يبقى دور صناعة النشر  ذو تأثير هام  في تاريخ البشرية  ، مكمل لدور التدوين الذي احدث النقلة الرئيسية في تطور العلوم والمعارف الإنسانية ، بشتى مجالاتها ، واذا كانت الكتابة

هي الاختراع الأعظم للإنسان ، وابتكاره لأدوات الكتابة من الحبر والورق أضاف لقيمة العقل قيمة التدوين وتسجيل المعارف ، فإن اختراع المطبعة الحديثة هو اهم  تحول في نقل

وانتشار المعرفة  ، وظهور صناعة النشر التي يعزى لها الفضل في اتاحة العلوم والمعارف الإنسانية المدونة لتكون في متناول الجميع بعدما ظلت لقرون طويلة  محدودة الانتشار وصعبة المنال . ويفتح العصر الالكتروني والذكاء الاصطناعي اليوم الافاق أرحب واوسع امام صناعة النشر

والحديث عن صناعة النشر له متعة خاصة وخاصة مع ناشر عصامي قرر ان يسلك طريق النشر متحديا صعوبتها وأن يدخلها بكل معنى كلمة المغامرة ليس بالمعنى المادي فقط ولكن بتجديد الساحة الثقافية بأسماء يراهن عليها ليرسخ فكرة النشر للإبداع قبل الربح المادي.

الناشر الأستاذ على جابر كان متفائلا طوال الحوار الذي امتد وقتا طويلا لم اشعر بمروره، كان يتكلم وكأنه بحماس اليوم الأول او الإصدار الأول برغم ثمان عشر سنة من العمل في  حقل النشر.

كانت اجابته على كل سؤال مباشرة وسريعة وكأنه يتوقع السؤال قبل أن يطرح ، لم يتوقف لحظة ليفكر في إجابة أي سؤال متحدثا بصوت مشبع بالطموح والإصرار على النجاح  

 لنبدأ من الجديد في دار البيان؟

بدأنا في الاعداد لموسم عام2021  ، وشرعنا خلال شهر يوليو المنصرم  فعليا في استلام المخطوطات وسنستمر في الاستقبال الى نهاية سبتمبر ،  ومع أكتوبر سنبدأ عمليات  الطباعة والتجهيز حتى شهر نوفمبر  وستكون المخطوطات في شهر ديسمبر جاهزة مطبوعة  

 هل يمكننا معرفة بعض من العناوين؟

  الخطة لم تكتمل بعد  ، ولكن دعني اكشف عن الجديد حيث  السنة  القادمة التي نعد لها 2021اعطينا فيها وعلى غير المعتاد اهتماما  لرسائل الماجستير الدكتوراة  في مختلف

 التخصصات ،  و المجازة من الجامعات   ، وقد كنا طوال السنوات الماضية نهتم بالأدب  والتاريخ بشكل أساسي ، اما العام القادم  فلدينا  عناوين  لرسائل الماجستير والدكتوراة

لأساتذة من جامعة عمر المختار و جامعة بنغازي وجامعة محمد بن على السنوسي   ، بالإضافة طبعا الى الكتاب المعتادة الدار النشر لهم و منهم  احمد يوسف عقيلة  والصديق

بودوارة  وجمعة الفاخري ، وسيكونون موجودين ،  وبالنسبة للكتاب الجدد سيكون لهم نصيب ، ومتوقع  العام القادم اصدار  60 عنوانا ثلثها لكتاب جدد وهذه باختصار خطة الدار

 أي عملية تجارية في هذه الظروف تواجه صعوبات، كيف يواجه   الناشر صعوبات العمل وسط هذه المختنقات الاقتصادية؟

 نعم الصعوبات كثيرة حقا ، وقد وجه  اتحاد الناشرين العرب ومنذ شهرين  رسالة لكل الرؤساء العرب حثهم  على ضرورة  دعم حركة النشر ،  لان ازمة كورونا  تهدد بقفل كثير

