بداية من الإثنين 17 ديسمبر 2018 تنطلق تظاهرة الرياض عاصمة  الإعلام العربي للعام 2018\2019  التي أقرها  مجلس وزراء الإعلام العرب في التاسع من مايو الماضي على أن تحتضن العاصمة الليبية طرابلس  ذات التظاهرة في العام  2019-2020. و "تبقى القدس عاصمة دائمة للإعلام العربي بالتوازي مع اختيار عاصمة عربية سنويا كعاصمة للإعلام العربي".

وطلب المجلس من اتحاد إذاعات الدول العربية التعاون والتنسيق مع وكالات الأنباء العربية والفضائيات العربية، لتوحيد البث الزمني المباشر لفعالية الاحتفال  بهذه الفعالية في إطار الاحتفال بالرياض كعاصمة للإعلام العربي.

وسيجمتع  وزراء الأعلام العرب ومسؤولو الجامعة العربية ونخبة من أبرز الأعلاميين والصحفيين والمثققين العرب في الرياض للمشاركة في إفتتاح التظاهرة التي إستعدت لها المملكة أفضل إستعداد ، كما ستطلق وزارة الإعلام السعودية الهوية الإعلامية اللفظية والبصرية الموحدة، من خلال شعار  "هوية الرياض" الذي يجمع بين العراقة والأصالة التاريخية، مستلهماً ملامحه من الطراز المعماري لقصر المصمك، وتعكس الرياض روح العاصمة العصرية التي تُسابق الزمن من خلال الخط المستخدم وعناصر الهوية التي تتسم بالديناميكية.

ويُجسّد الشعار أهمية مدينة الرياض في المنطقة العربية كعاصمة حافلة بالحراك الثقافي والتاريخي، وذلك في شكل مُكبّر الصوت الذي يظهر في الأحرف الأولى للشعار، ومنه يخرج حرف الضاد، حرف البلاغة العربية، ممثلا لصوت الإعلام العربي.

ويشير المراقبون الى أن إختيار الرياض كأول عاصمة للإعلام العربي يعتبر تأكيدا على دور المملكة الكبير والرائد في هذا المجال ، وكذلك على أهمية الدور الذي يتولى إعلامها القيام به على الصعيدين الإقليمي الدولي ، إضافة الى الإمكانات البشرية والمادية واللوجيستية التي توفرها ضمن إستراتيجية جديدة ذات أهداف محددة تنطلق من رؤية 2030 ، ومن السعي الدؤوب لمواجهة مختلف التحديات في ظل واقع دولي إنفلتت فيه المعايير ، وتحول فيه الإعلام لدى البعض الى أداة إجرام متعمد ، من خلال تزوير الوقائع وتزييف الحقائق وترويج الأخبار الكاذبة بعد فبركتها في الغرف السوداء ، والتلاعب بأمن الدول ووحدة المجتمعات وإستقرار الشعوب 

وكان  وزير الإعلام السعودي  الدكتور عواد بن صالح العواد  أكد أن أن العمل الإعلامي  في بلاده في الوقت الحاضر قد تغيّر كثيراً، وبذلك عملت الوزارة على وضع خطة منسجمة مع معايير إعلام اليوم. وأضاف أن الوزارة تتعامل مع منجزات الدولة، وتتواصل مع كافة المؤسسات، وتضع لكل مناسبة خطة إعلامية مفصلة، ودلل على ذلك  بالنجاح الذي شهدته تغطية مناسك الحج، واحتفال المملكة باليوم الوطني، وتغطية حفل إطلاق قطار الحرمين السريع، مبيناً أن التغطيات كانت بوسائل متعددة ولغات مختلفة على مستوى العالم.

وإعتبر خلال "لقاء الإعلاميين والإعلاميات 2018" بغرفة الشرقية  أن من أهم المشاريع التي حرص على إنجازها، إنشاء مركز للتواصل الإعلامي الحكومي، بغرض وضع خطة إعلامية تغطي جميع الأحداث والمناسبات المحلية الخاصة بمختلف الجهات الحكومية،كما إن الوزارة أنشأت مركز التواصل الدولي الذي يعنى بمخاطبة العالم بثلاث لغات (الإنجليزية، والألمانية، الفرنسية) وقريبا الروسية، من خلال افتتاح مكاتب للتواصل في تلك الدول، موضحاً أن هذه الخطوة جاءت نتيجة اكتشاف نقاط ضعف في التواصل مع الإعلام العالمي، مما نتج عنه زيادة في مستوى التعامل السلبي من قبل بعض وسائل الإعلام مع الأحداث في المملكة ،وكشف عن مشروع تنفذه الوزارة مع الدوائر الحكومية لتدريب المتحدثين الرسميين، بهدف مساعدة الوزارة لتلك الجهات في تقديم المحتوى للمتلقي عن الإنجازات والخدمات والتسهيلات، وإيضاح وجهة النظر حيال بعض الملاحظات التي تستحق المعالجة والنقاش، معرباً عن أمله في تحقيق مزيد من الشراكات مع المؤسسات الحكومية والأهلية على حد سواء،مؤكدا أن الوزارة تضع اللمسات الأخيرة على الاستراتيجية الإعلامية بعد انفصال الثقافة عن الوزارة، لافتاً إلى أن المملكة اختارت أن تكون دولة محورية في العالم، وأن هذا الأمر يتطلب عملاً إعلامياً كبيراً داعماً لهذا التوجه التي تسير عليه الدولة وفق رؤية 2030.

وأضاف وزير الإعلام السعودي أن الوزارة بصدد التحوّل الرقمي ضمن الاستراتيجية التي تعمل عليها بالتركيز على المحتوى، مبيناً أن المتلقي يبحث عن المحتوى ولا تهمّه الوسيلة، فقد يأتي المحتوى من خلال جريدة أو من خلال هاتف جوّال أو من خلال التلفاز، لذلك تعددت الوسائل ولا يمكن في ظل هذا التطور أن نبقى على أسلوبنا القديم. وأشار إلى أن الفضاء مفتوح، وقنوات التواصل ذات حضور فاعل ومؤثر على كافة أبناء المجتمع، مؤكدا أن الوزارة ستنشئ وكالة تهتم بالتحول الرقمي.

كما شدد  على أن الوزارة تعمل على تطوير الهيئات التي تخضع لإشرافها، مؤكداً الحرص على تطوير قنوات التلفزيون المحلية من خلال تطوير محتواها، وتقديم برامج درامية جاذبة للمشاهد، بحيث تكون القنوات لائقة بحمل اسم المملكة، وأشار إلى أن التطوير الذي شهده التلفزيون السعودي مؤخراً أسهم في  زيادة عدد المشاهدين بخلاف السنوات الماضية ،لافتا إلى وقوف الوزارة بقوة مع المؤسسات الصحفية لتجاوز الصعوبات التي تواجه القطاع عالمياً، وأنه يتوجب على المؤسسات أيضا المضي في خططها لإعادة الهيكلة والتحول الرقمي بما ينسجم مع معايير السوق الحالية.

ووفق المتابعين ، فإن التطور المهم الذي تسعى المملكة العربية السعودية الى تكريسه في إعلامها سينعكس بالإيجاب على الإعلام العربي عموما خصوصا وأن تظاهرة الرياض عاصمة للإعلام العربي ستوفر فرصة التلاقي والحوار وتلاقح الأفكار وتحديد أولويات العمل المشترك 

وقد  كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الإعلام  السعودية مدير عام مركزي التواصل الحكومي والدولي  الدكتور عبدالله المغلوث أن الأشهر القليلة المقبلة ستتضمن تنظيم عدة فعاليات ضمن برنامج فعاليات (الرياض عاصمة الإعلام العربي)، تشمل عدداً من المسارات كالذكاء الاصطناعي والصحافة والإذاعة والتلفزيون والعلاقات العامة، وتهدف جميعها إلى تطوير الأداء الإعلامي العربي، والارتقاء بقدرات ومهارات الإعلاميين العرب.

وأشار المغلوث أنه سيتم تدشين موقع إلكتروني خاص بهذه المناسبة، بالتزامن مع إطلاق عدة مشروعات ومبادرات إعلامية مستقبلية ستعلن عنها وزارة الإعلام، منها مشروعات رقمية نوعية ومنصات، وشراكات مع أقسام الإعلام في الجامعات والكليات، ومؤسسات إعلامية محلية وعربية ودولية، وورش عمل ودورات تدريبية.

في الأثناء ، ينتظر العاملون في قطاع الإعلام العربي ، أن تثمر تظاهرة الرياض عاصمة للإعلام العربي نتائج ملموسة من خلال الندوات الفكرية والأكاديمية والإجتماعات والأنشطة المختلفة التي ستصب في إتجاه توحيد الواقف وتحديد الأولويات ، ورص الصفوف بما يسمح بالتصدي لأخطار الأبواق المسمومة التي ما إنفكت تعمل على تخريب القيم العربية والإسلامية وإستهداف سيادة الدول والمس من رموزها وثوابتها ، و على دق إسفين بين الأشقاء ، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والقبلية والجهوية ، وخاصة من خلال القنوات الفضائية الضالة والجيوش الألكترونية التي تتحرك عبر المواقع وصفحات التواصل الإجتماعي بتمويل وتخطيط مباشر من قبل قطر وتركيا وإيران ومنظومة الإسلام السياسي المرتبطة بأجندات إقليمية ودولية وبمنظمات مشبوهة لم تعد تخفى عن أحد 

ويتزامن إفتتاح تظاهرة الرياض عاصمة للإعلام العربي مع جهود متواصلة لوزارة الإعلام السعودية بهدف التنسيق مع العواصم العربية ، لبناء حائط صد عربي ضد الإعلام المعادي الذي تقودها جهات معلومة ، ويدار من داخل غرف سوداء لا تستثني أي بلد أو شعب عربي من مؤامراتها وخططها الجهنمية ، وفي هذا السياق أكد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام  بجمهورية مصر العربية مكرم محمد أحمد، أن التنسيق بين الرياض والقاهرة  على مختلف الأصعدة أمر ضروري لحماية المصالح المشتركة والحفاظ على وحدة الموقف العربي والدفاع عن الأمن القومي، مشيرا الى أن هناك إتجاها للتنسيق الإعلام بين البدلين وبين الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ، مردفا : “لن نتنازل على أن يكون هناك حوار بيننا لأن مصالحنا مشتركة، والأحداث على المسرح العالمي تحتم علينا أن نشد النواجز على وحدتنا وأمننا القومي”.

