أكد المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط عودة الملف الليبي للتداول بقوة من قبل العواصم الغربية وفي مقدمتهم واشنطن، بعد فشلهم في الحفاظ على مواقع في مستعمراتهم القديمة في إفريقيا.

وبين المركز الأوروبي أن أوساط ليبية تشير إلى أن تحركات الدول الغربية هذه الأيام تهدف بالأساس إلى محاصرة الدور الروسي والتركي بالإضافة إلى قطع الطريق أمام أيّ خطوات للحل السياسي في ليبيا.

واستند المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط إلى تقارير إعلامية غربية كشفت أن باريس تستعد لاستضافة قمة أمنية مصغرة تركز على ليبيا، بمشاركة ممثلي بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا، ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الأمني في غضون أيام برئاسة بول سولير المستشار والمبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ليبيا، بحضور مسؤولين كبار من وزارات الخارجية والدفاع من بريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.

وبين المركز الأوروبي أن المشاركين في هذا اللقاء يسعون إلى طرح برنامج لنزع السلاح وإعادة الإدماج للجماعات المسلحة الليبية، بالجيش الليبي، وتحاول فرنسا الدفع بخطة لتشكيل وحدات مشتركة لتأمين الحدود مع رئيسي الأركان العامة في الشرق والغرب بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بالإضافة إلى رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكوين قوات مشتركة من غرب وشرق ليبيا تحت إشراف لجنة 5+5، وذلك لاستعادة نفوذه الذي فقده في إفريقيا بصورة عامة وليبيا بصفة خاصة.

وقال المركز الأوروبي أنه بغض النظر عن كل هذه الأهداف إلا أن الخبراء والمحللين للمشهد السياسي الليبي يرون أن اللقاء الذي طرحته فرنسا يأتي بضوء أخضر من واشنطن، حيث أن الخطة الفرنسية تتماشى مع الأجندات الأمريكية في المنطقة، عبر زيادة نفوذ مرتزقة شركة "أمينتوم" الأمريكية العسكرية التي تشرف على تدريب الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، بهدف دمج هذه العناصر في جيش موحد، بالإضافة إلى سعي الدول الغربية إجبار القوات الروسية والتركية على الانسحاب من ليبيا، وإستبدالهم بقوات أمريكية للسيطرة على موانئ وقواعد عسكرية في البلاد، وهذا ما دفع مسؤولاً تركياً سابقاً للتصريح بأن "أمريكا تسعى لطرد القوات التركية وذلك للسيطرة على مواقع القوات التركية في ليبيا".

وأكدت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، أن هذه القمة تبحث أمورا تتعلق بمصلحة الدول الغربية وأمريكا، دون مراعاة مصالح ليبيا، وذلك من خلال عدم دعوة أي جهة ليبية لحضور الاجتماع المزمع عقده، إضافة إلى أن هذه القمة تحاول إبعاد أي دولة قد تحاول تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المتخاصمة، مؤكدة إقحام ليبيا في الصراعات الدولية على النفوذ العسكري والجيوسياسي والاقتصادي، مما سيزيد من حجم الأزمة الداخلية والخارجية للبلاد.

ولفت المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط إلى انتشار بعض الأنباء التي تشير إلى أن تمويل خطط الدول الغربية لتشكيل وحدة عسكرية مشتركة سيتم من ثروات الشعب الليبي المجمدة في الخارج. 

وأضاف المركز الأوروبي أن محاولة الاستحواذ على الأصول الليبية قضية تكررت خلال الأعوام الأخيرة من حكومات غربية وبنوك وشركات تجارية للاستحواذ على أصول وأموال مجمدة تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، مودعة في البنوك الغربية أو مستثمرة كأسهم وسندات في الشركات الأوروبية.

وشدد المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط على أن لقاء باريس يأتي في ظل استمرار التعقيدات في ليبيا، بعد فشل إجراء الانتخابات الرئاسية وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، بالإضافة إلى فشل حكومة عبدالحميد الدبيبة في الإيفاء بوعودها، سواء المتعلقة بإخلاء العاصمة طرابلس من الجماعات المسلحة أو بإعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي المشترك مع تونس والمغلق منذ 19 مارس الماضي، بالإضافة إلى تحكم واشنطن بسير العملية السياسية، خصوصًا مع استلام المواطنة الأمريكية ستيفاني خوري لأعمال المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، الذي استقال بشكل مفاجئ ومثير للريبة والشك.