قبل أسبوع من بدء الكارثة، انطلقت تحذيرات الأرصاد العالمية وموقع طقس العرب بحدوث عاصفة استوائية في البحر الأبيض المتوسط وتوقعوا أن تكون تأثيراتها على الساحل الليبي كارثية بسبب خصائص هذه العواصف النادرة الحدوث بالبحر الأبيض المتوسط والمنطقة.
قبل يومين من حدوث الكارثة حذّرت السلطات الليبية المواطنين وعلقت الدراسة ودعت إلى الحيطة والحذر وشكلت غرف طوارىء مضيّقة كان يجب أن يتم تشكيلها قبل أسبوع. مساء يوم الأحد 10 سبتمبر 2023، ناشدت مديرية أمن درنة سكان المناطق الساحلية والأودية ترك منازلهم وعدم ترك متعلقات ثمينة وسخرت بعض المدارس للإحتواء.

صباح يوم الاثنين، صباح الكارثة، هدّدت شدة الإعصار سدود المنطقة، لكن وزارة الري نفت تعرض سد وادي درنة لأي انهيار، لدمّره الإعصار تماما بعد ساعات قليلة وكذلك السد الكبير اللذين يحميان المدينة من السيول. هنا  انطلقت المياه بسرعة هائلة عبر الأودية والمنحدرات، حيث اندمج البحر المتوسط بالسيول ومع قوة العاصفة ومخزون السدود الذي أضهرت عديد التسريبات من خبراء أنها كانت في حاجة لصيانة وتنفيس لكن ذلك لم يحدث، لمسافة 15 كيلومترا تقريبا، فمرت بوسط المدينة لتحدث دمارا هائلا في معظم أحيائها.
دقائق قليلة بعد بدء الكارثة، تدخل مدينة درنة في عزلة تامة وتنقطع كل الاتصالات وتتخبط السلطات في إجراءات كانت من الممكن أن تكون قبليّة واستباقية خاصّة في ظل الإنقسام المتواصل المؤسساتي المتواصل في البلاد منذ 2011.


بسرعة جنونية اجتاحت السيول المدينة ودمّرت ربعها، ليعلن عندها المجلس البلدي في درنة عن خروج المدينة بالكامل عن السيطرة وسط انقطاع وانهيار كامل للخدمات، ودعا الى تدخل دولي عاجل لإنقاذ المدينة المنكوبة جراء السيول والأمطار، خاصة مع تعثر المجهودات المحلية.
أكّد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي  بوجود أوجه قصور مستدركا "لكن هذه المرة الأولى التي نواجه فيها هذا المستوى من الكوارث". وأوضح المسماري أنه "لم تتم دراسة الأحوال الجوية بشكل جيد، ومنسوب مياه البحر وهطول الأمطار، وسرعة الرياح، ولم يكن هناك إجلاء للعائلات المقيمة في مسار العاصفة وفي الوديان."
وأضاف  في تصريحات إعلامية "ليبيا لم تكن مستعدة لكارثة كهذه، ولم تشهد هذا المستوى من الكارثة من قبل."
من جانبه أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مساء اليوم الثلاثاء، أن عددا كبيرا من الجثث جرفتها السيول في البحر، مؤكدا مواجهة مشاكل في كيفية انتشالها، ومطالبا بفرق مختصّة في الإنقاذ والبحث. وقال الدبيبة: "لا نحتاج أي طعام أو أدوية، بل نحتاج إلى فرق مختصة في الإنقاذ والبحث"، مضيفا: "لدينا عدد كبير من الجثث جرفتها السيول في البحر، ولدينا مشكلة في كيفية انتشالها".

من جانبه، قال المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر طارق رمضان للصحافيين في جنيف اليوم الثلاثاء "لا نملك أرقاما نهائية" لعدد القتلى حاليا لكنه أوضح أن "حصيلة القتلى ضخمة وقد تصل إلى الآلاف" فيما أكد أن "عدد المفقودين وصل إلى نحو 10 آلاف شخص".
وقال وزير الصحة في الحكومة الليبية عثمان عبد الجليل مساء الاثنين "الأوضاع في درنة تزداد مأساوية ولا توجد إحصاءات نهائية لأعداد الضحايا.. هناك كثير من الأحياء لم نتمكن من الوصول إليها وأتوقع ارتفاع عدد الوفيات إلى 10 آلاف" وأضاف "نطالب الدول الصديقة بالمساعدة في إنقاذ ما تبقى بمدينة درنة ومناطق الجبل".
في ظل تضارب الإحصائيات فإن الوضع في درنة حسب شهود عيان وحسب الفيديوهات المنتشرة على وسائل التواصل الإجتماعي، وحسب الهلال الأحمر ومركز الطوارىء والحماية المدنية والتصريحات الرسمية، كارثي وحصيلة الضحايا ستكون صادمة.