تلقى الليبيون خبر فوز جو بادين بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بتفاؤل كبير فالرئيس الأمريكي المنتخب معروف بموقفه المعارض لقصف بلادهم في عام 2011، وما تتبعه من سقوط البلاد في دوامة من الحرب والصراع. إلا أن هذا التفاؤل ربما قد انتهى زمانه فمع الإعلان عن اسماء المراشحين لشغل المناصب القيايدية في الإدارة الأمريكية الجديدة ظهرت العديد من الاسماء التي تتبنى مواقف متشددة تجاه ليبيا والشرق الأوسط بأكمله. 

ميشيل فلورنوي 

بعد الإعلان عن نية الرئيس المنتخب جو بايدن ترشيحه ميشيل فلورنوي لشغل منصب وزير الدفاع نشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية تقريرا بعنوان " ميشيل فلورنوي ستقوض أفضل خطط بايدن لوزارة لدفاع".

ولعبت فلورنوي دورًا رئيسيًا في إقناع الرئيس باراك أوباما بالتدخل في ليبيا في عام 2011 وهو القرار الذي عارضه بايدن.

وقالت الصحيفة قد يصنع الرئيس المنتخب جو بايدن التاريخ باختياره ميشيل فلورنوي لتكون أول وزيرة دفاع ، مضيفة إذا اختارت بايدن فلورنوي  فمن غير المرجح أن تتخذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاتجاه الجديد الذي تحتاجه. في الواقع  إذا كان لسجلها أي مؤشر  فإنها ستقوض قدرة بايدن على الوفاء بوعده "بإنهاء الحروب التي تبدو مستمر إلى الأبد في أفغانستان والشرق الأوسط".

واتخذت فلورنوي موقفًا متشددًا بشأن كل صراع رئيسي في الشرق الأوسط في عهد أوباما غالبًا على العكس من بايدن. كانت مساندة دائمة لفكرة الهجوم الوقائي بشكل عام وعلى العراق بشكل خاص، وكانت تدفع نحو تبني سياسة عدوانية تجاه العراق -أكثر عدوانية مما يفضله بايدن- خلال إدارة أوباما. كما دعمت فلورنوي تدخلاً عسكريًا أمريكيًا أكبر بكثير في سوريا بهدف تغيير النظام. وقالت فلورنوي يجب أن تساعد واشنطن في الإطاحة بنظام بشار الأسد   من خلال تغيير "التوازن العسكري" حتى  تتمكن من "إقناع الأسد بأنه غير قادر على البقاء في السلطة". وبالمثل لعبت دورًا رئيسيًا في إقناع الرئيس أوباما آنذاك بالتدخل في ليبيا في عام 2011 وهو القرار الذي عارضه بايدن.

وحذر تحالف من الجماعات التقدمية المناهضة للحرب الرئيس المنتخب جو بايدن من اختيار ميشيل فلورنوي وزيرة دفاعه، ووصف التحالف علاقات مسؤولة البنتاجون السابقة بشركات الأسلحة وسجلها وتحديداً دعمها لزيادة القوات في أفغانستان وهجوم الناتو على ليبيا بغير المقبول، كما وصف فلورنوي بغير المؤهلة.

وقال تحالف الجماعات "نحث الرئيس المنتخب جو بايدن وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي على اختيار وزير دفاع غير مرتبط بتاريخ من الدفاع عن السياسات العسكرية العدوانية وخالٍ من العلاقات المالية مع صناعة الأسلحة".

وتابع التحالف "سجل فلورنوي يتضمن دعمًا أكيدًا للزيادة العسكرية الفاشلة والمأساوية في أفغانستان، ونشر قوات على الأرض في سوريا، والتدخل العسكري في ليبيا وكلها سياسات أدت إلى كوارث جيوسياسية ومعاناة إنسانية هائلة".  

نيرا تاندين

وإذا كنت تتصور أن فلورنوي هي الأكثر تشددا تجاه ليبيا في فريق ترامب فأنت مخطئ، فهناك نيرا تاندين المرشحة لمنصب مدير مكتب الإدارة والميزانية بوزانة الخزانة الامريكية.

وفي رسالة بريد إلكتروني أرسلتها تاندين في عام 2011 ونشرتها ويكيليكس قالت تاندين إنه يجب دفع ليبيا لدفع تكاليف حملة القصف التي ساعدت على الإطاحة بحكومة الرئيس الراحل معمر القذافي  والتي من شأنها أن تساعد في تحقيق التوازن في الميزانية المحلية للولايات المتحدة، وأضافت تاندين "لدينا عجز هائل ولديهم الكثير من النفط." "معظم الأميركيين سيختارون عدم الانخراط في العالم بسبب هذا العجز، إذا أردنا الاستمرار في الانخراط في العالم فإن إجراءات مثل دفع الدول الغنية بالنفط إلينا تعويضات جزئية لا تبدو مجنونة بالنسبة لي". 