 من الدور ،  مثلا في مصر تهدد ازمة كورونا 25%  من الناشرين بالتوقف ، وأقول مصر التي بها حركة النشر كبيرة  لكن  ظروف عدم وجود التوزيع  و التنقل بين المدن  أوقف

المعارض بشكل شبه كامل ، وادت الى تكبد الناشرين خسائر ،  والتوقف عن العمل ،  حتى لو أراد الناشر ان يتوقف عن طباعة كتب جديدة  ، فلديه كتب طبعت وتوقف توزيعها

 هل لديك فكرة عن حجم الخسائر؟

 ــ اخذ بيانا لاتحاد الناشرين العرب كان على مكتبه وقال ــ  اجرى اتحاد الناشرين العرب  استبيان عن تداعيات فيروس كورونا على الناشر العربى ،  شارك فيه 292 ناشرا من

 16 دولة عربية، واعلنت نتائجه في الثالث والعشرين من يونيو  الماضي ، حيث  أظهر عدة نتائج وملاحظات حول ما يخص صناعة النشر فى الوطن العربى.
وجاءت النتائج كالتالى :
1- 50 % هى نسبة النشر العام يليها 35% نسبة ناشرى كتب الأطفال والوسائل التعليمية وهى نسبة يجب تسليط الضوء عليها، إذا أن نسبة كتب الأطفال متطورة على باقى المنشورات وهى بتصاعد مستمر منذ سنوات.
2- تنقسم غالبية إنتاجات الناشرين العرب بين 100 إلى 250 إصدار تشكل 74‎%‎ من نتائج الاستبيان وأكثر من 1000 إصدار 18‎%.
3- 74 % نسبة الانخفاض فى المبيعات خلال الربع الأول والثانى من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة عن العام السابق لذلك قد نجد تراجع كبير فى واقع النشر العربى لهذا العام.
4-  اضطرت نسبة 75% من المشاركين فى الاستبيان لوقف التعامل مع المؤلفين، وهذا بالطبع سوف يؤثر على حركة الإبداع الفكرى والأدبى فى هذه الفترة الحرجة من عمر أمتنا العربية، بالإضافة إلى ترواح النسبة ما بين 50% إلى 67% اضطروا لوقف التعامل مع المصممين والمراجعين اللغويين والمترجمين وتجار الورق، مما قد يؤثر بشكل بالغ وخطير على الوظائف المتعلقة بصناعة النشر، وارتفاع معدلات البطالة بها وبالتالى سنجد تراجع فى عموم صناعة النشر.
5- 34 % نسبة الموظفين التى تم الاستغناء عنها وهذا رقم كبير يجب الوقوف عنده.
6- 50 % من الشركات ستمزج بين العودة للعمل بالطريقة القديمة والعمل من المنزل.
7- تمثل مبيعات المعارض العربية نسبة 53% من إجمالى مبيعات الناشرين، وهذا يوضح حجم الضرر الذى وقع على الناشرين العرب نتيجة إلغاء المعارض هذا العام، ويؤكد على ضرورة العمل لإيجاد حلول سريعة لأزمة تنظيم المعارض فى المرحلة المقبلة ونتمنى أن تكون الحلول سريعة وملبية لطموحات الناشرين.
8- مثلت نسبة مبيعات الكتب الورقية من خلال المنصات الإلكترونية 15%، ومثلت نسبة مبيعات الكتب الإلكترونية 10% من نسبة مجموع مبيعاتهم، ومن الواضح أن هذه النسب لا تعوض بالشكل الكافى نسب الانخفاض الحاد فى إجمالى المبيعات.
9- 56 % من الناشرين على استعداد للمشاركة فى موسم المعارض المقبل بالشكل التقليدى حتى فى حالة عدم وجود دواء لفيروس كورونا المستجد وهذا دليل لوضع محرج يمر به الناشر.
10- 77 % ستشارك بالمعارض الافتراضية ولاننسى أن 23% لن تشارك وهى نسبة كبيرة أيضاً.
11- 51 %  ليس لديهم منصات الكترونية ولكن مهتم بتأسيس بينما 33% لديهم منصات الكترونية.
12- 57 %  من الشركات بحاجة إلى مساعدة تقنية  فى تأسيس منصة خاصة.
13- 70 % تقوم بالبيع على منصات أخرى.
14- 30 % نسبة التغيير فى المبيعات من الكتب الورقية فى الربع الثانى لعام 2020
15- 24 % نسبة التغيير فى المبيعات من الكتب الالكترونية فى الربع الثانى لعام 2020
16- 75 % لم تحاول تمديد العقود ،بينما 7% مددت العقد لمدة سنة و3% مددت عقد الترجمة لمدة سنة وهذا سيؤثر سلباً على إنتاج الناشر.
17- 25 % انخفضت نسبة إنتاجهم بين 50 إلى 75% بينما 24% توقف عن الانتاج تماماُ 1% زادت نسبة إنتاجهم  2% لن تتأثر .
18- يرى 91% من المشاركين أن حركة المبيعات والقراءة قد تأثرت بسبب الظروف الاقتصادية الراهنة، مما يجعلنا جميعًا ناشرين وقراء فى حاجة لدعم حكومى لتنشيط وتشجيع الشعوب على القراءة.
تحدثت عن ناشرين قرروا التوقف هل هو توقف مؤقت ام دائم؟

