أعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي إطلاق عملية إيريني ,والتي تعني باللغة اليونانية السلام, وهي مهمة بحرية جديدة في البحر الأبيض المتوسط تهدف، كما يقول مطلقوها، إلى مراقبة تطبيق قرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، على الرغم من استثنائها مراقبة الحدود البرية الشرقية والجنوبية للبلاد.
وإعتبر وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس،الاتفاق على عملية الاتحاد الأوروبي الجديدة لتنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا "خطوة مهمة في جهودنا لوقف تدفقات الأسلحة والمقاتلين من الخارج إلى طرفي النزاع في ليبيا، ومن ثم تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر برلين بشأن ليبيا. تظهر أوروبا أنها قادرة على العمل حتى في وقت الأزمة عندما يتعلق الأمر باستقرار جيراننا"
وتم التخطيط للمهمة بداية لمدة عام واحد. ومن المزمع أن يكون لدى عملية "إيريني" وحدات في الجو وفي البحر. ومن المفترض ان تكون هذه الوحدات قادرة على تفتيش السفن المشتبه في امتلاكها أسلحة في البحر. ومن المزمع أيضاً أن تقدم صور الأقمار الصناعية مساعدة في هذا الخصوص– وهذا من شأنه منع تسليم الأسلحة إلى طرفي النزاع.
وقال الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن هذه العملية لن تحل الوضع في ليبيا، ولكنها “جزء من الحل” مشيرا إلى “أن الهدف الرئيسي من العملية هو تطبيق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، كما ستعمل وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. وتابع “الهدف هو وقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا والمساهمة في هدنة قابلة للحياة.
بدوره أشار المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو إلى تشكيل مجموعة عمل تسعى لوضع اللمسات الأخيرة على المهمة من ناحية مساهمات الدول وآليات التشغيل، مشددا على أن «إيريني» ستضطلع أساساً بمهمة مراقبة تنفيذ القرار الأممي بالإضافة إلى مهام أخرى ثانوية لا يشكل البحث والإنقاذ في المتوسط جزءاً منها.
وقوبل إطلاق عملية إيريني بردود فعل متباينة من الأطراف الليبية،ففي شرق البلاد، أشادت وزارة الخارجية والتعاون بالحكومة الليبية، بالجهود التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا ومنع تدفقها بطرق غير مشروعه للمجموعات المسلحة والإرهابية.
‎وأكدت الوزارة، أن هناك دول خاصةً تركيا لاتزال تخترق قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا وتزويد الميلشيات المسلحة والإرهابية بمختلف أنواع الأسلحة وكذلك استخدامها المطارات والموانئ الليبية غربي البلاد.مطالبة في بيان لها بتفعيل قرارات مجلس الأمن بشأن منع تهريب البشر.
وأكدت الوزارة، أنها ستتابع مع الدول الفاعلة القرارات الدولية الصادرة بشأن فرض عقوبات على الأفراد والكيانات الداعمة للإرهاب.‎كما أكدت الخارجية، انها ستواصل مساعيها من أجل إدانة وإيقاف التدخل التركي في ليبيا بحجة توقيعهم اتفاقية باطلة مع حكومة السراج.وأعلنت وزارة الخارجية أنها ستواصل العمل على رفع الحظر عن القوات المسلحة الليبية ومنحها حق الحصول على الأسلحة بالطرق المشروعة للدفاع عن الشعب الليبي وحمايته.


وكان الجيش الليبي أعلن ترحيبه بقرار الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية "إيريني" لمنع توريد السلاح إلى ليبيا.ونقلت وكالة "سبوتنيك" عن مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، العميد خالد المحجوب،قوله أن "الحظر يعتبر مسألة مهمة، لأنه يمس الأمن القومي ليس الليبي فقط، بل الدولي، دول الاتحاد الأوروبي من خلال رصدهم لتصريحات أرودغان وصول مهاجرين من البحر لأوروبا، هذه القضية خطيرة للاتحاد، فمع سيطرة المليشيات قد ينتقل المرتزقة لدول أوروبية وإن نجحوا في هذا الأمر سوف يكون خطير جدًا على هذه الدول".
