ارتفعت نسبة الطلاق في الفترة الأخيرة، بصورة ملحوظة مما يتثير العديد من التساؤلات حول تلك الموضوع فما السبب الذي يدفع الإنسان إلى عدم الإستقرار في حياته الزوجية والتي تجعله يفضل الطلاق عن الإستمرار فيها.
فمن يتحمل تلك المسئولية هل المجتمع أم الناس أم الإعلام ، فهيا لنستطلع أراء الناس وخبراء علم الإجتماع والنفس وأيضاً علماء الدين خاصة وأن مصر أصبحت الأولى على العالم كله فى عدد حالات الطلاق حيث إرتفعت نسبة حالات الطلاق من 7% لتصل إلى نسبة 40% وذلك فى خلال الخمسين عاما الأخيرة فقط , ففى مصر تقع يوميا مائتان وأربعون حالة طلاق حتى وصلت أعداد النساء المطلقات فى مصر إلى مليونين وخمسمائة ألف امرأة مطلقة ومعظم هذه الحالات قد حدثت خلال عام واحد من بداية الزواج.
تقول سيدة " ع. ف " على المعاش ، أن السبب الرئيسي في إرتفاع نسبة الطلاق، عدم الإختيار الصحيح والذي يشمل التوافق الفكري فلابد من وجوده بنسبة كبير سواء في المستوى التعليمي، كما لابد من توافر الدراسة الوافية لكلا الطرفين لبعضهما بحيث لا يتم الزواج إلا مع توافر نسبة كبيرة من التفاهم، تساعد على بناء أسرة مستقرة صالحة، هذا بجانب غياب الثقافة الدينية التي تساعد كل طرف في أن يتقي الله في الطرف الآخر.بينما أكد عماد حمدي، سنة 25، يعمل في أحد المصانع، متزوج، أحياناً ما يصدطم الطرفين بواقع الحياة بعد الزواج، خاصة الفتيات والتي كانت تتوقع حياة حالمة مستقرة، ثم تفاجأ بحياة مختلفة تماما في تعاملها مع الزوجة خاصة في العلاقات الخاصة بينهما، والتي تؤثر بشكل كبير جداً في حياة الطرفين، وايضاً لا نستطيع أن نبرأ الرجل أو الشاب من المسئولية.
حيث يقدم الشاب للفتاة كل ما تتمناه في فترة الخطوبة إلا أن يتم عقد القران أو الزواج، فتبدأ سيطرته وتحكماته والتي ترفضها الفتيات هذه الأيام ، ولا ننسى أيضا تدخل الأهالي في حياة أبنائهم الشخصية حيث تعد أحد أهم وأقوى الأسباب في إرتفاع نسبة الطلاق، فأيام زمان لم يكن الأهل يتدخلون أبداً في حياة ابنائهم الزوجية على العكس من ذلك فكانوا دائماً ما يسعون في الإصلح بين الطرفين رافضين تماماً فكرة الطلاق، أم الآن فالعكس هو الذي يحدث حيث من الممكن أن تشجع الأم إبنتها على الطلاق وترك حياتها الزوجية حتى ولو كان هناك أطفال.وعلى العكس من ذلك فقد أرجعت "ذ.خ " 26 سنة متزوجة ، أن عمل المرأة وإستقلالها المادي والمعنوي ساعد بشكل كبير جداً في إرتفاع نسبة الطلاق في مصر، حيث أصبح الرجل أو الزوج يعتمد على دخل زوجته في الإنفاق على الأسرة، مما احياناً ما يثير غضب الزوجة وقد تضطر إلى الإنفصال مادامت هي من تنفق على أسرتها، كما ساهم عمل المرأة في تقليل أنوثة المرأة مما أثر على دورها كأم وكزوجة، والأهم من ذلك هو غياب الثقافة الدينية والأسرية وأحياناً الجنسية تعد من أهم أسباب إرتفاع نسبة الطلاق في مصر.
وبخصوص ذلك يقول د.محمد أبو ليلة، رئيس قسم الدراسات الإسلامية، ارتفع نسبة الطلاق في مصر لأسباب عديدة أهمها هو الإنفصال النفسي بين أفراد الأسرة جميعاً وليس بين الزوجين فقط ،حيث كل فرد يرى نفسه فقط، مما ساعد على ريادة معدلات الطلاق بعد أن نفتخر بحفاظنا على الأسرة وأننا شعب مترابط يهتم بالأسرة وشئونها.