هناك من توقف مؤقتا وهناك من توقف تماما ،  وهناك من يرصد وينتظر ما سيكون بعد كورونا ، وليس كل الناشرين قادرون على التحول الى النشر الالكتروني ،  بشكل سريع  

وهذا النوع من النشر الالكتروني غير المجاني يحتاج الى بيئة تحتية غير متوفرة في كثير من الدول  ، مثلا في ليبيا اذا اردت البيع في ليبيا ستواجه مشكلة أن  الناس ليس لديها فيزات مربوطة بمصارف ، وحتى مع بعض الخطوات التي تقوم بها بعض المصارف  لكن لم تكن مشجعة كثيرا  لاقتناء الكتاب الإلكتروني ، عدا أن الناس قي منطقتنا تبحث عن

الكتاب الالكتروني  فقط الموجود بصيغة bdf ومجاني ،  ولا يشتريه حتى  لو عرض بربع سعره  ، ونحن مثلا في دار البيان كتبنا معروضة على منصة ايثار  للبيع الالكتروني بالتنسيق  مع مكتبة العبيكان بالمملكة السعودية ، لكن حركة  البيع ستكون في مناطق أخرى خارج ليبيا لكن في ليبيا من صعب جدا .

 طبعا بعض الكتب القديمة متاحة عالنت مجانا الكتب الحديثة غير متاحة مجانا اليس كذلك؟

 نعم طبعا، إذا كانت حديثة ومتاحة مجانا فذلك قطعا وقولا واحدا يعني ان ورائها تمويل، لان الناشر سيدفع حقوق تأليف ومصاريف وتكاليف فمن اين سيدفع هذه التكاليف
 
كيف تعملون في دار البيان في هذه الظروف الصعبة؟

نحن نعمل أولا ليس بالحجم الكبير أي اننا لانطبع نسخ  بكميات كبيرة  وتحتاج لرأس مال كبير  وتتراوح الاعداد التي نطبعها لكل عنوان تقريبا من 250 نسخة الى  500 نسخة ، أي انها اعداد للتسويق خلال سنة  ،  فطباعة كميات كبيرة صحيح انها تخفض تكلفة السعر لكنها أيضا تحتاج الى رأسمال كبير  ، ودورة طويلة لراس المال  ،

بمعنى اذا وضعت 100 الف دينار في خمسة الاف نسخة ، قد تحتاج لخمسة سنوات  لتستعيد تكلفتها وتحقق ربحها ، ونحن نعمل بطباعة كميات قليلة ومع ارتفاع السعر ولكن دورة رأسمالها اقل ، وعلى المدى الطويل تجد اننا انتجنا عناوين اكثر  وبتكلفة موازية ،  وصحيح ان هامش الربح فيها يقل لان سعر التكلفة يرتفع ،  ولو قارنت الكتاب الليبي في أي دولة أخرى ستجد ان الكتاب في ليبيا ارخص من أي دولة أخرى لان السوق لا يحتمل رفع السعر لذلك يكون البيع باقل سعر ممكن ولا يكبدك خسائر وبعائد معقول .

