سيطرته الإقليمية على سرت، ينبغي على الحكومات الغربية تقديم مزيد من الدعم للجهود الرامية إلى إضفاء الطابع الرسمي على المؤسسات الأمنية في ليبيا وإضفاء الطابع المؤسسي عليها وإعادة تشكيلها.

3-            ضرورة لامركزية السلطة

داعش تحقق لها الازدهار في المناطق الهشة من ليبيا لأن الحكومات المركزية السابقة كانت مترددة في نقل السلطة إلى السلطات المحلية.

يجب أن تعمل السياسة الغربية على تأهيل الميليشيات والمجالس المحلية لتولي قضايا الحكم والعدالة، بدلا من مجرد توجيهها لمحاربة داعش أو الجهاديين الآخرين. إن حكم سرت في أعقاب تحريرها من سيطرة داعش هو مثال على ذلك.

4-            التهميش في المجتمع الليبي مكّن داعش

استطاعت داعش استغلال المجتمعات التي عانت في أعقاب انتفاضات عام 2011، ونجحت في الانغماس داخل نسيجها. وقد تضمنت المجتمعات التي تعرضت لاستغلال تنظيم داعش عناصر مؤيدة للقذافي وعناصر أكثر راديكالية في الميليشيات التي دعمت الانتفاضات.

إن المصالحة الوطنية الحقيقية في ليبيا، خاصة بين الفاعلين السابقين في فترة للقذافي والمتمردين وبين العناصر المناهضة للإسلاميين والمؤيدين لهم، مطلوبة لإنهاء نمط التطرف في ليبيا.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال بناء مسلسل مصالحة صادقة في أي خطة جديدة لحكومة وحدة وفي الدستور الليبي الجديد.

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة