حذر الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي محمد ربيع الديهي، من تكرار السيناريو السوري في ليبيا أو ما يعرف بـ "سورنة ليبيا" (أي تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة)، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى إلى إطالة أمد الأزمة الليبية، لتحقيق حلم الخلافة العثمانية من جديد.. وللمزيد من التفاصيل حول ملف التدخل التركي في ليبيا كان لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن التركي محمد ربيع الديهي.. وإلى نص الحوار

كيف تصف تطورات المشهد الليبي في ظل استمرار التدخل التركي؟

لا شك في أن الازمة الليبية أصبحت هي الأخطر الآن في ظل الدعم التركي للعناصر الإرهابية والاستمرار في إرسال مرتزقة إلى ليبيا، وفي ظل انشغال دولي بأزمة كورونا وعزلة دولية لتركيا بسبب سياساتها في المنطقة وخاصة دعمها للإرهاب الذي برز بصورة واضحة في تسهيل أنقرة مرور الإرهابيين عبر أرضيها إلى سوريا وانضمامهم إلى داعش والنصرة، فضلا عن دعمها لهم من خلال شراء النفط مقابل السلاح والتدريب، هذا السيناريو يتكرر الآن في ليبيا بصورة جديدة، وهو ما بات يعرف باسم سورنة ليبيا (أي تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة)، يأتي هذا الطموح التركي في إطار طموح أردوغان الشخصي بإحياء الخلافة العثمانية مستغلا في ذلك الجماعات الإرهابية وجماعة الإخوان التي تري فيها أنقرة أنها محور هام في تنفيذ مخططتها في المنطقة.

ما هي سياسات وأهداف أردوغان في ليبيا؟

سياسات أردوغان في ليبيا تأتي في إطار عدة أهداف أهمها هي إطالة أمد الأزمة الليبية، إضافة إلى السعي الأردوغاني في تحقيق حلم الخلافة، وكذلك الحفاظ على ما تبقى من جماعة الإخوان في الليبية مسيطرين على الحكم لتحقيق هذا الطموح فضلا عن هدفة في الاستيلاء على الثروات الليبية من نفط وغاز، نهيك عن أن ليبيا تعد عنصر مهم في الاستراتيجية التركية لما تتميز به ليبيا من وقع استراتيجي مطل على البحر المتوسط ومجاور لدول إقليمية كبري يمكن أن يسبب لها التدخل التركي ازعاج مثل مصر التي حطمت المخططات التركية في المنطقة وكشفتها برفض حكم الإخوان في مصر عام 2013.

وبرغم انتهاك تركيا لقواعد القانون الدولي وقرار مجلس الأمن بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، فضلا عن التدخل في الشؤون الداخلية في ليبيا وهو الأمر الذي دفع وزير الدفاع التركي للتصريح بأن التدخل التركي في الأزمة الليبية غير موازين القوى في ليبيا لصالح المليشيات الموالية لأنقرة، يبقي التساؤل الأهم هنا هو لماذا لا تواجه أنقرة عقوبات دولية ذات نسق أممي فضلا عن السؤال الأخر لماذا تتبطئ الدول العربية وخاصة جامعة الدول العربية في اتخاذ قرار عربي موحد لوقف التدخلات التركيا في المنطقة؟ وللإجابة على هذه الأسئلة علينا أن نتعرف أولا أن الدول والنظام الدولي دائما ما اعتاد على استخدام لغة دبلوماسية قبل البدء في اتخاذ خطوات أكثر صرامه وهو الأمر الذي اتضح  من خلال مؤتمر برلين ودعوة العديد من الدول الذات الصلة بالأزمة الليبية، والذي خرج بتوصيات مماثلة للقرارات الأممية ولكن تركيا أصرت على موقفها، مستغلة في ذلك عضويتها في حلف الناتو الذي قد يمنع حلف الناتو من توجيه ضربات عسكرية للمواقع التركية وهي فكرة تحيد المجتمع الدولي، اما على الصعيد العربي فيعود هذا التبطئ إلى عرقلة بعض الدول العربية أي قرار يخرج من جامعة الدول العربية يدين تركيا بل رفض أي قرار وهو الأمر الذي يظهر الجامعة العربية في موقف ضعيف، حيث نص ميثاق الجامعة على الاجماع في اتخاذ القرارات.

ماذا بشأن موقف المجتمع الدولي تجاه التدخل التركي؟

يجب أن نعلم أن سيناريو ليبيا جاء بعد هزائم متتالية لمليشيات السراج الإرهابية على يد الجيش الوطني الليبي مما استدعى أردوغان للتدخل خوفا على السراج من أن يفقد السيطرة على العاصمة طرابلس، وخوفا على أحلامه الاستعمارية التي يمكن أن تذهب أدراج الرياح إذا قام الجيش الليبي بتحرير ليبيا من المرتزقة، ولا شك أن الجميع لدية قلق من قيام أردوغان بإرسال المرتزقة من سوريا إلى ليبيا الدول الأوروبية الذين خدعهم أردوغان مرتين مرة في سوريا، واليوم في ليبيا، ويستخدم نفس "أوراق الضغط"، وهي ورقة اللاجئين والإرهابيين إلى أوروبا، وبالطبع سوف يحاول المراوغة لكي يحصل على مكاسب مادية وسياسية، أكثر من تدخله في ليبيا، في حين أن البعض يراهن على أن أردوغان لن يحقق شيئا في ليبيا، وسوف يفشل كما فشل في سوريا بالإضافة إلى أن الليبيون سوف يهزمون مرتزقة أردوغان في ليبيا سوف تكون هي نهاية أردوغان، وسوف تكون النهاية الحقيقية للنظام التركي.

كلمة أخيرة

ختامًا يمكننا القول إن الأوضاع في ليبيا تتطلب تدخل عاجل من المجتمع الدولي لوقف الطموح التركي قبل أن يتفشى الإرهاب في ليبيا وإفريقيا والمجتمع الأوروبي من خلال ليبيا.