وأضاف أبو ليلة، أنه لابد من وجود دراسو كاملة ووافية لإعادة لم شمل الأسرة من جديد والتي تعتبر عماد المجتمع وذلك قبل أن تتهتك الأسرة بالكامل ويصبح لدينا مجتمع مثل مجتمع العصابات أو الإرهاب ، وأيضاً مجتمع أولاد الشوارع، لأن الأسرة هي القلعة التي يحتمى بها وفيها الإنسان، فكل شئ يبدأ من الأسرة وينتهي إلى الأسرة.
بينما يقول د.محمد سمير عبد الفتاح،أستاذ علم النفس والإجتماع، وعميد كلية الخدمة الإجتماعية جامعة بنها، أن إنحدار المستوى الثقافى والإجتماعي بل الإقتصادي سبب قوي في زيادة معدلات الطلاق في مصر بل في المجتمع العربي كله، فإن معظم سكان مصر تحت خط الفقر، مما بتسبب ذلك في الطلاق حيث عندما لايجد الرجل أو الزوج ما ينفق به على زوجته وابنائه فيكون الطلاقهو النتيجة الطبيعية لذلك، هذا بجانب الإعلام وإتجاهاته المختلفة، والذي المسئول الأول عن تلك الظاهرة الخطيرة.
وأكد عبد الفتاح أن الحل الأمثل للقضاء على تلك الظاهرة، هو رفع المستوى المعيشي للأفراد ، والأهم من ذلك هوتقنين وتطوير الإعلام وخاصةً المرئي فعليه تقديم برامج متكاملة لتوجيه الشباب ,وتأهيلهم نفسياً لكيفية إقامة أسرة جديدة مترابطو ومتماسكة وذلك عن طريق تطوير ثقافتهم الإجتماعية والتكنولوجية والجنسية والأسرية.
فيما أوضحت د.سامية خضر، أستاذ علم الإجتماع جامعة عن شمس، إنعدام التفاهم والبعد عن الإختيار السليم أحد أهم أسباب إرتفاع نسب الطلاق، بجانب إنعدام الحوار بين العروسين ثم الزوجين، والأهم من ذلك هو تدخل الأهل فى حياة الأبناء وأحياناً إجبارهم على الإنجاب بشكل مستمر مما يؤدي إلى زيادة بؤر الفقر، وبالتالي زيادة معدلات الطلاق ثم زيادة عدد أولاد الشوارع الذي وصل الآن إلى أجيال ضخمة.
وأضافت خضر، أنه على الرغم من أن المجتمع الآن في تقدم مستمر لكن في المقابل الأسرة والإهتمام بها يتراجع بشكل مستمر، كما لابد أيضاً من زيادة الوعي لدى الشباب والبنات، ليتعلموا أن الزواج ليس بلعبة بل مسئولية وتربية ومشاركة، وليس مجرد حياة "هلهلية" ، حيث لوحظ أن الثقافة تتراجع بشكل كبير، والنتيجة هي زيادة معدلات الطلاق وزيادة عدد أطفال الشوارع الذي وصل إلى ثلاثة مليون طفل.
وأوضحت خضر، على أن الحل يكمن في إقامة مشروع ينقذ الأسرة من الضياع، والأهم من ذلك هي رغبة الأسرة نفسها في النجاح والإستمرار، وتعظيم المشاركة والحوار بين أفراد الأسرة، وعن طريق وضع مهام واضحة وقواعد بين الزوجين، لايمكن أبداً مهما حدث الخروج عليها، هذا هو التخطيط السليم فالعالم أجمع سائر على التخطيط .
ومن هذا المنطلق فقد أوضحت الأراء والخبرات المختلفة أن إرتفاع معدل الطلاق له عدة أسباب، أهمها هو غياب النزعة الدينية لدى الأفراد بجانب غياب الثقافة المجتمعية والأسرية، لذا نحن ننشاد ونطالب بل نصرخ ونقول أنقذوا الأسرة التي هي عماد المجتمع فإذا إنعدمت الأسرة إنعدم المجتمع كله.فلماذا لاتقيم الدولة مشروعاً لتأهيل الشباب لإقامة أسرة سليمة مستقرة، وتكون إجبارية، بحيث لا يقدم الشباب والإنجاب وتربية الأطفال إلا إذا كان حاصلاً على تلك المؤهلات كما تفعل أي دولة متقدمة،فهل ستحترم الدولة تلك الرغبة وتحمي أسرتنا، أم سوف يصبح ذلك مجرد أحلام في الهواء.