نشر موقع "ذا هيل" الأخباري الأمريكي تقريرا حول أخر مستجدات الأوضاع في ليبيا، مسلط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها الحكومة المؤقتة الجديدة للالتزام بإجراء انتخابات عامة بحلول نهاية العام.

واستهل الموقع تقريره بقول أعلنت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز مؤخرًا عن سلطة تنفيذية موحدة جديدة في ليبيا مكلفة بإجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر 2021. وتمكن ويليامز من تحقيق نجاح كبيرمن خلال بدء حوار سياسي تمثل في منتدى الحوار السياسي الليبي الذي تم تشكيله حديثًا بعد الحملة العسكرية التي شنها المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي والتي زادت من تعقيد المشهد السياسي المعقد بالفعل.

وأسفرت عدة أشهر من العمل الشاق عن انتخاب محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي وعبد الحميد دبيبة رئيساً مؤقتاً للوزراء لسلطة ليبية موحدة جديدة. وبثت الأمم المتحدة صورًا لتعهدات موقعة من قبل جميع المرشحين بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر وتعيين 30 بالمائة من النساء في مناصب حكومية عليا. ودبيبة رجل أعمال ناجح من مصراتة بينما عمل المنفي سفيرا لليبيا في اليونان.

وتأتي الحكومة المؤقتة الجديدة بعبء ثقيل. ويخشى الليبيون من أنها ستفشل في تحقيق ذلك مكرره نمط حكومة السراج عندما وقعت الأطراف السياسية الليبية المتنافسة في 2015 اتفاقاً سياسياً في مدينة الصخيرات بالمغرب وتعهدت بتنظيم استفتاء وطني على دستور جديد وانتخابات برلمانية كاملة في غضون عامين. وظلت حكومة الوفاق الوطني المعينة والمدعومة دوليًا بقيادة فايز السراج في السلطة لمدة ست سنوات تقريبًا. لم يتم تنظيم استفتاء وطني ولم يتم إقرار دستور ولم يتم إجراء انتخابات بينما تدهورت حياة الليبيين العاديين.

وفشل السراج في إدارة شؤون الدولة بما في ذلك المعالجة الفاشلة لحرب خليفة حفتر على طرابلس... وأصبح أقرب مستشاري السراج أقوى من أي وزير أو أعضاء في المجلس الرئاسي مما حد من الوصول إلى السراج بينما تراكمت العديد من المشاريع والمبادرات والطلبات على مكتبه دون إجابة.

ويمكن رؤية إرث السراج من خلال محاولته جمع الفصائل المتحاربة معًا، لكنه لا يتحمل مسؤولية الفشل. إذ يعود هذا إلى خليفة حفتر -بحسب رأي الموقع- الذي رفض اتفاقًا عادلًا لتقاسم السلطة تم التفاوض عليه سراً مع السراج. كان من المقرر الإعلان عن اتفاق في المؤتمر الوطني الليبي المقرر عقده في غدامس منتصف أبريل من عام 2019 للإعلان عن انتخابات عامة حتى يتمكن الشعب الليبي أخيرًا من اختيار ممثليه. وأدرك حفتر أن هذا سيعني نهاية طموحه في أن يصبح حاكماً مطلقاً بحكم الأمر الواقع. بالنسبة لداعمي حفتر الرئيسيين -مثل روسيا- كان ذلك يعني هزيمة سياسية وخسارة الأموال المستثمرة وعدم إبرام صفقات تجارية مربحة مع حفتر الذي شن على عجل هجومًا عسكريًا شاملاً على طرابلس قبل أيام قليلة من مؤتمر غدامس.

وبعد عام بعد أن لجأت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس إلى الدعم العسكري التركي عانى حفتر من هزيمة مخلفة آلاف القتلى والجرحى ومقابر جماعية في ترهونة ومجتمع ليبي ممزق ومتهالك. ودفع الوجود العسكري الروسي المتنامي أفريكوم إلى تنبيه واشنطن. وأجبر فشل حفتر مؤيديه على قبول المسار السياسي المتجدد للأمم المتحدة باعتباره الحل الوحيد لليبيا. ومع ذلك يبدو أن دولًا مثل روسيا ستستمر في دعم وجود مجموعة فاجنر كما يوحي البناء الأخير لخنادق ضخمة من قبل مرتزقة فاجنر حول سرت والجفرة.

وبسبب الوجود العسكري الروسي المكثف تضطر واشنطن إلى إيلاء المزيد من الاهتمام. وفي نوفمبر الماضي أقر مجلس النواب الأمريكي "قانون الاستقرار في ليبيا" مما مهد الطريق لإدارة بايدن لمعاقبة أي طرف أجنبي يعرقل العملية السياسية والانتخابية في ليبيا. وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عقوبات على محمد الكاني وميليشيا الكانيات المسؤولين عن قتل وتعذيب المدنيين في ترهونة. ومن المحتمل ألا تتوقف القائمة عند هذا الحد.

وجلبت جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أملًا متجددًا لليبيا. علاوة على ذلك مع وجود الإدارة الجديدة في واشنطن أصبح لدى الشعب الليبي -الذي انتظر طويلًا للحصول على فرصة أخيرًا لانتخاب قيادته- صديقًا قيمًا جاهزًا للمساعدة. والحكومة المؤقتة الجديدة في ليبيا ليست معنية "بتقسيم الكعكة" كما حذرت ويليامز، ولكنها تتحمل مسؤولية هائلة لتهيئة الظروف لضمان انتخابات ديسمبر المقررة.