 كيف تقيم السوق الليبي؟

ستتفاجأ اذا اخبرتك، في الواقع هو عكس ما يقال ، الليبيون شعب يقرأ وشعب يشتري الكتب، وهذا يمكنك ان تلاحظه لو أقيم أي معرض للكتاب، في ليبيا مثلا كان معرض طرابلس  الدولي للكتاب يشهد تزاحما على المعرض ولو ذهبت لمعرض القاهرة ستجد أن ليبيين كثيرون يذهبون الى هناك.

 ولكن دعني أقول لك أن من سيقرأ هذا الكلام سيقول لك أنك متفائل جدا فحجم السلع يعرف بالبيع أليست المكتبات اقل محلات للبيع في بلادنا فلو كانت الكتب سلعة مربحة  لانتشرت المكتبات؟
 
سأوضح   ان الامر متعلق بهامش الربح  ،  بمعنى بالنسبة لرأس المال يفكر التاجر في هامش الربح  ، في عمل توزيع الكتب هامش ربحها اقل من هامش ربح الملابس وحركة دوران الكتاب غير حركة دوران التبغ  والذي حتى لو ربحت 1% سيكون ربحها مجزي لأنها حركة دوران سريعة والملابس عندما تربح 15% مجزي ، اما الكتاب حتى لو  وضعت 25 %  لن تكون مجزية لان حركة دورانه طويلة فالإنسان يشتري العنوان مرة واحدة  بينما القميص لن تكتفي بقميص واحد .

 أستاذ على لنتحدث عن العنوان الجاد الا يطرح هنا سؤال ملح  عن صعوبة العمل  في جدية ورصانة كدار البيان  مع انتشار العناوين  التجارية ، أليس من الصعوبة والتحدي الصعب أن تعمل دار البيان في سوق صغيرة كالسوق الليبي ودورة راس مال طويلة  ؟

 كيف تحافظ دار البيان على استمرارها وبقائها؟

 ــ يبتسم ــ هذا سر العمل لكنني سأقول لك ان أي انسان في مهنته لابد له ان يعرف بالضبط اين يوجد السوق ، حتى  في المجتمع الأوروبي المتقدم هناك من يقدم من الكتب الجيدة في  نسختين الطبعة الشعبية وطبعة فاخرة ، وقد تتساءل من سيشتري الطبعة المكلفة ، وسأقول لك ان هناك من يشتري وهناك من بالكاد يشتري الطبعة المدعمة ، وهنا السوق هو من يحدد  ، نحن ندرس من يحتاج للكتاب الليبي ، والليبيين على مدى تاريخهم السابق ودور النشر الليبية في فترات سابقة لم تتوجه الى الأسواق الخارجية أي ان الأسواق الخارجية كلها تحتاج لمعرفة من هم الكتاب الليبيين وما هو الكتاب الليبي  وبالتالي فيه إمكانية تسويق كتبنا خارج ليبيا

 بمعنى الدخول الى سوق فيه شغوف و فضول؟

نعم خاصة وأن الأسماء المعروفة من ليبيا في الخارج محدودة جدا وهي من تحصلت على فرصة النشر الخارجي ومن خلال تبني ناشرين اخرين لهم ، أي ان الكتاب الليبيين محتاجون لتسويق انفسهم  ، وهذه مهمة أساسية لدار النشر ،  أي كيف تسوق كتابها في كل الأسواق ، أيضا  كيفية الوصول لهذه الأسواق ،  وهنا جدير القول ان اصعب مرحلة للكتاب ليست طباعته او نشره بل كيفية تسويقه  ، خاصة في بلاد مترامية الأطراف كليبيا ، أي كيف يصل الكتاب الى سبها والزاوية وغات وغدامس ، وهذه المشكلة التي واجهت المكتبات يقول لك احدهم ان المكتبات قلت هي بالضرورة تقل لان المكتبة كيف يصلها الكتاب ، مثلا مكتبة فتحت في سبها وبذل صاحبها جهدا واحضر كتب لكن المكتبة تحتاج الى  توريد دائم  ، سيكون هناك صعوبة كيف تصله الكتب ، لان الناشرين سيجدون صعوبة في إيصال كتبهم له ، وهو سيجد من الصعوبة في أن يسافر كل شهر لكي يجلب كتبا ، وهكذا  مع الوقت تكون مكتبته راكدة ولا جديد فيها  وسيضطر الى القفل وتغيير النشاط ،