تريد تاندين أن تدفع ليبيا ثمن القذائف والصواريخ التي قتل المدنيين ودمرت البنية التحتية ودفعت بالبلاد نحو دوامة من الصراع والحرب الأهلية المستمرة حتى الآن.

وأرسلت تلك الرسالة في 21 أكتوبر 2011، أي في اليوم التالي لقتل القذافي بوحشية على يد مسلحين في سرت بعد سبعة أشهر من حملة قصف لحلف شمال الأطلسي. أدت الإطاحة بالقذافي إلى تحويل ليبيا إلى دولة فاشلة وأدت إلى صعود الجماعات الإرهابية وتجارة الرقيق. كما ساعدت في تحفيز أزمة المهاجرين الأوروبية.

جاكوب سوليفان 

فور إعلان الرئيس المنتخب جو بايدن عن نيته ترشيح جاكوب سوليفان لمنصب مستشار الأمن القومي الأمريكي نشرت قناة فوكس نيوز تقريرا بعناون " مرشح بايدن لمنصب مستشار الأمن القومي أحد مهندسي قرار هيلاري كلينتون الكارثي بغزو ليبيا". 

وقالت القناة يبقى أن نرى ما إذا كان  كبير مستشاري هيلاري كلينتون السابق –سوليفان- الذي دافع عن تفكك ليبيا المشؤوم منذ ما يقرب من عقد من الزمان سيأخذ بعين الاعتبار تلك الدروس المستفادة.

وعمل سوليفان بشكل مقرب مع كلينتون في خطة ليبيا والتي تم تطويرها قبل أشهر من الإطاحة بالرئيس الراحل   معمر القذافي في أكتوبر 2011. وتبع ذلك بعد 11 شهرًا تقريبًا مقتل السفير كريس ستيفنز و 3 متعاقدين أمريكيين آخرين في بنغازي، لكن هذه المآسي ليست سوى جزء من المأزق الليبي

وتحت ستار أوباما ، كان سوليفان جزءًا من الفريق الحصري الذي يعمل على إعادة العلاقات مع كوبا وإبرام اتفاق إيران النووي لعام 2015. لكن ربما كان التأثير الأكبر لسوليفان في نطاق تأطير الأحداث العالمية قد جاء في وقت سابق عندما انضم إلى كلينتون كنائب لرئيس الموظفين ومدير تخطيط السياسات ، حيث لعب دورًا محوريًا في وضع السياسات عندما يتعلق الأمر ببورما وسوريا والأهم من ذلك ليبيا .

منذ تدخل عام 2011   تحولت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا الغنية بالنفط والتي كانت مزدهرة ذات يوم إلى دولة فاشلة وملاذ للإرهاب.

وقالت القناة "كانت حرب الولايات المتحدة في ليبيا خطأ يمكن التنبؤ به - خطأ رخيص للأمريكيين وكارثة مستهلكة لليبيين. ترك الإطاحة بالحكومة نقصًا في المؤسسات الوظيفية والسلطة المركزية وأدى في النهاية إلى نشوب حرب أهلية ثانية"، وأضافت "التحذيرات حول حماقة حرب تغيير النظام واحتمال حدوث اضطراب عنيف طويل الأمد جاءت من داخل وخارج وزارة الخارجية وتجاهلها قادتها".

تابس بلينكين 

أشارت العديد من التقارير إلى تخطيط الرئيس المنتخب جو بايدن  لترشيح أنطوني بلينكين مستشاره لفترة طويلة لمنصب وزير للخارجية، أثار الترشيح معارضة كبيرة نظرا لدعم بلينكين للغزو الأمريكي الكارثي للعراق عام 2003. وهجوم 2011 على ليبيا بالإضافة إلى عمله كاستشاري لشركات في صناعات التكنولوجيا والتمويل والأسلحة.

وعمل بلينكين كنائب لمستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية في إدارة أوباما، و قالت صحيفة واشنطن بوست  "وُصِف بأنه يتمتع بوجهة نظر وسطية للعالم" و "يدعم أيضًا التدخلات العسكرية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه "عارض ذات مرة بايدن ودعم العمل العسكري في ليبيا" في إشارة إلى قرار البيت الأبيض الكارثي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لقصف هذا البلد وهو تدخل مسلح ساعد على إطلاق حرب أهلية عنيفة لا تزال جارية إلى الآن.

وعندما يتعلق الأمر بالسياسة تجاه سوريا في عهد أوباما ورد أيضًا أن بلينكين قد دعم المزيد من الإجراءات العسكرية الصارمة ضد حكومة الرئيس بشار الأسد ، وأشار مؤخرًا إلى أن إدارة بايدن ستختار ترك القوات الأمريكية في البلد الذي مزقته الحرب.

وهنا نحن نتحدث عن أربعة مناصب رئيسية في الحكومة الأمريكية: وزير الدفاع، ووزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي، منصب كبير في وزارة الخزانة، ويتبين مما سبق أن أي آمال يضعها الليبيون على الإدارة الأمريكية الجديدة ستذهب أدراج الرياح.