تحدّث تقرير نشره موقع Perspective Monde، أداة تعليمية للاتجاهات العالمية الكبرى منذ عام 1945 التابع لمدرسة السياسة التطبيقية بكندا، عن تجربة العقيد معمّر القذافي السياسية معتبرا إياها "عهد سياسي لا مثيل له. وفيما يلي نص التقرير الذي ترجمته بوابة إفريقيا الإخبارية:

في 1 سبتمبر 1969 ، أطاح معمر القذافي ، البالغ من العمر 27 عاما فقط ، بالملك إدريس الأول في ليبيا ليصبح زعيما للبلاد. رحّب به الليبيين بكل حماس خاصّة مع الشعور بالتجديد داخل الإدارة السياسية للبلاد التي كانت تشيخ . فالقذافي، الذي كانت لديه أفكار ثورية، استقطب بشكل ملحوظ المجتمع الدولي بأسره. 

ايديولوجية سياسية غير مسبوقة في المنطقة

عندما وصل القذافي إلى السلطة ، أعلن على الفور عدم ثقته في الدولة. ووفقا له ، كانت الدولة تنفصل عن تمثيل الشعب. ففي كتابه "الكتاب الأخضر" ، وهو عمل يشرح أفكاره السياسية العظيمة  يقول "تمثيل (الشعب) كذبة، إن مجرد وجود البرلمانات يكمن وراء غياب الشعب، لأن الديمقراطية لا يمكن أن توجد إلا بحضور الشعب، وليس بحضور ممثليه".

كثيرا ما تحدث رئيس دولة ليبيا عن رغبته في إلغاء موظفي الخدمة المدنية والوزارات لتعزيز التوزيع المباشر لعائدات النفط على الشعب. كان الغرض من هذه الأفكار هو ظهور مبادئ الديمقراطية المباشرة. في نظر القذافي، كانت ليبيا ستكون أول ديمقراطية حقيقية منذ أثينا، كانت لديه هذه الرغبة في وضع الناس في مركز عمليات صنع القرار من خلال القضاء على جميع أشكال تمثيلهم.

أثناء وجوده في منصبه، أكّد الزعيم الليبي أن الايديولوجية الوحيدة التي يمكن السماح بها هي تلك المنبثقة من كتاب الله، القرآن. 

وعلى الرغم من بعض الخلل في نظام القذافي، إلا أنه كان يتمتع بشعبية كبيرة في القارة الأفريقية. وبما أن الزعيم الليبي كان يعتبر زعيم النضال المناهض للإمبريالية والقومية العربية والوحدة الأفريقية لتعزيز التحرر التدريجي للقارة الأفريقية، شعر العديد من قادة القارة بالتحدي.

 في تسعينيات القرن العشرين، زاد القذافي من وجوده في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من خلال الاستثمار بكثافة في مختلف القطاعات الاقتصادية لتعزيز ظهور بعض البلدان. يقول سيدو سيسوما، المتحدث السابق باسم الرئيس المالي "القذافي لا يشتري أصدقاءه، وقد وافقت ليبيا على تقاسم مواردها مع الآخرين على عكس منتجو النفط الآخرون في إفريقيا، مثل نيجيريا، هم لا يفعلون ذلك. " 

وفاة تثير عدة فرضيات

وفقا لرواية السلطات الانتقالية الليبية، اغتيل القذافي خلال تبادل لإطلاق النار أثناء القبض عليه في 20 أكتوبر 2011، في سرت، مسقط رأسه. من ناحية أخرى ، طرح الشهود ووسائل الإعلام فرضية أنه قتل لفترة طويلة بعد أسره. ولإبراز غموض وفاته، تجادل صحيفة "إل كورييري ديلا سيرا" الإيطالية اليومية بأن العقيد القذافي اغتيل على يد عميل للمخابرات الفرنسية. وكان السبب الرئيسي وراء هذا الافتراض هو أن التوترات بين نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق، ومعمر القذافي كانت في ذروتها. 

في أوائل عام 2011، وبموافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، بدأت القوات الفرنسية والبريطانية والأمريكية التدخل العسكري ضد جيش العقيد القذافي. كان الهدف الرسمي من هذا التدخل  إسقاط نظام القذافي لتحرير الشعب الليبي.

لذلك يمكننا أن نلاحظ أن القوى الغربية قد حضّرت تعبئة، قبل بضعة أشهر من وفاته، للقضاء على الديكتاتور الليبي. هذا ما يفسر فرضية صحيفة كورييري ديلا سيرا التي مفادها أن فرنسا كانت ستلعب دورا في اغتياله.

البحث عن الهوية الوطنية بعد سنوات من وفاة القذافي

منذ عام 2011، تحكم ليبيا سلطتان متنافستان. كما ابتليت البلاد بهجمات مختلفة منذ سقوط نظام العقيد السابق. إضافة إلى أن  الخدمات الأساسية مفقودة منذ ذلك  في ظل سيطرة العنف والانقسامات. فبعد سنوات من وفاته، لا يزال الوضع في ليبيا صعبا. 

رابط التقرير الأصلي: Mouammar Kadhafi : un règne politique pas comme les autres