في ليبيا هذه المعاناة كبيرة ، لو لاحظت هناك كتب كثيرة تنشر في ليبيا ولكن لن يستطيع الليبي ان يشاهدها الا اذا اجتهد الناشر ، مثلا الكتب المنشورة في طرابلس لن تجدها في مكتبات بنغازي ونادرا جدا حدوث ذلك ، الا اذا كان المؤلف صاحب الكتاب احضر كتابه ليوزعه ، والكتب المنشورة في بنغازي تقابل صعوبة ان تجدها في الزاوية  فما بالك بالمدن الصغيرة ، واذا كان هذا حال المدن الكبيرة كطرابلس والزاوية ومصراته والبيضاء ، بل هناك مدن كاملة لا يوجد فيها مكتبات مثلا طبرق اخر مكتبتين تحولت الى القرطاسية ونحن الان نبحث عن منفذ للتوزيع في طبرق  برغم انها مدينة كاملة وكبيرة ، وفي درنة مكتبتين ، وفي البيضاء اربع مكتبات وفي المرج حسب معلوماتي لا توجد فيها مكتبات ، وفي بنغازي وبعد مبادرات من الشباب المحبين للكتاب تجد تسع مكتبات ولكن ليس رقم  بالنسبة لمدينة كبيرة كبنغازي وفي اجدابيا مكتبتين ، وفي الجفرة بكل مدنها هون وزلة وودان و سوكنة  بها مكتبة واحدة ، وفي  سرت مكتبة واحدة ، وفي مصراتة اربع مكتبات ، وفي زليتن مكتبتين  ، وفي الخمس  لا توجد مكتبة  وكذلك في مسلاته ترهونة لا توجد مكتبات ، ومع هذه المعضلة اذا اردنا النشر الكترونيا لا يوجد بنية تحتية ، واذا اردت التوزيع للمكتبات لا تجد مكتبات مع صعوبة  التوصيل
  ماهي الرؤية لتحسن الوضع؟

 هناك أمور حلولها واضحة او جاهزة ولا تحتاج لاختراع ، لكن تحتاج الى التنفيذ ، أي اننا في ليبيا محتاجين الى شركة توزيع ، فالتوزيع لا يمكن ان يقوم به ناشر معين ، وشركة التوزيع اما ان تكون عامة مملوكة للدولة  كشركة النشر والتوزيع والاعلان الفترة السابقة وهذه تحتاج الى قرار من الدولة  ، وان تدعم بأسطول من السيارات والامكانيات   او أن تنشأ شركة توزيع  خاصة  يشترك في انشائها  الناشرون  وهذا الحل في الواقع  مطروح حتى من اتحاد الناشرين العرب وفي ليبيا العائق هو الوضع السائد في البلاد ، وثمة أمر آخر من حيث تطور البنى التحتية للاتصالات وانا اثق من ان  هذا الامر حاصل لامحالة فالتقنية تتطور ، فالنت الموجود  اليوم   2020 ليس هو النت الموجود في 2015 ولا ما كان في  2010 والواقع ان الرأسمالية تسعى لتطوير نفسها من اجل التسويق ليس للكتاب فقط بل كل السلع ونتوقع انه وخلال سنوات بسيطة أن تنحل ما هي مشكلة الان أي لن يكون مشكلة مستقبلا ، بل هناك امر إيجابي حدث خلال ما مر ويمر بالبلاد من نقص في السيولة النقدية والذي  دفع الناس لتعلم ماهي المدفوعات الإلكترونية و  كيف يستخدم البطاقات بدل النقود ، والعالم يتجه الى أن تتحول كل المبيعات عبر الهاتف  .

