~~مع بداية ظهور مبادرة " نيباد " أوائل القرن الحالي تعاظمت آمال الشعوب الأفريقية في الحصول على حياة آمنة مستقرة بعيدا عن النزاعات والحروب والفقر، وبدأت الآمال والطموحات تراود تلك الشعوب في التحرر من النظم الدكتاتورية الحاكمة من جهة، وفي الانتصار على بقايا الدول الاستعمارية المستفيدة من حالة التخلف والفقر والصراع المتنامي داخل القارة من جهة أخرى .

وبدأت قصة هذه المنظمة عندما تولدت لدى العديد من القادة الأفارقة رغبة حقيقية في إيجاد خطة إستراتيجية شاملة للقضاء على التخلف الذي يضرب بأطنابه في طول القارة وعرضها، وفي تحقيق التنمية الشاملة، لا سيما إذا كانت القارة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية الهائلة التي تضمن لها دوام التقدم والازدهار؛ شريطة التوصل إلى منظومة متكاملة من الأطر والسياسات المتناغمة للنهوض بالقارة التي كانت سبباً في ظهور الحضارة الأوربية والأمريكية، لكنها بقيت ترزح تحت نير استعمار سافر استنزف ثرواتها واستعبد أبناءها.

مراحل تبلور المنظمة

لم تطف مبادرة نيباد على السطح بطريقة فجائية، لكنها مرت بعدة مراحل وتطورات حتى أصبحت في شكلها الحالي، ففي البداية قامت مصر والجزائر ونيجيريا ودولة جنوب أفريقيا بطرح ما أسموه برنامج شراكة الألفية لإنعاش أفريقيا والمعروف اختصاراً بـ (ماب MAP) وكان ذلك أواخر العام 2000 بالعاصمة الجزائرية خلال جمعية رؤساء الدول والحكومات السادسة والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية، وتم الاتفاق في البداية على الإطار العام الذي تقوم عليه الشراكة، وطلب الاجتماع من الدول الخمس وضع إطار اجتماعي واقتصادي متكامل للقارة.

وتزامناً مع ذلك البرنامج قام الرئيس السنغالي بمبادرة أطلق عليها (خطة أوميجا    OMEGA PLAN)  تتمحور تفاصيلها حول تحقيق التنمية في القارة ومحاربة أسباب التخلف.

بعد ذلك تم طرح المبادرتين أمام قمة سيرت غير العادية ولاقت قبولاً واسعاً من القادة الأفارقة،  بل ودعوا إلى دمجهما في مبادرة واحدة تتقدم بها القارة السوداء إلى الشركاء الدوليين، حيث لا مناص للأفارقة من التعاون مع المحيط الدولي ككتلة واحدة تعبر عن موقف أفريقي موحد وواضح تجاه قضايا القارة الملحة وأخيراً أطلقت سكرتارية اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة مبادرة أطلقت عليها (التعاهد العالمي الجديد مع أفريقيا) .

وبناء على ما تقدم تم اعتماد الوثيقة الإستراتيجية الإطارية لهذه المنظمة في مؤتمر القمة الـسابع والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 2001 ، المنعقد في العاصمة الزامبية لوساكا، وشرعت الدول الخمس المؤسسة - الجزائر ومصر ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا- في صياغة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية لتطوير أفريقيا.

الإطار العام للشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا

تمثل الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا المعروفة اختصارا بــ (NEPAD) الإطار النظري والاستراتيجي الذي اعتمده القادة الأفارقة من أجل التصدي للفقر والتخلف المنتشر في ربوع القارة الأفريقية.

 وقد وضع القادة الأفارقة في مؤتمر القمة السابع والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية المنعقد في زامبيا العام 2001 وثيقة إستراتيجية للشراكة الجديدة حول التحديات التي تواجه القارة ومن أبرزها:

• القضاء على الفقر

• العمل على مساعدة الدول الأفريقية، على المشاركة الفعالة في مسيرة التقدم والتنمية

• الحيلولة دون محاولات تهميش القارة في مسار العولمة وتفعيل اندماج أفريقيا في الاقتصاد العالمي 

أولويات نيباد وأهدافها:

تتبلور أبرز أهداف نيباد حول النقاط التالية :

أولاً: تهيئة بيئة العمل الملائمة للتنمية المستدامة من خلال:

• نشر السلم والأمن

• ترسيخ الشورى والديمقراطية والإدارة السليمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وعلى صعيد مؤسسات المجتمع المدني

• التعاون والتكامل على الصعيد الإقليمي

ثانيا: العمل على تشجيع الاستثمار الزراعي وتنمية الموارد البشرية مع التركيز على الصحة والتعليم والتقنية الحديثة

•تدعيم اقتصاد القارة عن طريق زيادة وتنويع الإنتاج والصادرات، لا سيما التصنيع الزراعي ، والصناعة التحويلية، وتحويل المعادن الخام إلى مواد مصنعة.