الترحيب في شرق البلاد شابته تساؤلات حول مدى نجاح العملية،حيث قال عضو مجلس النواب سعيد امغيب في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية،"لا نعلم هل الاتحاد الأوروبي جاد فعلا وانه سيتم من خلال هذه العملية منع وصول الأسلحة والذخائر والمرتزقة الإرهابيين إلى المليشيات أم هي مجرد عملية مراقبة تحتاج إلى اتخاذ قرارات بعد فوات الأوان"،معربا عن تمنياته "أن تكون هناك إرادة أوروبية حقيقية في البحر المتوسط  لمنع وصول الأسلحة للإرهابين ومنع وصول المرتزقة من سوريا عن طريق تركيا.
وفي المقابل،كان الرفض سيد الموقف في غرب البلاد،حيث أبدت حكومة الوفاق تحفظها عن العملية،وقال رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج،في لقاء مع وكالة "سبوتنيك" الروسية: "بالفعل لدينا تحفظ على شكل العملية لعدم تضمين المراقبة الجوية والبرية ضمن قرار الاتحاد الأوروبي، وتجاهل الرقابة على عمليات تسليح الطرف الآخر الذي يستلم إلى الآن وعلى نحو منتظم شحنات أسلحة عبر طائرات تحط في قاعدة الخادم قرب مدينة المرج شرقي البلاد، إضافة إلى الحدود البرية".حسب تعبيره.
وكان وزير خارجية حكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة،قال في رسالة لمجلس الأمن، إن:"من حق حكومة الوفاق المشروع الدفاع عن ليبيا وأرضها وحماية مواطنيها بما يتطلبه ذلك من تحالفات علنية وفق القوانين الدولية وعبر القنوات الشفافة" على حد قوله.
وأضاف أن “خطة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر توريد الأسلحة لليبيا غير كافية ولم يتم التشاور حولها مع حكومة الوفاق كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2292 في مادته الثالثة، وأن هذه الخطة تغفل مراقبة الجو والحدود البرية الشرقية لليبيا والتي تؤكد التقارير الأممية وغيرها تدفق السلاح والعتاد عبرها لدعم القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة  حفتر” على حد تعبيره.
أما أعضاء مجلس النواب المنشقون في طرابلس،فقد إستنكروا عملية “إيريني”، واصفين إياها بأنها “خرق” لأحكام القانون الدولي و”مصادرة” لحق الدولة الليبية في ممارسة سيادتها وحقها في إبرام الاتفاقيات الدولية، وأشاروا في بيان إلى أن الاتحاد الأوروبي ليس له أي سلطة على سيادة الدول خارج نطاقه، معتبرين أن الإجراء “يمس بسيادة الدولة الليبية” ممثلة في حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، و”يصادر” حقها في الدفاع عن نفسها، ويعد تدخلا في إدارة سياستها.
وأبدى مجلس الدولة قلقه بشأن ما وصفه بالغموض الذي يكتنف عملية “إيريني” التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمراقبة تنفيذ حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، داعيا “المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى الاضطلاع بدوره في المطالبة بتفسير واضح لهذه العملية والاحتجاج لدى الاتحاد الأوروبي على ما يمارسه من معايير انتقائية، تعطي مؤشرات على الانحياز لصالح خليفة حفتر”، وفق تعبيره.
وعبرت قيادات تيار الاسلام السياسي المسيطرة على طرابلس عن رفضها للعملية الأوروبية،حيث ندد رئيس حزب التنمية والبناء، الذراع السياسية لجماع الإخوان في ليبيا محمد صوان، بالعملية، زاعما أنها جاءت في الوقت الذي حققت فيه الميليشيات تقدما على حساب الجيش، في محاولة منه للتغطية على الخسائر الفادحة التي تكبدتها الجماعات المسلحة المدعومة بمرتزقة أردوغان خلال الأيام الماضية.
وبدوره وصف منصور الحصادي، عضو مجلس الدولة الاستشاري، العملية بـ"المشبوهة" على حد تعبيره، قائلا إن "أقل ما يقال عن عملية إيريني هو أنها مشبوهة، وأتت في توقيت مشبوه، والغرض منها هو التضييق على حكومة الوفاق ومنع وصول المساعدات إليها، بالمقابل المجال الجوي والبري والبحري مفتوح في شرق ليبيا لإمداد حفتر من قبل الدول" على حد زعمه.