 استاذ على لنتحدث عن النشر العربي انت تشارك في كل المعارض تقريبا هل النشر العربي هو في عمومه  حالة ضخ لعناوين وحتى ان النشر لأسماء فكرية عربية بات شبه  معدوم امام  الاعتمام بالكتب التجارية وأن نفتقر لأسماء وعناوين   تساهم في نهضة فكرية عربية؟

 عندما يكون نجومك محدودين مثلا على المستوى العربي 1000 كاتب مثلا  فمن السهل ان تتعرف على عشرة منهم لانهم الأبرز في الالف لكن اذا تحولوا كتابك وحدثت الطفرة  واصبحوا 100 الف فهناك صعوبة للتعرف الى العشرة الأبرز في 100الف ، ودعني أقول لك ان هناك طفرة عربية كبيرة في الكتاب ولو اخذنا جانبا واحدا وهو الأكثر انتشارا في  الجيل الحديث وهو الرواية  وهي اليوم ابرز من الشعر لو  اتينا الى ليبيا وعددنا كم روائي نشر خلال الخمس سنوات الماضية ستجدهم ضعف الذين نشروا خلال الخمسين سنة الماضية  ، وهذا قد يرجع الى عوامل منها تكلفة النشر وسهولته ومغامرته اقل بكثير ولكن هذا لا يعني انك عندما تنشر الف رواية يكون في مستوى 100 رواية التي نشرت في الماضي  
 
انت ترى ان عملية النشر زادت ولكن دعنا نتحدث عن النوعية؟

 موجودة وأكثر من السابق

 اعطيني أسماء؟

في الرواية مثلا علي سبيق شاب جديد وممتاز له اصدارين متميزين وعائشة الأصفر وغالية الذرعاني لها ثلاث روايات ونالت جائزة الطيب صالح في السودان وهي روائية من المرج هناك أسماء كثيرة في الشعر مفتاح العلواني وبرغم ان له اصدارا واحدا لكنه اثبت كفاءته وهناك أسماء كثيرة جدا وهذا على مستوى ليبيا والتي نقول اننا لا نملك ذلك الكم.

 
هل تقومون في دار البيان بعمل رصد واستبيانات كدار نشر على السوق الليبي؟

في ليبيا تجد صعوبة لمثل هذا العمل حقيقة، فمصدر المعلومات عن البيانات هي دار الكتب الوطنية، إذا سألتهم سيقولون لك مثلا انهم منحوا رقم إيداع لأربعة الاف عنوان لكن لا تعرف هل طبعت لأنه لا أحد يستلم النسخة التي تودع 

ماهي المعايير التي تضعها كناشر لاختيار العمل؟

 للناشر تخصص معين ولكل ناشر لجنة للقراءة

 اللجنة لها معايير ماهي معاييرك كناشر؟

 بالنسبة لنا في دار البيان لدينا لجنة وهي من ضمن كتابنا المميزين الذين اثبتوا وجودهم وهم من تعرض عليهم المخطوطات وبناء على رأيهم الإسترشادي يتخذ قرار النشر  

ما الخط الفاصل في صناعة النشر بين الناشر كمنتج للكتاب وبين التاجر؟

التاجر يهتم بالتوزيع فقط وليس له أي مسئولية الا التوزيع وهذا بمفهوم السينما التجارية يثال " الجمهور عاوز كدة "  بينما الناشر على العكس من ذلك  يهتم جزئيا بالتوزيع ويهتم بشكل اكبر بالقيمة التي يفرضها في المستقبل ، وبالتالي هو ينتج الكتاب للخطين للمعارض وللوجود وللسوق ونعود لسينما كمثال هناك أفلام مهرجانات  ولا تدر أموالا من الشباك  وافلام لدور العرض ولكنها تدر ايرادا للشباك  ، الناشر يهتم  بالخطين اما الموزع فيهتم بالشباك فقط .