•النهوض بقطاع السياحة بالقارة

• دفع عجلة التجارة فيما بين البلدان الأفريقية والوصول بصادراتها إلى الأسواق العالمية

ثالثاً: تعبئة الموارد عن طريق ما يلي:

• زيادة الادخار والاستثمار على المستوى المحلي

• زيادة حصة أفريقيا من التجارة العالمية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية

• زيادة تدفقات رأس المال من خلال تخفيض الديون وزيادة المعونة

وفي سبيل التوصل إلى ذلك يرى واضعو سياسات المنظمة العمل على:

- تحسين سبل الحصول على خدمات البنى التحتية وسهولة نيلها ومدى موثوقيتها بالنسبة لكل من الشركات بالنسبة لكل من الشركات والأسر

- تعزيز التعاون الإقليمي والتجارة عن طريق التنمية الموسعة عبر الحدود للبنى التحتية

- زيادة الاستثمارات المالية في البني التحتية عن طريق خفض المخاطر التي تواجه المستثمرين الخاصين ولاسيما فى مجال السياسة والأطر التنظيمية

- بناء المعرفة والمهارات الملائمة في مجالات التكنولوجيا والهندسة بغية تركيب وتشغيل وصيانة شبكات البني التحتية الصلبة في إفريقيا

الإجراءات:

- العمل بمساعدة الوكالات المتخصصة في القطاعات على وضع أطر للسياسة وأطر تشريعية لتشجيع المنافسة ، واستحداث أطر تنظيمية جديدة علاوة على بناء القدرات للجهات المنظمة بغية تعزيز مواءمة السياسات والأنظمة لتسهيل عمليات الترابط والتوسيع للأسواق عبر الحدود

- زيادة الاستثمارات في البني التحتية ، خاصة أعمال التجديد وتحسين عمليات صيانة الأنظمة التي ستدعم البني التحتية

- الشروع في تنمية مؤسسات وشبكات التدريب التي يمكن أن تطور وتخرج فنيين ومهندسين ذوى مهارة عالية في جميع قطاعات البنى التحتية

- تعزيز مشاركة المجتمع والمستخدمين في إقامة وصيانة وإدارة البني التحتية وبصفة خاصة في المناطق الحضرية والريفية الفقيرة وذلك بالتعاون مع مبادرات الحكم التابعة للشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا

- العمل مع بنك التنمية الإفريقي ومؤسسات تمويل التنمية الأخرى في القارة لتعبئة التمويل المستمر وخاصة عن طريق العمليات متعددة الأطراف والمؤسسات والحكومات المانحة بغية الحصول على منح وتمويلات امتيازية لتخفيف المخاطر متوسطة المدى

- تعزيز الشراكة العامة – الخاصة كوسيلة واعده لاجتذاب المستثمرين الخاصين وتركيز التمويل العام على الاحتياجات الماسة للفقراء ، عن طريق بناء القدرات لتنفيذ ورصد مثل هذه الاتفاقيات

الدور المنوط بالأمم المتحدة تجاه نيباد

منذ اعتماد الوثيقة الإستراتيجية للمنظمة حث أمينها العام الأمم المتحدة على توفير الدعم الدولي لنيباد معتبرا أنه ينبغي للأمم المتحدة أن تضطلع بعدد من الأدوار الرئيسية في دعم الشراكة الجديدة لأن أفريقيا ما زالت تحتاج إلى دعم ومشاركة العديد من أصحاب المصالح؛ وذلك ما وافقت عليه الجمعية العامة في قرارها A/RES/57/300 بتاريخ 20 ديسمبر عام 2002، ولا شك أن هذا الأمر من الأهمية بمكان على الرغم من أن الشراكة الجديدة شأن أفريقي خالص؛ لكن تشابك العلاقات بين دول العالم يحتم التنسيق المستمر بينها على مختلف الأصعدة.

وفي عام 2004، أنشأ الأمين العام فريقاً استشارياً معنياً بالدعم الدولي للشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا، ويهدف تقرير هذا الفريق إلى المساهمة في رصد الدعم الدولي للشراكة ويورد عددا من التوصيات لمواصلة العمل من أجل دعم تنفيذ أهداف وبرامج الشراكة .