أكد الكاتبب الصحفي محمد بعيو، أن مؤتمر برلين المزمع عقده، غدًا الأحد، جاء برغبة دولية لإعادة ضبط وتنظيم قواعد الصراع الدولي والإقليمي في لـيـبـيـا، بين القوى الكبرى القادرة، والمتوسطة الراغبة، والصغرى الفاعلة –بحسب قوله-.

وأضاف "بعيو"، في مقال نشره على صفحتة الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اليوم السبت، أن الهدنة التي اتخذت بين طرفي الصراع الليبي من أجل الذهاب إلى بـرلـيـن معبدةً، لن تطول فالسلام الحقيقي لا يتحقق إلاّ بقيام الدولة الوطنية الجديدة، مضيفًا: "ولكن انتظار قيامها سيطول".

وتابع: "تنظيم الـصـراع في قواعده وآلـياته أصبح حاجةً مُلحّةً لهؤلاء المتدخلين، الذين شعروا جميعاً باقترابهم من محظور الاصطدام المباشر بينهم بسبب لـيـبـيـا، التي تأكلها النيران، بعد صدمة أوروبا من قوة وصلابة الصفقة المافيوزية بين روسيا وتركيا، التي جعلتهم يستفيقون من إغمائهم الاستراتيجي، ويحاولون وإن متأخرين استدراك خطئهِم الفادح بتركهم ساحة الصراع الليبية خالية".

وأوضح الكاتب الصحفي، أن أوروبا هي من ساهمت في تسليم ليبيا صاحبة أطول شواطئ في الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط إلى ثلاثية العبث والفوضى والفراغ، مؤكدًا أن يقظتهم تلك ومحاولتهم هذه ربما جاءت بعد فوات الأوان.

وأكمل: "بعدما دعا الرئيسان بوتين وأردوغان في لقائهما يوم 8 يناير إلى وقفٍ لإطلاق النار في طرابلس، يبدأ مع دخول يوم 12 يناير، وهذا ما حدث بقبول الطرفين المتحاربين المُدافع أولاً ثم المهاجم، لهذا الوقف الذي تمناه الليبيون منذ شهور ولم يستجب لهم أحد، ثم جاءت الدعوة المفاجئة لهما بالتوقيع في موسكو يوم 13 يناير، على اتفاق وقف النار الذي وقعته الوفاق وامتنع عنه حفتر".

وأكد أن الضغط الأوروبي القوي الذي لاقى هوىً في نفس المشير الذي يرفض إعطاء أردوغان أي ورقة في الصراع الليبي، هو ما دفع ألمانيا إلى تسريع الدعوة إلى برلين، بصورة فاجأت الكثيرين، بتحديدها يوم 19 يناير موعداً لمؤتمرٍ لم يكن أكثر المراقبين تفاؤلاً يتوقع انعقاده قبل شهر مارس المقبل.

وأردف "بعيو": "أما طريق العودة من برلين نحو لـيـبـيـا فستكون في توقعي مليئة العوائق والمطبات، وربما يكون كرنفال المؤتمر الذي بدت بوادر تصدعه قبل التئامه مُفضياً إلى مشهديات جديدة للخلاف والتنازع يدفع ثمنها الليبيون الغائبون عن ذواتهم، المغيبون عن تقرير مصيرهم".

وأوضح أن مسودة مؤتمر برلين مليئة بالألغام برعاية غسان سلامة وباقي الليبيين، الذين عليهم أن يجتمعوا في جنيف بعد أيام من برلين، ليكونوا بمثابة مؤتمر ليبي جامع مصغر.

وتابع: "هؤلاء الليبيون يصعب أن يتفقوا في شيء، إلا على شيءٍ واحد، هو عدم الاتفاق، فكيف يمكن لثلاثة عشر يمثلون في الواقع المؤتمر الوطني القديم، المنتهي نظرياً في انتخابات 2014، والعائد فعلياً منذ حرب فجر ليبيا 2014 حتى اليوم، تحت تسميته الصخيراتية (المجلس الأعلى للدولة)،  ولثلاثة عشر يمثلون ليس مجلس النواب المنتخب بل الجزء المتبقي هناك في طبرق، وكلا الطرفين منحاز مطلقاً قسراً وليس اختياراً إلى انزياحه المكاني والظرفي".

وأنهى "بعيو" كلامه، مؤكدًا أن أقصى ما يمكن أن يحققه مؤتمر بـرلـيـن هو تخفيف التوتر مرحلياً بين المتدخلين الخارجيين، أو تأجيل الاصطدام المباشر بين تركيا وشريكتها الظرفية روسيا، وبين أوروبا وشركائها المرحليين العرب على البحر الليبي والأرض والسماء الليبية، وإعطاء هدنة لليبيين قبل أن يعودوا إلى القتال، أو يذهبوا باتفاقٍ أو دون اتفاق إلى التقسيم.