تشهد الساحة الليبية في الآونة الأخيرة تحركات إيطالية متسارعة في عدة اتجاهات داخلية وخارجية تبعث على التفكير في كيفية إدارة روما لمصالحها المتعددة في هذا البلد، حيث تعددت لقاءات سفير إيطاليا في ليبيا جوزيبي بوتشينو مع المسؤولين الليبيين على مختلف صفاتهم، والأجسام المنبثقة عنها والمتنفذين فيها.

والتقى السفير، الأربعاء برئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية سالم بن تاهية، وقالت السفارة عبر صفحتها في "تويتر" إن اللقاء ناقش المرحلة القادمة من الانتخابات البلدية التي تدعمها إيطاليا.

ويجري السفير لقاءات يومية تناقش البعد السياسي تارة والاقتصادي تارة أخرى وبينهما قضايا متشابكة بين الليبيين تحشر إيطاليا نفسها فيها بوضوح كي يكون لها السبق، بحسب مراقبين، في إحداث أي اختراق ينهي حالة الجمود والركود.

بدأ السفير جوزيبي بوتشينو غريمالدي مهمة جديدة في رئاسة الدبلوماسية الإيطالية بالعاصمة الليبية خلفًا للسفير جوزيبي بيروني الذي عاد إلى روما نتيجة اعتراضات على مواقفه إزاء الملفات السياسية.

وأجرى بوتشينو ومنذ تقلد المهمة في ديسمبر عشرات اللقاءات، أبرزها كانت مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ورئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور.

من جانب آخر، رفض وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني دعوات أحزاب إيطالية تعليق أو مراجعة الاتفاقية الإيطالية الليبية في ملف الهجرة، على خلفية تقارير تحدثت عن انتهاكات للمهاجرين في مراكز الإيواء داخل ليبيا.

وأكد سالفيني خلال كلمته أمام مجلس النواب الإيطالي الأربعاء؛ التزامهم بضمان حقوق الإنسان والظروف الإنسانية للمهاجرين في ليبيا، قائلا إن روما تقدر الجهود التي تبذلها السلطات الليبية في مجال مكافحة الهجرة والاتجار بالبشر.

كما شدد سالفيني على ضرورة الحفاظ على ليبيا كدولة ذات أولوية في إستراتيجية التعاون للاتحاد الأوروبي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أهمية الارتقاء بمستوى التعاون مع بلدان المنشأ والعبور للحد من تدفقات المهاجرين.

وفاقمت أزمة ليبيا تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، خاصة مع غياب قوة أمنية مركزية، وانتشار شبكات التهريب المحلية، حتى إن إجمالي عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية من شمال إفريقيا بلغ 650 ألف شخص في السنوات التي تلت عام 2014، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية.

إقتصاديا، عقد اجتماعًا ضم وزير الدولة لهيكلة المؤسسات، إيمان بن يونس، ووزير الحكم المحلي ميلاد الطاهر، والناطق الرسمي باسم رئيس المجلس الرئاسي محمد السلاك، وسفير ليبيا لدى إيطاليا عمر عبدالسلام الترهوني، وعن الجانب الإيطالي ممثلا بنائبة وزير الخارجية لشؤون التعاون ايمنويلا ديل ري، وكتلانو مدير دائرة البحر الأبيض والشرق الأوسط، بوزارة الخارجية والتعاون الدولي.

وتطرقت المحادثات، إلى التعاون في مجالات التنمية المكانية بدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة، والاستفادة من تجربة إيطاليا في الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك تسهيل إجراءات التبادل التجاري والاقتصادي، من حيث تسريع الإجراءات الجمركية والتواصل بين التجار والفعاليات الاقتصادية، بالإضافة إلى تفعيل كافة بنود معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون، واتفاقية دعم وتدريب الحرس البلدي.

يرى مراقبون أنهذاالاهتمام الإيطالي مدفوعًا بمصالح رئيسية، بعضها قديم مستمر، والآخر نشأ بعد انتشار الفوضى إثر سقوط نظام القذافي ومن أبرزها: الحفاظ على إمدادات الطاقة، خاصة النفط والغاز، مع تنويع خياراتها باتجاه الاعتماد على دول أخرى، وتوسيع الاستثمارات والتجارة، والحد من تدفقات الهجرة عبر السواحل الليبية في جنوب البحر المتوسط، وأخيرًا الحد من تأثير الفاعلين الخارجيين على تلك المصالح، خاصة مع اتساع رقعة التدخل الخارجي في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي.