مع اندلاع الأزمة الليبية في العام 2011، سارعت الأمم المتحدة للتدخل منذ البداية لحل النزاع الدائر في البلاد. ففي سبتمبر/أيلول من نفس العام، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الذي حمل رقم 2009 والذي نص على إنشاء بعثة للدعم في ليبيا، وإقرار أن تفويض تلك اللجنة هو مساعدة الليبيين في استعادة الأمن العام والنظام، وتحسين دور القانون، وتشجيع المصالحة الوطنية، وتوسيع سلطة الدولة، واستعادة الخدمات العامة، وحماية حقوق الإنسان وتحسينها، واتخاذ الخطوات اللازمة لتعافي الوضع الاقتصادي.
ففي مختلف محطات عملها،فشلت البعثة الأممية في إقناع أطراف النزاع في ليبيا بالتوصل إلى اتفاق سلام، وتعرضت لانتقادات كبيرة بسبب محاولة فرض أسماء للحكومة وللمجلس الرئاسي دون تشاور كافٍ مع كل الأطراف الليبية. فى الوقت الذى مارس فيه المنتظم الدولى كافة الضغوطات، وصلت حد التهديد بفرض عقوبات على الأطراف غير الملتزمة بما فيها.
سنوات تسع من التوصيات والاقتراحات والاجتماعات التي ارتبطت بالبعثة بتتابع شخصياتها، تضاهي أكبر الأوحال التي عاشتها الدول في العصر الحديث.
هذه المبادرات لم تفرز نتائج مأمولة بسبب عجز المبعوثين عن تحريك الملف الليبي بكل تعقيداته،فمبعوثي الأمم المتحدة إلى ليبيا لا يصمدون كثيرا فى أداء المهمة المكلفين بها، وهى العمل مع الأطراف الليبية، والقوى الإقليمية، والقوى الدولية على التوصل إلى تسوية سلمية.
إذ توافد على ليبيا 7 مبعوثين أمميين، منذ إسقاط نظام العقيد القذافي، في محاولات متتالية لإيجاد سبيل يخرج البلاد من حالة الاقتتال والانقسام إلى تسوية عادلة تسهم في إعادة الاستقرار إلى البلد الغني بالنفط، وتعيد ترتيب الأمور.
فمع إستمرار خروقات وقف إطلاق النار وتبادل الاتهامات بين الجيش الوطنى بقيادة المشير خليفة حفتر وحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وازداد الأمر سوءا بالتدخل العسكري التركي ونقل المقاتلين من سوريا إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق.
أمام هذا الوضع لم يجد سلامة من سبيلا إلا أن يتقدم باستقالته لأمين عام الأمم المتحدة موضحا إنها لأسباب صحية فلم يعد قادرا على الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة. وباستقالته خلا منصب مبعوث الأمم المتحدة للأزمة الليبية للمرة السادسة على مدى نحو تسع سنوات.
في الثاني عشر من مارس الماضي،أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس  تعيين الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز ممثلة للأمم المتحدة بالوكالة ورئيسة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وتشغل ويليامز منصب نائب رئيس البعثة الأممية في ليبيا منذ أوت 2018، وشاركت غسان سلامة في جهود صياغة حلول سلمية للأزمة الليبية، آخرها إشرافها على المسار الاقتصادي، أحد مسارات الحل الثلاثة التي طرحها المبعوث الأممي المستقيل، والذي انعقدت أولى جلساته في القاهرة في فيفري الماضي.
وعملت ويليامز أيضا في مناصب دبلوماسية عدة في البعثات الأميركية في العراق والأردن والبحرين والإمارات والكويت وباكستان. وتزامن وصول ويليامز لسدة البعثة في ليبيا مع مواصلة تركيا إرسال مزيد من المسلحين وعجز مالي بسبب إقفال تصدير الخام الليبي.
إلى ذلك،أعلن دبلوماسيون أن مجلس الأمن الدولي وافق الجمعة على تعيين الدبلوماسي السلوفاكي المخضرم يان كوبيش مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا وذلك بعد نحو عام من استقالة المبعوث السابق.
ورشح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كوبيش لخلافة غسان سلامة الذي استقال في مارس 2020 بسبب الإجهاد، وتولت ستيفاني وليامز نائبة سلامة مهام القائم بأعمال المبعوث الدولي إلى ليبيا.
وكان كوبيش وزيرا للخارجية في سلوفاكيا، ويشغل حاليا منصب منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان، كما عمل قبل مبعوثا للأمم المتحدة إلى أفغانستان والعراق.
ويأتي تعيين كوبيش بعد أن وافق مجلس الأمن الشهر الماضي على خطة غوتيريش تعيين الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف مبعوثا في ليبيا، لكن ملادينوف أبلغ الأمين العام بعدها بأسبوع بأنه لن يتمكن من الاضطلاع بالمهمة "لأسباب شخصية وعائلية".
وجاء ذلك بعد خلافات بمجلس الأمن دامت شهورا بشأن مساعي الولايات المتحدة لتوزيع مهام المنصب على شخصين يتولى الأول مهمة الأمم المتحدة السياسية، بينما يركز مبعوث خاص على جهود الوساطة. ووافق مجلس الأمن في النهاية على الاقتراح في سبتمبر.
يرى مراقبون أن تتالي المبعوثين الأمميين  لم يؤدي للتسوية النهائية للازمة وإقرار الدستور الدائم وانجاز الانتخابات وتوحيد الجيش والأمن وبعث حكومة وحدة وطنية قد أصبح سهلا ، إذ لا يخفى على الجميع بان عقبات كبيرة وتحديات أكبر مازالت قائمة ضمنها إنجاح الترتيبات الأمنية في طرابلس ،خاصة في ظل تعكر الوضع الأمني ومعضلة انتشار السلاح ،فإلى حد اللحظة لا توجد رؤية وخطة لجمع السلاح وكل الأطراف تتحاشى الخوض في الأمر.