تصاعد الجدل بين فرنسا وايطاليا الاربعاء حول ملف الهجرة في ضوء الازمة التي تسببت بها السفينة اكواريوس، وألغى وزير الاقتصاد الايطالي جيوفاني تريا لقاء كان مقررا بعد الظهر في باريس مع نظيره الفرنسي برونو لومير الذي أسف لهذا القرار.

وقال لومير ان "الزيارة الغيت بطلب من الايطاليين ونأسف لذلك"، مؤكدا انه "كانت لديه الكثير من القضايا التي يجب بحثها مع تريا وخصوصا قبل" القمة الاوروبية التي ستعقد في نهاية حزيران/يونيو وستعرض خلالها مقترحات حول إصلاح منطقة اليورو.

وتابع لومير في بيان سلمته وزارة الاقتصاد الى وسائل الاعلام "نأمل ان يعقد هذا اللقاء قريبا جدا".

وكانت روما هددت بالغاء الاجتماع بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس الحكومة الايطالية جوزيبي كونتي، المقرر الجمعة في العاصمة الفرنسية. إذ قال وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف أنه بدون "اعتذار رسمي" من جانب فرنسا سيكون من الافضل الغاء اللقاء.

ودعا ماكرون الاربعاء الى "عدم الانقياد للعواطف التي يستغلها البعض" في قضية السفينة اكواريوس التي كانت تقل مئات المهاجرين، مؤكدا ان فرنسا "تعمل يدا بيد مع ايطاليا" لادارة تدفق المهاجرين.

ورغم سعيه الى احتواء الازمة مع ايطاليا جراء انتقادات حادة لرفض روما استقبال السفينة، ندد ماكرون خلال زيارة لغرب فرنسا "بانتهاج سياسة تؤدي إلى تفاقم الأمور وتجعل الجميع أسرى للعاطفة".

وكان ماكرون ندد الثلاثاء بالموقف "المعيب وغير المسؤول" للحكومة الايطالية لرفضها استقبال السفينة اكواريوس التي تقل اكثر من 600 مهاجر قامت بانقاذهم، فيما قال المتحدث باسم حزبه "الجمهورية الى الامام" غابريال اتال ان موقف ايطاليا بشأن اكواريوس "يثير الغثيان".

وردت الحكومة الشعبوية الجديدة في ايطاليا بقولها انها ترفض "تلقي الدروس" من دول مثل فرنسا بشأن المهاجرين، مستهجنة تصريحات فرنسا.

- "تقوض العلاقات" -

وواجهت الحكومة الشعبوية الجديدة في ايطاليا انتقادات حادة الثلاثاء من جيرانها الاوروبيين بعد ان رفضت استقبال السفينة اكواريوس التي تسيّرها منظمة "اس او اس المتوسط" الفرنسية وكانت تحمل 629 مهاجرا معظمهم أفارقة.

ويتبنى وزير الداخلية الإيطالي سالفيني نهجا متشددا حيال ملف اللاجئين.

وبقى 629 مهاجرا عالقين على متن السفينة اكواريوس في عرض البحر، فيما كان الجدل يدور بين ايطاليا ومالطا حول من يجب ان يستقبلهم.

وتدخلت اسبانيا وقررت استقبال السفينة في ميناء فالنسيا الذي ستتوجه اليه "اكواريوس" الاربعاء بمواكبة سفينيتين ايطاليتين.

وقال وزير الخارجية الايطالي انزو موافيرو ميلانزي في بيان بعد استدعاء السفير الفرنسي لدى ايطاليا صباح الاربعاء ان "الحكومة الايطالية تعتبر من غير المقبول استخدام تلك العبارات في تصريحات رسمية امس في باريس".

ولم يكن السفير الفرنسي موجودا في روما وتوجهت نيابة عنه كلير آن رولان، المسؤول الثاني في السفارة.

وبحسب موافيرو "إن مثل تلك التصريحات تقوض العلاقات بين ايطاليا وفرنسا".

واضاف ان "اللهجة المستخدمة غير مبررة" وان كان موافيرو "يتفهم بأن دولة حليفة وصديقة قد تختلف مع مواقف دولة اخرى، فإن الخلاف يجب ان يتم التعبير عنه بطريقة وباساليب تتماشى مع علاقة الصداقة تلك".

وردت وزارة الخارجية الفرنسية بانها "مدركة تماما" للضغوط التي تتعرض لها ايطاليا في مواجهة تدفق اللاجئين من افريقيا، مشددة على ان باريس "متمسكة بالحوار والتعاون" في قضية الهجرة.

والاربعاء ايضا اعلن المستشار النمساوي سيباستيان كورتز ان وزراء الداخلية المتشددين في كل من النمسا والمانيا وايطاليا قاموا بتشكيل "محور" للتصدي للهجرة غير الشرعية الى اراضي الاتحاد الاوروبي.

وسط ذلك، وصلت سفينة تابعة لخفر السواحل الإيطاليين تقل أكثر من 900 مهاجر إلى صقلية الأربعاء. وأفاد مصور لوكالة فرانس برس أن السفينة "ديسيوتو" وصلت إلى ميناء كاتانيا وبدأ المهاجرون بالنزول منها بالفعل.

وقال مسؤول في خفر السواحل في كاتانيا لفرانس برس أن السفينة تقل أكثر من 900 مهاجر تم انقاذهم في عدة عمليات انقاذ قبالة سواحل ليبيا.

وتتهم ايطاليا التي وصل حوالى 700 الف مهاجر الى شواطئها منذ 2013، الاوروبيين بعدم الاكتراث وتركها وحيدة في مواجهة أزمة الهجرة.

وبموجب القواعد الاوروبية، يجب أن يتقدم المهاجرون بطلب لجوء في أول دولة اوروبية يصلون اليها، الأمر الذي عرض اليونان وايطاليا لضغوط شديدة، وهما نقطتا وصول مئات الاف الهاربين من الحرب والفقر والمجاعة في الشرق الاوسط وافريقيا واسيا منذ العام 2015.