من جانبه، قال عبد الله بن فهد الحسين رئيس هيئة وكالة الأنباء السعودية، إن الوفد الإعلامي السعودي  الذي زار القاهرة مؤخرا حريص على نجاح اللقاء بين الطرفين فيما يتعلق بتنسيق العمل الإعلامي بين الجانبين بما يخدم مصالحهما المشتركة وقضايا العالم العربي.

ويرى محمد أحمد الصالحين الهوني رئيس تحرير صحيفة « العرب » الدولية ، أن التنسيق بين الدول العربية في المجال الإعلامي بات أكثر من ضروري ، وأن المملكة العربية السعودية تعمل في هذا الإتجاه وما إحتضانها لتظاهرة الرياض عاصمة الإعلام العربي إلا خير دليل على هذا التوجه الإستراتيجي المهم ، نظرا لأهمية هذا القطاع في تشكيل الرأي العام ، وفي تقريب المسافات بين الشعوب ، وتحديد ملامح المستقبل ، وكذلك في التصدي للحروب المعلنة ضد العرب والمسلمين ، وهي حروب للأسف تدار من قبل أنظمة إختارت أن تشذ عن قاعدة العمل العربي المشترك وأن تنحاز الى مشروع الفوضى المدمرة التي أثارت الفتن وبثت الفوضى 

ويضيف الهوني في تصريحات ل« بوابة افريقيا الإخبارية » أن الإعلام العربي مطالب اليوم بأن يكون في مستوى التحديات المفروضة على الأمة ، نظرا لأهمية ومركزية دوره في كافة المجالات والميادين مثل السياسة والإقتصاد والإستثمار والأمن والثقافة والرياضة والتربية والتعليم والصحة والتنمية والزراعة  والإستشراف ، غير أن الأنيّ العاجل يتطلب من الإعلام أن يكون في مقدمة القوى المواجهة لخطر الإرهاب والتطرف ، والكاشفة للمؤامرات التي تحددها أجندات اللاعبين الدوليين من وراء البحار ،وهي مؤامرات تستهدف الجميع وخاصة الدول الكبرى ذات الثقل السياسي والإقتصادي والثقافي مثل السعودية ومصر 

وقال الإعلامي التونسي منذر ثابت ل« بوابة إفريقيا الإخبارية » أن الرياض كعاصمة للإعلام  العربي للعام 2018\ 2019 ستكون نبراسا يضيء مسالك هذا القطاع ، خصوصا وأن للمملكة قوة إعلامية ضاربة قادرة على قيادة المرحلة في ظل متطلبات الضرورة لمواجهة الخطر الداهم على المنطقة بأسرها عبر أدوات الجيل الثالث من الحروب ، وفي مقدمتها المعلومة التي أضحت  في جانب كبير منها للأسف خاضعة لمقاييس عدة بعيدا عن الموضوعية ،وهو ما نراه في الإعلام الممول سواء من تحالف الشر في المنطقة وعلى صعيد العالم 

وتابع ثابت أن المطلوب حاليا هو التخطيط لإستراتيجا إعلامية موحدة ، قادرة على إختراق غرف الظلام ، والتأسيس لأفق إعلامي عربي يدافع عن أسس الدولة الوطنية ووحدة الشب والمجتمع ، وينشر قيم السلام والمحبة والتعايش والتسامح بين الأفراد والجماعات ، ويقود الى مشروع عربي حضاري يقنع العقل ويثري الوجدان وينشر الأمل ويحبط المفاهيم الخاطئة والأفكار الشريرة 

ووفق أغلب المحللين ، فإن مفهوم الإعلام ذاته بات في خطر ، على صعيد العالم بأسره ، بعد أن أصبحت مؤسساته عرضة للإختراق ، وضمائر بعض صانعيه تباع في أسواق النخاسة بثمن بخس ، وكذلك نتيجة سيطرة اللوبيات على جلّ أدواته ، وهو ما يدعو الى إنتهاج مسلك عربي يقوم على ميثاق شرف موحّد  تتبناه الجامعة العربية ، ويعزز القدرة على مخاطبة العالم بحقيقة ما يدور في المنطقة ، وبعدالة القضايا العربية سواء تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية أو بالأطماع الإقليمية وفي مقدمتها الخطر الإيراني والتدخل التركي أو بالإرهاب ومموليه وداعميه الرئيسيين أو بالحرب الإعلامية المسلطة على الدول العربية ورموزها وثوابتها الحضرية والثقافية