تتزايد وتيرة الأحداث على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، حيث يقوم الجيش الليبي بتكثيف العمليات العسكرية لتحرير المدينة من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المسيطرة عليها منذ سنوات مستغلة الفوضي العارمة والانفلات الامني.وبالرغم من اصرار حكومة الوفاق على مواجهة الجيش الليبي فان تواصل الانشقاقات في صفوفها يشير الى قرب انهيارها وحسم معركة تحرير المدينة.

وفي ظل التقدم، الذي يحرزه الجيش الليبي بالمعارك الدائرة في طرابلس،تلقت حكومة الوفاق ضربة جديدة تشير الى تفكك صفوفها،حيث أعلنت الكتيبة 185 مشاة بقيادة العقيد محمد مفتاح الغدوي انشقاقها عن حكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس وانضمامها إلى صفوف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ونشرت شعبة الإعلام الحربى التابعة للجيش الليبي،الثلاثاء 18 يونيو/ حزيران 2019، مقطع فيديو يوثق انشقاق الكتيبة 185 مشاة التابعة للواء الثاني مشاة بقيادة "فيتوري غريبيل" عن حكومة الوفاق في طرابلس، مؤكدة انضمامها إلى الجيش الوطني الليبي، بكامل العدة والعتاد من ضباط وضباط صف وجنود وأسلحة وآليات وذخائر.

وأعلنت الكتيبة، في بيان، أنها تؤيد العملية العسكرية لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ضد الجماعات المسلحة في طرابلس.وأشارت إلى أن جميع منتسبيها الموجودين في منطقة النواحي الأربع يعلنون دعمهم للغرفة الأمنية في المنطقة وإدارة الاستخبارات.وأشار البيان إلى أن الكتيبة انشقت عن اللواء الثاني التابع لحكومة الوفاق بالمنطقة العسكرية في طرابلس.

وبالتزامن مع ذلك،أكد الجيش الوطني الليبي،أن مجموعة الحراسة الخاصة برئيس المجلس الرئاسي غير الدستوري في طرابلس، فايز السراج، انسحبت من مواقعها.وحصلت غرفة "عمليات الكرامة" التابعة للجيش الليبي على معلومات مؤكدة من طرابلس، تفيد بانسحاب الحرس الخاص بـ"السراج"، ما تسبب في حالة من الذعر داخل الدوائر المحيطة به، خاصة المليشيات الإرهابية.

ويعتبر انشقاق "الكتيبة 185 مشاة" حلقة جديدة في سلسلة انشاقاقات عصفت بقوات الوفاق،فمنذ إطلاق العملية العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس مطلع شهر أبريل الماضي، أعلنت عدة وحدات أمنية وشرطية في مناطق بغرب ليبيا، انشقاقها عن وزارة داخلية حكومة الوفاق، وتأييدها للجيش الليبي في معركته لانتزاع العاصمة طرابلس من الميليشيات المسلّحة.

وفي هذا السياق،قال العميد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية، وآمر المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، إن انشقاق الكتيبة 185عن ميليشيات حكومة الوفاق وانضمامها للجيش الوطني لم يكن الأول من نوعه، بل سبقه انشقاق العديد من الوحدات.وأضاف في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية:أن "الوحدات العسكرية مستمرة في الانشقاق عن حكومة الوفاق غير المعترف بها، لأنها مجرد عصابات، وهذه الوحدات المنشقة لم تشارك في القتال باعتبارهم عسكريين نظاميين".

وعن موقف الجيش الليبي من العسكريين المنشقين أكد المحجوب أن "تلك الوحدات التحمت بالقوات المسلحة الليبية، وهي القوات النظامية الحقيقية والجيش الشرعي للبلاد"، مشيرا إلى أن الجيش يرحب بكل العسكريين المنشقين، للانضمام للقوات المسلحة وتصحيح أوضاعهم.وأشار إلى أن "قوات الوفاق تفقد ميليشياتها التي تتناقص كل يوم، بعد أن وجد الشباب أنفسهم أمام قوى نظامية عسكرية، وباتت الأمور واضحة أمامهم بأنه لا يمكن مواجهة القوات المسلحة، ولا جدوى من القتال أمامها.

وتابع المحجوب: "ما يحدث يعد انتصارا حقيقيا للجيش الليبي، وتأكيدا لحقيقة الوضع على الأرض، الذي يدل على أن الليبيين حتى المغيبين منهم والذين كانوا ينتمون للوفاق يروا المشهد بوضوح، وأصبحوا مقتنعين بأننا القوات المسلحة الحقيقية".وتوقع مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية انشقاق وحدات عسكرية أخرى لم يقاتلوا مع الوفاق في المعارك الدائرة بطرابلس، وانضمامهم للجيش الليبي.

وفي غضون ذلك،تتزايد المؤشرات حول هشاشة تحالف المليشيات المسلحة وعدم انصياعها لأوامر حكومة الوفاق،حيث هدد القيادي في ميليشيا ثوار طرابلس وعضو المجلس البلدي نالوت عاطف بالرقيق، رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بأنه سيفقده هيبته في حال لم يقوم بإقالة عدد من الوزراء والمسؤولين في حكومته.

