يتزامن هذا اليوم الحادي عشر من شهر يونيو، مع الذكرى الثالثة والخمسين لإجلاء القواعد والقوات الأمريكية عن الأراضي الليبية، والذي جاء بإرادة وطنية خالصة، ونتيجة مفاوضات حادة أجرتها قيادة ثورة الفاتح من سبتمبر مع المحتل، قبل مضي عام واحد على تفجرها، والتي اعتبرت أن استقلال البلاد ناقصا مادامت تتواجد فيه قوات أجنبية، وتوجت تلك المفاوضات بإجلاء آخر جندي أمريكي عن أرض الوطن في مثل هذا اليوم من عام 1970.

ولم يكن أمر إجلاء القوات الأجنبية لاسيما الأمريكية أمرا هينا بالنظر لحجم القواعد العسكرية وعدد الجنود والمقاتلين والطيارين الذين كانت تعول امريكا على استمرار تواجدهم في منطقة شمال افريقيا، وقد كانت قاعدة "هويلس" الجوية أكبر قاعدة لسلاح الجو الأمريكي خارج حدود الولايات المتحدة، والتي كانت تتموضع شرقي مدينة طرابلس، وكانت تمثل مدينة مستقلة وقد عرفت أيضا بقاعدة الملاحة، ثم أطلق عليها قاعدة عقبة بن نافع عقب طرد الأمريكان، وليستقر اسمها حتى الآن على اسم قاعدة معيتيقة تخليدا للطفلة الليبية التي قضيت جراء سقوط طائرة امريكية سقطت على بيت عائلتها بالقرب من القاعدة.

وتمكنت أمريكا من إنشاء عدة قواعد عسكرية تنتشر في عدة مناطق في غرب ووسط ليبيا مستغلة تنازل السلطات الملكية في ليبيا، التي وقعت على اتفاقيات إرساء القواعد مع كل من امريكا وبريطانيا، منذ سنة 1954، وبقيت تعامل كقطع من تلك الدول وتشارك في أي أعمال قتالية بما في ذلك تلك التي شاركت في العدوان على دول عربية، كما حدث في العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، الذي كان لقاعدة العدم البريطانية بطبرق دورا مهما في ضرب الجيش المصري، قبل أن يتم طردهم كذلك في 28 مارس 1970 ولتسمى تلك القاعدة البريطانية باسم جمال عبدالناصر الزعيم العربي الذي أستخدمت في الهجوم عليه.

تأتي الذكرى 53 لإجلاء القواعد الأمريكية عن الأراضي الليبية بدون أي مراسم احتفالية، من أي جهة رسمية من السلطات المختلفة، بل أن هذه المناسبة تتزامن مع عودة تأثير كل هذه القواعد وتلك القوات أقوى مما كان عليه آنذك، فقاعدة معيتيقة اليوم لاسيادة ليبية عليها ولا على قاعدة عقبة بن نافع بمنطقة الوطية، ولم تعد الأوامر تصدر للساسة الليبيين من قادة تلك القواعد، بل من هواتف سفراء ومبعوثي تلك الدول وغيرها على هيئة تغريدات وتدوينات تتناقلها منصات التواصل الافتراضي، وتلقى أذان السمع والطاعة من حكام الأمر الواقع، الذين لايترددون في التسابق على إرضاء السفراء وعملاء وكالات المخابرات العالمية للاستمرار في كراسيهم التي أصبح دوامها في علاقة عكسية مع سيادة البلاد وكرامة مواطنيها وحرية شعبها، وصون مقدراتها.