ويأتي هذا الرفض في غرب البلاد للعملية الأوروبية الرامية لمنع توريد الأسلحة إلى ليبيا بسبب ارتباط حكومة الوفاق وحلفائها بتركيا التي تعتبر الداعم الأكبر للمليشيات عبر السلاح والمرتزقة.ويخشى تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" المسيطرة على حكومة الوفاق وأمراء الحرب في طرابلس ومصراتة،من أن تعرقل العملية "ايريني" عمليات الدعم التركي بالسلاح والمرتزقة، أو ستجعله على الأقل تحت الضوء الأممي.


وتحاول أنقرة تحدي قرارات المجتمع الدولي حيث قامت بارجة عسكرية تركية الخميس الماضي بالاقتراب من ساحل مدينة زوارة، في أقصى الغرب الليبي، وإطلاق صاروخين في قصف عشوائي سقطا في مناطق خالية من العمران، وهو ما اعتبره الجيش الليبي تعديا مباشرا على بلاده، ونذر إنزال بحري في غرب البلاد.
وأكد الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري أن إطلاق بارجة تركية صواريخ من عرض البحر على منطقة العجيلات تطور خطير في العمليات العسكرية الجارية في غرب البلاد، وهو استمرار لتدخل البحرية التركية في غزو ليبيا عسكريا، مشيرا إلى أن البوارج التركية كانت في السابق ترافق سفن شحن تقل أسلحة ومعدات عسكرية وإرهابيين ومرتزقة سوريين إلى ليبيا.
وتحاول تركيا بشتى الطرق دعم حلفائها في طرابلس في ظظل التقدم الكبير الذي بات يحرزه الجيش الوطني الليبي مقابل الخسائر الميدانية المتواصلة لقوات الوفاق التي كان آخرها مقُتل41 عنصراً من عناصرها بعد أن صدت الوحدات العسكرية بالكتيبة 128 مُشاة التابعة للجيش الليبي هجوما لقوات الوفاق بمحور وادي الربيع وجزء من محور المشروع،بحسب عمليات الإعلام الحربي.


وأعلنت قوات الجيش الوطنى الليبي، السبت، إسقاط 3 طائرات تركية مسيرة أقلعت من مطار مصراتة وحاولت استهداف تمركزات الوحدات العسكرية بمنطقة الوشكة شرق مدينة مصراتة.وأكد الجيش الليبي أن سلاح الجو استهدف تمركزات ومواقع الميليشيات المسلحة شرق مصراتة.جاء ذلك بالتزامن مع قصف نفذه سلاح الجو التابع للجيش الليبي على مطار زوارة الواقع غرب العاصمة طرابلس بالقرب من الحدود التونسية، والخاضع لسيطرة حكومة الوفاق.
ومنذ نحو أسبوعين تشهد محاور القتال بجنوب العاصمة وجنوب مدينة مصراتة وغرب سرت، معارك طاحنة هي الأعنف منذ الإعلان عن بداية الهدنة بين قوات الجيش الليبي وقوات الوفاق، استخدمت فيها المدفعية الثقيلة والطيران الحربي والمسير، وأسفرت عن تحقيق الجيش تقدما نحو وسط العاصمة طرابلس وسيطرته على مناطق استراتيجية قريبة من الحدود التونسية.
وتتصاعد الأصوات محليا ودوليا منذ أيام من أجل الوقف الفوري لاطلاق النار في ليبيا بهدف مواجهة جائحة "كورونا" التي باتت تمثل خطرا كبيرا يتهدد ليبيا في ظل نظام صحي متردي.وبالرغم من أن الجيش الليبي قد وافق على الهدنة فقد واصلت قوات الوفاق هجماتها ومثل الهجوم على قاعدة الوطية تحت مسمى "عاصفة السلام" دليلا على خرقها لتعهداتها.ويشير مراقبون أن انهاء سطوة المليشيات في طرابلس يمثل ضرورة قصوى من أجل استعادة ؤسسات الدولة واعادة البناء.