وقال بالرقيق في منشور عبر حسابه الشخصي على فيسبوك " إنه بات ضروريا إقالة وزير الخارجية، محمد طاهر سيالة، ووكيل وزارة الصحة، محمد هيثم عيسى، ورئيس مجلس إدارة الليبية القابضة للاتصالات، ونائب رئيس لجنة الأزمة فيصل قرقاب، من مناصبهم".وأضاف الميليشياوي بالرقيق، إنه في حال لم يتم تغيير المسؤولين والوزراء بالإجراءات الروتينية المتبعة، فإنه سيتم تغييرهم بطرق قال إنها "ستفقد رئيس المجلس الرئاسي هيبته".

وتأتي تهديدات بالرقيق في اعقاب اعلان مليشيا الصمود التي يقودها المدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي صلاح بادي المتحالف مع قوات حكومة الوفاق، إن مبادرة السراج لحل لأزمة الليبية لا تساوي الحبر الذي كتبت به.وقال القيادي في المليشيا الإرهابية، أحمد بن عمران،في تصريح لوكالة نوفا الإيطالية إن المبادرة تعد "استجداء" من السراج للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي.

وسبق أن أعلن قائد مليشيا "الصمود"، صلاح بادي، المحسوب على التيارات المتشددة في مصراتة،في مايو/أيار الماضي أن "كتيبتهم غير معنية بأي اتفاق لوقف إطلاق النار في طرابلس، بين السراج وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر".ونقلت وكالة "نوفا" الإيطالية،عن بادي قوله "نحن متحالفون مؤقتاً مع حكومة فائز السراج لقتال حفتر وأن الهدف لجميع الكتائب هو صد هجوم حفتر على طرابلس، وفي حال قرر السراج توقيع اتفاق مع حفتر فهذا أمر لا علاقة لنا به".

وتشير هذه التصريحات لقيادات المليشيات الى هشاشة التحالفات التي تجمعها بحكومة الوفاق وهو ما يضع الأخيرة في موقف حرج حيث يروج مسؤولوها الى أنهم يمتلكون قوات نظامية في حين أن المؤشرات على الأرض تعكس حقيقة أن حكومة السراج لا تملك من أمرها شيئا وأنها رهينة لخليط من الجماعات المسلحة ذات الولاءات المختلفة والأجندات المتعددة.

وتأتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه تحركات الجيش الليبي ميدانيا حيث أحبطت قواته اليوم الأربعاء، هجومين للقوات التابعة لحكومة الوفاق على مناطق جنوب العاصمة الليبية طرابلس.وأكد آمر غرفة عمليات أجدابيا وآمر محور عين زارة في طرابلس التابع للجيش اللواء فوزي المنصوري، خلال تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، أن القوات المسلحة العربية الليبية تمكنت من صد هجوم يائس شنته المجموعات المسلحة بالقرب من كوبري الفروسية في طريق المطار، لافتا على أنه تم غنم ثلاثة سيارات وتدمير مدرعة وآلية مسلحة برشاش 23 م/ ط، ومحاصرة مجموعة منهم خلف المطار، واسر مجموعة أخرى منهم.

ومن جهته، أفاد مدير المركز الإعلامي التابع  للواء 73 مشاة،‏ المنذر الخرطوش، بأن "اشتباكات وقعت  اليوم في منطقة كزيرما وكوبري المطار، وجرى صد العدو من محورين، واسترجاع نقطة في كزيرما فقدت في ساعات الصباح الأولى".وقال الخرطوش على صفحته في "فيسبوك"، إن "محاولات المليشيات لا تزال قائمة للهجوم على كوبري المطار والمطار نفسه، انطلاقًا من طريق السواني باتجاه كوبري المطار ومفرق الطويشة باتجاه المطار".

وكان الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر أعلن، في الرابع من أبريل / نيسان الماضي، إطلاق عملية للقضاء على الجماعات المسلحة والمتطرفة التي وصفها بـ "الإرهابية" في العاصمة طرابلس، التي توجد فيها حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، الذي أعلن ما أسماها "حالة النفير" لمواجهة الجيش ودخل في تحالفات مع عدد من المليشيات والعناصر الارهابية المطلوبة محليا ودوليا.

ويرى مراقبون، إن حكومة الوفاق رهينة للميليشيات والتنظيمات الارهابية التي تتلقى الدعم التركي في محاولة لعرقلة تحرير العاصمة طرابلس.ويؤكد هؤلاء أن الخناق بدأ يضيق على هذه الجماعات المسلحة في محيط العاصمة الليبية خاصة بعد نجاح الجيش الليبي في التقدم على جميع المحاور والجبهات،وتزايد الخسائر في صفوف المليشيات،وهو ما يؤكد اقتراب الحسم في معركة الدفاع عن سيادة الدولة واستقرار البلاد وأمن المواطن.