 هناك من يقول إن مهنة الناشر الى زوال ومنذ قليل اخبرتنا عن ناشرين توقفوا نهائيا هل تتفق مه هذا القول؟

 لا اطلاقا لا اتفق مع هذا القول، بل الواقع ان مهنة النشر ستتطور كما تتطور أي مهنة اخرى، وهذا القول يخص او يعني الناشر الورقي، ولكن ليس النشر الالكتروني، وهنا يجدر القول ان الكتاب الالكتروني ليس كتاب bdf وهذا اعتقاد خاطئ لدى كثيرين و هو للأسف فهم محدود أن الكتاب الالكتروني هو الكتاب المتوفر بصيغة bdf ، وفي الحقيقة أن كتاب

الالكتروني  تقرأه وتبحث فيه بتقنيات معينة ويمكن ان تنسخ منه وتحدد منه جزئيات معينة وهناك في السوق أجهزة لوحية خاصة بقراءة الكتاب ولا تستخدم الا لقراءة الكتب

 على جابر كيف قررت ان تكون ناشرا؟

 كشخص احب القراءة ، وعملت كثيرا في النشاط الثقافي الذي كنت شغوفا به جدا ،  وبدأ ارتباطي يالقراءة مبكرا جدا ، منذ تعلمي للقراءة  أي  منذ الصف الرابع الابتدائي ، وكبرت وانا اتردد على المراكز الثقافية والمكتبات واقرأ المجلات وفي عمر مبكر ايضا دخلت عالم الكتابة الصحفية وبدأت الكتابة بدخول مجال الصحافة الرياضية وبعدها اتجهت الى صحف الجماهيرية والزحف الاخضر مع الأستاذة فوزية شلابي ثم في اخبار بنغازي تكونت لدي علاقات مع المثقفين والكتاب ، وصرت قريبا من مجموعة من الكتاب الليبيين ، اما عن تأسيس دار البيان للنشر فقد كانت الفكرة مطروحة بين مجموعة الاصدقاء هم سالم العبار وصالح قادر بوه ومحمود بالقاسم المغربي وكانت الفكرة  أيضا بإصدار صحيفة يومية من بنغازي تحت اسم البيان لكن الظروف لم تسمح بصدور الصحيفة في ذلك الوقت ، لكن سمحت بتأسيس دار البيان ، وبدأنا في عام 2002 ونشرنا اول اصدار  وهو ديوان للشاعر صالح قادر بوه الذي حمل عنوان " اشتهاء مستحيل "  وفي عام  2003 نشرنا نحو  اثني عشر عنوانا

 طبعا  ديوان  اشتهاء مستحيل اذكر انه نجح ولكنه في ذلك الوقت  ديوان  لشاعر شاب في بداية طريقه واسم جديد الم تكن مغامرة لدار نشر ناشئة ؟
 حقا كما قلت لقد كانت مغامرة  ،  وهي أيضا ثقة ، نحن كنا على ثقة  من قدرات صالح وملكته وموهبته الشعرية ، وأيضا لإثبات ان هناك كتاب ليبيين شباب قادرين على ان يكونوا افضل حتى من أسماء موجودة في الساحة ،  وخاصة ان في تلك الفترة اصبح الوضع الثقافي الليبي مقتصرا على أسماء معينة ، وكأنه لا يوجد احد يصل الى تلك المرتبة ، لقد اتخذنا   في دار البيان  رسالة وجعلناها خطة للدار هي ابراز  أسماء شابة وغير معروفة ولديها موهبة وملكة إبداعية  وقدرة ، واليوم وعبر مسيرة عملنا ظهرت أسماء كصالح قادر بوه

