وجه عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عمر النعاس، رسالة إلى أعضاء ملتقى الحوار السياسي.

وقال النعاس في نص رسالته التي حملت عنوان "كلمة للتاريخ - الشرعية بين الشعب والبعثة الأممية"،: "يأتي يوم على الانسان قد يتخذ فيه قرارا مفصليا... وقد يكون هذا القرار صعبا، ولكن قوة الانسان تظهر من خلال اتخاذ القرارات الصعبة والتي قد تكون ضد رغباته، حيث يكون لزاما عليه ترجيح مصلحة أعلى وتغليبها على مصلحته الشخصية مهما كانت مصلحته غالية. رسالتي إلى السيدات والسادة أعضاء ملتقى الحوار السياسي/ عليكم أن تتخذوا قرارا مفصليا في تاريخ ليبيا المعاصر تتجرّدون فيه من طموحاتكم ورغباتكم ومصالحكم وتكون مصلحة ليبيا ومصلحة الشعب الليبي هي الغاية الحقيقية. هذا القرار المفصلي واضح للعيان، ويكون بالاختيار والمفاضلة بين أمرين خطيرين، حيث يترتّب على هذا القرار الاعتراف بمصدر الشرعية الحقيقي في ليبيا وذلك من خلال الإجابة على هذا السؤال: من هو مصدر الشرعية؟ هل الشعب الليبي هو مصدر الشرعية أم البعثة الأممية؟ أولاً/ إن كانت البعثة الأممية هي مصدر الشرعية في ليبيا؛ فهنيئا لمن يطبّلون لذلك، وليكونوا بشرعيتهم فرحين... وليعلموا أنهم على باطل... وأن استمرارهم في هذا النهج سيؤدي لا محالة إلى مرحلة انتقالية خامسة بمصطلح التمهيدية ولينتظروا القادم من الفوضى والفساد، وهضم الحقوق التي لا سند دستوري لحمايتها من عسف السلطة ولا قضاء دستوري مستقل لضمان عدم المساس بحقوق الانسان والمواطن. وليعلم هؤلاء أن البعثة الأممية خلال مهمتها لمساعدة الشعب الليبي لبناء دولة الدستور والمؤسسات كانت قد نصّبت نفسها وصيّة على إرادة الشعب الليبي وحرمت الشعب من حقوقه الأساسية في تقرير مصيره بنفسه، كما انتهكت ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص في مبادئه على ضمان حق الشعوب في تقرير مصيرها، وينص في أهدافه على عدم التدخل في شؤون الدول، كما انتهكت البعثة قرارات مجلس الأمن منذ 2011 التي انشأت البعثة وحدّدت مهامها بالعمل على مساعدة الشعب الليبي لبناء دولة الدستور والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة".

وتابع النعاس، :"ثانياً/ إن كان الشعب الليبي هو مصدر الشرعية في ليبيا؛ فعلينا جميعا أن نكون منصفين للشعب الليبي الذي انتخب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الدائم للبلاد... وانصاف الشعب الليبي يكون باحترام إرادته وتمكينه من تقرير مصيره وقول كلمته الفاصلة من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الذي شارك الشعب في كتابته من خلال الملتقيات والندوات والمذكرات المستلمة، والذي أقرّته الهيئة التأسيسية منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف وجاهز للاستفتاء وفق الأسس الدستورية في الإعلان الدستوري وقانون الاستفتاء الصادر من مجلس النواب وأحكام المحكمة العليا ، وهي كلها ترسّخ لحق الشعب في الاستفتاء. الخلاصة: القول بأن الوقت لا يتسع لإجراء الاستفتاء، هو قول مردود عليه أن مشروع الدستور جاهزا للاستفتاء منذ تاريخ 2017/7/29 أي منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، السؤال لماذا لم يتم تمكين الشعب من الاستفتاء خلال تلك المدة؟ ورغم ذلك، وبالنظر لأن موعد الانتخابات الذي حددته السيدة ستيفاني ويليامز يعتبر مناسبة تاريخية مفصلية في تاريخ ليبيا، ومدغدغة به العواطف وهو يوم 2021/12/24 والذي أصبح وكأنه تاريخا مقدسا عند البعض، فالجواب على ذلك ليس باقتراح السيدة ويليامز بتشكيل (لجنة قانونية لا صفة دستورية لها) وتكليفها باستجلاب قاعدة دستورية وفق أهواء أعضاء اللجنة، في محاولة لفرضها على الشعب الليبي، وتكون خاضعة لأهواء السلطات القائمة لتعديلها وتغييرها".

وأضاف النعاس، :"إن الحل الأنسب الفعلي هو تفعيل مشروع الدستور كقاعدة دستورية. وليعلم الجميع أن الهيئة التأسيسية منتخبة من الشعب الليبي والهيئات التأسيسية المنتخبة تصدر دستورا نافذا وفق آلية صناعة الدساتير الحديثة ومن أمثلة ذلك: (دستور جنوب أفريقيا سنة 1996 أصدرته الجمعية المنتخبة من الشعب سنة 1993 وأقرّته دون استفتاء، ودستور تونس 2014 أصدره المجلس التأسيسي المنتخب سنة 2011 ولم يستفت الشعب التونسي). ولهذا فإن الأنسب لخروج البلاد من مراحل انتقالية إلى مرحلة استقرار حقيقي يكون بإقرار مشروع الدستور كقاعدة دستورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية يوم 2021/12/24 حيث إن مشروع الدستور نابع من إرادة الشعب الليبي مصدر الشرعية، ويتضمن كل الضمانات الدستورية متمثلة في الانتخاب والترشح والمدد والمساءلة والمحاسبة والمحاكمة والعزل لكل المسؤولين بمن فيهم رئيس الدولة".