ومحمد الأصفر وجيل كامل أثبت جدارته وان الأسماء التي وضعت فيها دار البيان ثقتها أصبحت من اهم الأسماء الأدبية  وذات الأهمية في الحركة الثقافية الليبية ، ولقد كانوا يستحقون تلك الفرصة بجدارة ، لقد نشرنا الإصدار الأول على سبيل المثال  للكتاب جمعة الفاخري والصديق بودوارة واحمد يوسف عقيلة

 كيف يختار على جابر الاعمال كناشر؟

 عندما أقرأ لكاتب وأشعر انه يكتب بصدق، عندها اثق ان الاخرين سيقرأون بنفس الأسلوب  

 هل تتعامل مع الكاتب وفق التوافق الفكري معه؟

 لا، ابدا، وحتى وان اختلفت معه فكريا وهذا واقع طبعا ، ونحن ننشر لكثيرين  لا نتفق معهم فكريا ، وقناعتي ان الاختلاف الفكري هو الذي يثري الساحة الثقافية ، ولو بقينا كلنا في ذات الفكر سنصبح وكأننا نفس الشخص يكرر نفسه، انك داخل الفكر الواحد تجد تباينا فكريا برغم ان البعض يعتقد ان جميع من يتفقون على فكر واحد يتساوون في طريقة التعامل والتفكير فيه ولذلك يكون التصنيف داخل الفكرالواحد بين  متطرف ووسط  ومنفتح

 هل تعرضت إصدارات الدار لقرصنة؟
الى الان لا

 ماهي الكتب والاسماء التي يحب على جابر قراءتها؟

 في الادب اقرأ لأحمد يوسف عقيلة، سواء في التراث او القصة القصيرة، واعتبره من الأفضل في ليبيا، اما في مجاله في السياسة او التاريخ السياسي اقرأ أي كتاب لكنني وبصراحة  لا اقرأ الشعر ولا احفظه

 مع أنك بدأت كناشر بتقديم ديوان؟

 نعم والحقيقة انني لا اقرأ الشعر ولا افتى فيه واعود للمختصين

 ماهي النظرة الاستراتيجية للدار مستقبليا خاصة في مجال الطفل والمرأة؟

 العمل مرتبط بالتكاليف وكثيرا ما نلام لماذا لا يوجد كتاب للطفل ،  والواقع هو ليس تقصيرا بمعنى اننا لا نعيره اهتماما  ، ولكن هذا النوع من الإصدار مرتفع التكلفة  اكثر من أي كتاب اخر و يحتاج لمواصفات وألوان خاصة ،   ومعروف أنه من  الصعب جدا جدا ان ترضي طفلا او تحثه على اقتناء كتاب ، بعكس البالغ ، لذلك نحن لم نغامر حتى الان

 بإصدار منشورات للأطفال ،  عدا منشورات بسيطة جدا تتناول اشعار للأطفال ولكنها موجهة للكبار ليقرؤوها للأطفال ، لأنه حتى نوع وحجم الخط للطفل يختلف عن البالغ ، ولذلك مازالت اصدارات صعبة الإنجاز ، وتحتاج الى إمكانيات اكبر من امكانياتنا حاليا ، والى سوق اكبر والسوق الليبي ليس سوقا كبيرا ، و نحن نسعى مستقبلا الى عقد اتفاقيات مع

مجموعة من الدول للنشر في عدة دول واعتقد أن ذلك  سيساهم في نشر انتاجنا الليبي في الخارج ونستفيد من السوق المشترك ، وأيضا دار البيان اعتبارا من نهاية هذا العام 2020 ستبدأ في انتاج  جديد ، وهو مجلات ، في مجالات ثقافية وفنية حيث ستصدر عن الدار بعد تجربة خضناها  العام الماضي مع اكثر من مؤسسة مثلا جامعة البليدة في الجزائر انتجنا

مجلة مشتركة مختصة في العلوم السياسية والقانونية ومع المركز الدراسات   العربية الافريقية في بغداد نشرنا مجلة بشكل مشترك عن الدراسات العربية والافريقية وهذا ما شجعنا

نحو هذا المجال وسيكون أيضا هناك مجلات ليبية ستصدر عن دار البيان خلال نهاية العام الحال والعام القادم